موسوعة اللغة العربية

المَبْحَثُ الأوَّلُ: تَعريفُ المَجازِ المُرسَلِ


سبَق أنْ ذكَرنا في تَعريفِ الاسْتعارةِ أنَّها ما كانت العَلاقَةُ بينَ طَرفَيها (المُستعارِ منه والمُستعارِ له) هي المُشابَهةَ، فإنْ كانتِ العَلاقَةُ غيرَ المُشابَهةِ فهُو مَجازٌ مُرسَلٌ.
ولِهذا عرَّف الَبلاغيُّونَ المَجازَ المُرسَلَ بأنَّه: "ما كانتِ العَلاقَةُ بينَ ما اسْتُعمِلَ فيه وما وُضِع له مُلابَسةً ومُناسَبةً غيرَ المُشابَهةِ؛ كاليدِ إذا اسْتُعمِلَت في النِّعمةِ؛ لِما جرَتْ به العادَةُ مِن صُدورِ النِّعمةِ عنِ الجارِحةِ، وبِوَساطتِها تَصلُ إلى المَقْصودِ بها"، أو هو: "الكَلمةُ المُسْتعمَلةُ قصْدًا في غيرِ مَعْناها الأصْليِّ لمُلاحَظةِ عَلاقةٍ غيرِ المُشابَهةِ، معَ قَرينةٍ دالَّةٍ على عدَمِ إرادَةِ المَعْنى الوَضعيِّ" [323] ينظر: ((جواهر البلاغة)) للهاشمي (ص: 252)، ((علوم البلاغة)) للمراغي (ص: 249). .
فالحاصِلُ أنَّ المَجازَ المُرسَلَ مَجازٌ العَلاقَةُ بينَ طَرفَيه ليست عَلاقَةَ المُشابَهةِ، وإنَّما هي عَلاقَةٌ أخْرى. ويُشْترَطُ فيه أنْ تأتيَ قَرينةٌ تَصرِفُه عنِ المَعْنى الحَقيقيِّ، والقَرينةُ: الأمرُ الَّذي يَصرِفُ الذِّهنَ عنِ المَعْنى الحَقيقيِّ إلى المَعْنى المَجازيِّ، سواءٌ كانت عَقليَّةً (حاليَّةً) تُعلَمُ مِنَ الحالِ وواقِعِ الكَلامِ، أو لفْظيَّةً.
فإذا استَخدَمْتَ اليدَ مَثلًا للدَّلالةِ على النِّعمةِ تَحتَّم عليك أنْ تأتيَ بقَرينةٍ تدُلُّ على إرادَةِ ذلك المَعْنى، تقولُ: كثُرتْ أيادِي فُلانٍ علينا، ومنه قولُ عُروَةَ بنِ مَسْعودٍ لأبي بكْرٍ: ((لولا يَدٌ كانتْ لكَ عِندي لم أَجْزِكَ بها، لأجبْتُكَ)) [324] أخرجه البخاري (2731، 2732) من حَديثِ المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم رَضِيَ اللهُ عنه. .
وسيَأتي التَّفْصيلُ في القَرينةِ معَ ذكْرِ عَلاقاتِ المَجازِ المُرسَلِ.

انظر أيضا: