موسوعة اللغة العربية

تمهيدٌ: التَّقْديمُ والتَّأخيرُ


قال عبدُ القاهِرِ: (هو بابٌ كَثيرُ الفَوائِدِ، جَمُّ المَحاسِنِ، واسِعُ التَّصرُّفِ، بَعيدُ الغايَةِ، لا يَزالُ يَفْتَرُّ [195] افتَرَّ الإنسانُ ضاحكًا، أي: أبدى أسنانَه. وافْتَرَّ البَرْقُ: تَلأْلأَ. والمرادُ: كُلَّما تأمَّلْتَه تلوحُ لك منه ميزةٌ طريفةٌ. ينظر: ((تاج العروس)) للزبيدي (13/ 313)، ((شرح دلائل الإعجاز)) لمحمد إبراهيم شادي (ص: 177). لك عن بَديعَةٍ، ويُفْضي بكَ إِلى لَطيفَةٍ، ولا تَزالُ تَرى شِعرًا يَرُوقُك مَسْمَعُه، ويَلطُفُ لديك موقِعُه، ثمَّ تَنظرُ فتَجِدُ سَببَ أنْ راقَك ولطُفَ عندَك؛ أنْ قُدِّم فيه شيءٌ، وحُوِّل اللَّفظُ عن مَكانٍ إلى مَكانٍ) [196] ((دلائل الإعجاز)) لعبد القاهر (ص: 106). .
وقد عرَفتِ الجُملةُ العَربيَّةُ نوْعًا مِنَ التَّرْتيبِ بَيْنَ عَناصِرِها؛ فتَبدأُ الجُملةُ الفِعْليَّةُ -في الغالِبِ- بالفِعلِ، ثمَّ الفاعِلِ، ثمَّ المَفْعولِ به، ثمَّ سائِرِ العَناصِرِ، والاسْميَّةُ بالمُبْتدأِ ثمَّ الخبَرِ، وهكذا.
لكنَّه يَجوزُ العُدولُ عن هذا التَّرْتيبِ لغَرَضٍ بَلاغيٍّ وقِيمةٍ فنِّيَّةٍ يراها الشَّاعِرُ، بشَرطِ ألَّا يؤدِّيَ ذلك إلى اللَّبسِ والتَّعقيدِ، كقولِ الفَرَزْدقِ: الطويل
وما مِثلُه في النَّاسِ إلَّا مُمَلَّكًا
أبو أمِّهِ حيٌّ أبوه يُقارِبُهْ
وقد سبَق بَيانُ ذلك في الحَديثِ عنِ الفَصاحَةِ في الكَلامِ.
وقد تَناول عُلَماءُ البَلاغَةِ التَّقديمَ والتَّأخيرَ في ثَلاثةِ مَباحِثَ: تَقْديمُ المُسنَدِ إليه، تَقْديمُ المُسنَدِ، تَقْديمُ مُتعلِّقاتِ العامِلِ عليه.

انظر أيضا: