موسوعة اللغة العربية

المَطْلَبُ الأوَّلُ: تَعْريفُ التَّوريةِ


التَّوريةُ في اللُّغةِ: مَصْدَرُ وَرَّى الشَّيءَ؛ إذا سَتَرَه وأظْهَرَ غيْرَه [394] ينظر: ((غريب الحديث)) للقاسم بن سلام (1/ 250)، ((تهذيب اللغة)) للأزهري (15/ 219). .
واصطلاحًا: "أنْ تكونَ الكَلمةُ لها مَعْنيان؛ مَعْنًى قَريبٌ ظاهِرٌ غيرُ مُرادٍ، ومَعْنًى آخَرُ بَعيدٌ هو المَقْصودُ، فيُوَرِّي المُتكلِّمُ عنه بالمَعْنى القَريبِ، فيَتوَهَّمه السَّامعُ مِن أوَّلِ وَهْلةٍ، ولذلك سُمِّي أيضًا بالإيهامِ".
فمنه قولُ عُمَرَ بنِ أبي رَبيعَةَ: الخفيف
أيُّها المُنْكِحُ الثُّريَّا سُهيلًا
عَمَركَ اللهُ كيف يَلتَقيانِ
هي شاميَّةٌ إذا ما اسْتقلَّتْ
وسُهيلٌ إذا اسْتقلَّ يَمانِي
فلِلثُّريَّا وسُهيلٍ مَعْنيانِ؛ المَعْنى القَريبُ الظَّاهِرُ أنَّهما النَّجمانِ المَعْروفانِ في السَّماءِ، والمَعْنى البَعيدُ المُرادُ هو: "ثُريَّا" اسمُ المَرأةِ الَّتي كان يَتغزَّلُ بها الشَّاعِرُ، و"سُهيلٌ" ذلك الرَّجلُ الَّذي زوَّجوه بها.
ومنه قولُ أبي العَلاءِ المَعَرِّيِّ: الطويل
إذا صدَق الجَدُّ افْتَرى العمُّ للفَتى
مَكارمَ لا تَخْفى وإنْ كذَّب الخالُ
فالظَّاهِرُ مِنَ البيتِ أنَّه يُريدُ بالجَدِّ والعَمِّ والخالِ أقاربَ المرْءِ، لكنَّ المَعْنى البَعيدَ المَقْصودَ هو أنَّه أرادَ بالجَدِّ: الحَظَّ، وبالعَمِّ: الجَماعةَ مِنَ النَّاسِ، وبالخالِ: المُخيِّلةَ، أيْ: إذا حسُنَ حظُّ الرَّجلِ ادَّعى له النَّاسُ مِنَ المَكارمِ والفَضائِلِ ما لا يُصدِّقُه عقْلٌ ولا يَتصوَّرُه خَيالٌ.
ومنه قولُه أيضًا: السريع
يا قومِ كم مِنْ عاتِقٍ عانِسٍ
مَمدوحةِ الأوْصافِ في الأنْدِيهْ
قَتلتُها لا أتَّقي وارِثًا
يَطلُبُ منِّي قَوَدًا أو دِيَهْ
فالمَعْنى القَريبُ مِنَ العاتِقِ العانِسِ: المَرأةُ الَّتي لم تَتزوَّجْ، لكنَّ المَعْنى البَعيدَ المُرادَ هو الخمْرُ، وقتْلُها: مَزْجُها [395] ينظر: ((البديع في نقد الشعر)) لأسامة بن منقذ (ص: 60)، ((نهاية الأرب في فنون الأدب)) للنويري (7/ 131). .

انظر أيضا: