موسوعة اللغة العربية

المَطْلَبُ الثَّاني: أقْسامُ المُطابَقةِ باعْتِبارِ حالِ الضِّدَّينِ


تَنقسِمُ المُطابَقةُ باعْتِبارِ حالِ الضِّدَّينِ إلى:
1- مُطابَقةِ الإيجابِ: وهُو ما صُرِّح فيها بإظْهارِ الضِّدَّينِ، أو: هي ما لم يَختلِفْ فيه الضِّدَّان إيجابًا وسَلْبًا.  ومنها قولُه تعالى: فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ [الفرقان: 70] ، فالمُطابَقةُ بَيْنَ السَّيِّئاتِ والحَسناتِ مُطابَقةٌ بالإيجابِ، وهُو أنَّ الكَلمتَين مُتضادَّتانِ في المَعْنى أبدًا.
2- مُطابقةِ السَّلْبِ: وهُو أنْ تَظهَرَ المُطابَقةُ بَيْنَ اللَّفظَتَينِ باسْتِخدامِ أداةِ النَّفيِ، فيكون أحدُ طَرَفيِ المطابَقةِ مُثبَتًا، والآخَرُ مَنفيًّا، كقَولِه تعالى: قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ [الزمر: 9] ؛ فبيْنَ: "يَعلَمون" و"لا يَعلَمون" مُطابَقةٌ بالسَّلبِ، وهِي النَّفيُ بأداةِ النَّفيِ (لا).
ومنه أيضًا قولُ امْرِئِ القيْسِ: الطويل
جزِعتُ ولم أجْزَعْ مِنَ البَيْنِ مَجزَعَا
وعَزَّيتُ قلبًا بالكَواكِبِ مُولَعا
فبيْنَ قولِه: "جزِعتُ" وقولِه: "لم أجزَعْ" مُطابَقةٌ بالسَّلبِ، وهِي اسْتِخدامُ الأداةِ (لم).
3- إيْهامِ التَّضادِّ: وهُو ما يُوهِمُ أنَّه تَضادٌّ، معَ أنَّه ليس كذلك، كقولِ الشَّاعِرِ: الكامل
يُبْدي وِشاحًا أبْيضًا مِنْ سَيْبِه
والجوُّ قد لبِسَ الوِشاحَ الأغْبَرا
فإنَّ كَلمةَ "الأغْبَر" قد تُوهِمُ أنَّها ضِدٌّ لكَلمةِ "الأبْيضِ" وليست كذلك. ومنه قولُ الشَّاعِرِ: البسيط
يَجزونَ مِن ظُلْمِ أهْلِ الظُّلمِ مَغفرةً
ومِن إساءَةِ أهْلِ السُّوءِ إحْسانا
فكَلمةُ "مَغفِرة" ليست ضِدًّا لكَلمةِ "ظُلْم" كما يُتوهَّمُ مِن سِياقِ الكَلامِ، وإنَّما هي ضِدُّ العدْلِ، إلَّا أنَّه لمَّا كانتِ المَغفرةُ قَريبةً مِنَ العدْلِ حَسُنتِ المُقابَلةُ بينَها وبينَ الظُّلمِ.
ومنه قولُ دِعْبِلٍ: الكامل
لا تَعْجَبي يا سَلْمَ مِن رَجُلٍ
ضَحِكَ المَشيبُ برأْسِه فبَكى
فإنَّ كَلمةَ "ضَحِك" هنا ليست ضِدَّ كَلمةِ "بكى"، وإنَّما ضحِكَ هنا بمَعْنى كثُرَ؛ ولِذلك يُوهِمُ اللَّفظُ المُطابَقةَ [373] ينظر: ((علم البديع)) لعبد العزيز عتيق (ص: 79). .

انظر أيضا: