موسوعة اللغة العربية

الفَرْعُ الثاني: الإعرابُ التقديريُّ


وهو تغييرٌ غيرُ ظاهرٍ على اللَّفظِ.
وتُقدَّرُ العلاماتُ على آخِرِ الكَلِمةِ لأسبابٍ تمنَعُ من ظُهورِها، وهي:
1- التعذُّرُ، ويكونُ في الكَلِماتِ المعْتلَّةِ الآخِرِ بالألِفِ، نَحوُ: (مُصْطفى، عِيسَى، يهوى، تَسعى).
أمثلةٌ:
رجَعَ مُصطفى من المدرسةِ. (مُصطفى): فاعِلٌ مَرفوعٌ، وعَلامةُ رَفعِه الضَّمةُ المقدَّرةُ على الألِفِ، منَعَ من ظُهورِها التعذُّرُ.
قال تعالى: فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى [طه: 20] . (تسْعى): فِعلٌ مضارع مَرفوعٌ، وعَلامةُ رَفعِه الضَّمَّةُ المقدَّرةُ على الألِفِ، منَعَ من ظُهورِها التعذُّرُ.
قال تعالى: وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ [الأعراف: 117] . (مُوسَى) اسمٌ مَجرورٌ بـ(إلى)، وعَلامةُ جَرِّه الكَسرةُ المقدَّرةُ على الألِف، منَعَ من ظُهورِها التعذُّرُ، (عَصاكَ): عصا: مَفعولٌ به مَنصوبٌ، وعَلامةُ نَصبِه الفتحةُ المقدَّرةُ للتعَذُّرِ، والكافُ ضَميرٌ مَبْنيٌّ على الفَتحِ في مَحلِّ جَرٍّ مُضافٌ إليه.
قال تعالى: أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ [التوبة: 109] : (تقوى): اسمٌ مَجرورٌ بعلى، وعلامةُ جَرِّه الكسرةُ المُقَدَّرةُ للتعَذُّرِ.
2- الثِّقَلُ، ويكونُ في الكَلِماتِ المعتلَّةِ بالياءِ والواوِ، نَحوُ: (الرَّامي)، (يَقْضي)، (يَدْعو)، وتُقدَّرُ الضَّمَّةُ رفعًا، والكَسرةُ جرًّا لثِقَلِهما، أمَّا الفتحةُ في حالةِ النّصبِ فتكونُ ظاهِرةً.
أمثلةٌ:
الرَّامي الحاذِقُ لا يُخطِئُ، إنَّ الرَّاميَ الحاذِقَ لا يُخطِئُ، أَكْرِمْ بالرَّامي الحاذِقِ. فكَلِمةُ (الرَّامي) في المثالِ الأوَّلِ مُبتَدَأٌ مَرفوعٌ، وعَلامةُ رَفعِه الضَّمَّةُ المقدَّرةُ على الياءِ، منع من ظُهورِها الثِّقَلُ، وفي المثالِ الثَّاني اسمُ (إنَّ) منصوبٌ، وعَلامةُ نَصبِه الفَتحةُ الظَّاهِرةُ، وفي المثالِ الثَّالِثِ اسمٌ مَجرورٌ بالباءِ، وعَلامةُ جَرِّه الكسرةُ المُقَدَّرةُ على الياءِ، منَع من ظُهورِها الثِّقَلُ.
يَدْعو المؤمِنُ ربَّه وحْدَه، لنْ يدْعوَ المؤمِنُ غَيرَ ربِّه. فكَلِمةُ (يدعو) في المثالِ الأوَّلِ فِعلٌ مضارعٌ مَرفوعٌ، وعَلامةُ رَفعِه الضمَّةُ المقدَّرةُ، منع من ظُهورِها الثِّقَلُ، وفي المثالِ الثَّاني فِعلٌ مُضارعٌ منصوبٌ بـ(لن)، وعَلامةُ نَصبِه الفَتحةُ الظَّاهِرةُ.
ملحوظة: ليس في لُغةِ العربِ أسماءٌ مُعتلَّةُ الآخِرِ بالواو، وما جاء منها فهو منقولٌ مِن لُغاتٍ أُخرى، أو تَتناقَلَه اللَّهجاتُ المحلِّيةُ، مثل: حمدو، عبدو، كرمو، سمندو، قمندو، طُوكيو، وأرسْطو.
3- اشتغالُ المحلِّ بحَرَكةِ المناسَبةِ، ويكونُ ذلك في الاسمِ المُضافِ إلى ياءِ المتكلِّمِ، نَحوُ: (غُلامي).
ويُقصَدُ بالمحَلِّ: مَحلُّ الإعرابِ، وهو آخِرُ الكَلِمةِ. وحركةُ المناسَبةِ هي الكَسرةُ؛ لأنَّها تناسِبُ الياءَ.
تَقولُ: جاء غُلامي، ورأيتُ غُلامي، ومررتُ بغلامي
فـ(غُلام) في المثالِ الأوَّلِ فاعِلٌ مَرفوعٌ، وعَلامةُ رَفعِه الضَّمَّةُ المقدَّرةُ على الميمِ، منَع من ظهورِها اشتغالُ المحلِّ بحركةِ المناسَبةِ، وفي المثالِ الثَّاني مَفعولٌ به مَنصوبٌ، وعَلامةُ نَصبِه الفتحةُ المُقَدَّرةُ على الميمِ، منع من ظُهورِها اشتغالُ المحَلِّ بحركةِ المناسبةِ، وفي المثالِ الثَّالِثِ اسمٌ مَجرورٌ، وعَلامةُ جَرِّه الكسرةُ المُقَدَّرةُ على الميمِ، منع من ظُهورِها اشتغالُ المحَلِّ بحركةِ المناسَبةِ.
وضميرُ المتكَلِّمِ في الأمثلةِ الثَّلاثِ في محلِّ جَرٍّ مُضافٌ إليه.
4- اشتغالُ المحَلِّ بحركةِ حَرفِ الجَرِّ الزائِدِ، نَحوُ قَولِه تعالى: أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ؛ فكَلِمةُ بَشِيرٍ فاعِلُ جَاءَنَا مرفوعٌ بالضَّمَّةِ المُقَدَّرةِ، منع من ظُهورِها اشتِغالُ المحَلِّ بحركةِ حَرفِ الجَرِّ الزَّائِدِ.
5- الإعرابُ على الحكايةِ: وهو أن تَنقُلَ اللَّفظَ على ما سَمِعْتَه.
ويكونُ ذلك في الكَلِماتِ، أمَّا إذا كان في الجُملةِ فيكونُ الإعرابُ مَحَليًّا وليس تقديريًّا، تَقولُ: (ذَهَبَ) فعلٌ ماضٍ. فـ(ذَهَبَ) مُبتَدَأٌ مَرْفوعٌ بضَمَّةٍ مُقَدَّرةٍ على آخِرِه مَنَع مِن ظُهورِها اشتِغالُ المحَلِّ بحَرَكةِ الحِكايةِ؛ لأنَّه قُصِدَ لفْظُه، و(فِعلٌ) خَبَرُه.
ومن الحِكايةِ إعرابُ المُسَمَّى بكَلِمةٍ مَبْنيَّةٍ أو بجُملةٍ:
فلو سَمَّيتَ رجلًا: «رُبَّ»، قلتَ: جاء رُبَّ. رأيتُ رُبَّ. مررت بِرُبَّ. فحرَكَاتُ الإعرابِ مُقدَّرةٌ على أَواخِرِها، منع من ظُهورِها حركةُ البناءِ الأصلِيِّ.
وإن سمَّيتَ بجُملةٍ كـ(تأبَّطَ شَرًّا)، و(جادَ الحقُّ)، و(شابَ قَرْناها) لم تُغيِّرْها للإعرابِ الطَّارئِ، فتَقولُ: (جاء جادَ الحقُّ)، (رأيتُ جادَ الحقُّ)، و(مررتُ بجادَ الحقُّ). ويكونُ الإعرابُ بحركاتٍ مقدَّرةٍ منع ظُهورِها اشتغالُ المحَلِّ بحَرَكةِ الإعرابِ الأصليِّ.

انظر أيضا: