موسوعة اللغة العربية

تمهيدٌ: الإيجازُ والإطْنابُ والمُساواةُ


الإيجازُ والإطْنابُ والمُساواةُ مِنَ المُوضوعاتِ المُهمَّةِ في علْمِ البَلاغَةِ الَّتي هي "مُطابَقةُ الكَلامِ لمُقْتضَى الحالِ"؛ فالزِّيادةُ في الكَلامِ الَّذي يُطابِقُ مُقْتضَى الحالِ بلا فائِدةٍ حشْوٌ لا قيمةَ له، ونقْصُ الكَلامِ عن تَمامِ الفائِدةِ خلَلٌ يقْصُرُ عن مَرتَبةِ البَلاغَةِ.
وإنَّما البَلاغَةُ الإتْيانُ بالإيجازِ في مَوضِعِه المُناسِبِ، وبالإطْنابِ في مَكانِه اللَّائِقِ، فحينَ يَقْتضي السِّياقُ الإطْنابَ يكونُ الإيجازُ مُخِلًّا، والعكْسُ.
قال ابنُ قُتَيْبَةَ: (وهذا [266] أي: الإيجاز. ليس بمَحْمودٍ في كلِّ مَوضِعٍ، ولا بمُخْتارٍ في كلِّ كتابٍ، بل لكلِّ مَقامٍ مَقالٌ، ولو كان الإيجازُ مَحْمودًا في كلِّ الأحْوالِ لجرَّده اللهُ تعالى في القُرآنِ، ولم يَفعلِ اللهُ ذلك، ولكنَّه أطالَ تارَةً للتَّوْكيدِ، وحذَف تارَةً للإيجازِ، وكرَّر تارَةً للإفْهامِ) [267] ((أدب الكاتب)) لابن قتيبة (ص: 19). .
وقال أبو هِلالٍ العَسْكريُّ: (والقولُ القَصْدُ أنَّ الإيجازَ والإطْنابَ يُحْتاجُ إليهما في جَميعِ الكَلامِ وكلِّ نوعٍ منه، ولكلِّ واحِدٍ منهما مَوضِعٌ؛ فالحاجَةُ إلى الإيجازِ في مَوضِعِه كالحاجَةِ إلى الإطْنابِ في مَكانِه؛ فمَنْ أزال التَّدْبيرَ في ذلك عن جِهتِه، واسْتَعملَ الإطْنابَ في مَوضِعِ الإيجازِ، واسْتَعملَ الإيجازَ في مَوضِعِ الإطْنابِ أخطَأَ.
كما رُوِي عن جَعْفرِ بنِ يَحْيى أنَّه قال معَ عُجْبِه بالإيجازِ: متى كان الإيجازُ أبلَغَ كان الإكْثارُ عِيًّا، ومتى كانتِ الكِنايةُ في مَوضِعِ الإكْثارِ كان الإيجازُ تَقْصيرًا) [268] ((الصناعتين: الكتابة والشعر)) لأبي هلال العسكري (ص: 190). .

انظر أيضا: