موسوعة اللغة العربية

الفَصْلُ السَّادِسُ: الفَرقُ بينَ البَلاغةِ والفَصاحةِ


يَتبيَّنُ ممَّا سبَق أنَّ ثَمَّةَ عَلاقةً بَيْنَ البَلاغةِ والفَصاحةِ؛ فالفَصاحةُ جُزءٌ وشَرطٌ مِن شُروطِ البَلاغةِ؛ فكلُّ كَلامٍ بَليغٍ فَصيحٌ، وليس كلُّ فَصيحٍ بَليغًا؛ إذِ البَلاغةُ: «مُطابَقةُ الكَلامِ لمُقتضَى الحالِ معَ فَصاحتِه».
والفَصاحةُ أعَمُّ وأشمَلُ مِنَ البَلاغةِ مِن وَجهٍ آخَرَ؛ فإنَّ الفَصاحةَ تُطلَقُ على الكَلامِ المُفردِ والمُركَّبِ، في حينِ أنَّ البَلاغةَ لا تَتعلَّقُ باللَّفظةِ المُفْردةِ؛ لأنَّها لا تَدُلُّ على تَمامِ معنًى، ولا يَتعلَّقُ بالفَصاحةِ "مُطابَقةُ مُقتضَى الحالِ"؛ ولِهذا يُسمَّى البَبَّغاءُ فَصيحًا ولا يُسمَّى بَليغًا؛ إذ هو مُقيمٌ لِلحُروفِ، وليس له قَصْدٌ إلى المَعنى الَّذي يُؤدِّيه [36] ينظر: ((الصناعتين: الكتابة والشعر)) لأبي هلال العسكري (ص: 8). .
وهُناك مِنَ العُلَماءِ مَنْ لم يُفرِّقْ بينَ المُصطلَحَين -كعَبدِ القاهرِ الجُرجانيِّ والجَوهريِّ وغيرِهما-؛ فالفَصاحةُ والبَلاغةُ والبيانُ والبَراعةُ ألفاظٌ مُترادِفةٌ عندَهم، أمَّا اخْتصاصُ الفَصاحةِ باللَّفظِ المُفرَدِ، والبَلاغةِ بالمَعنى والكَلامِ المُركَّبِ فقولُ المُتأخِّرينَ، مِثلَ السَّكَّاكيِّ وابنِ الأثيرِ وغيرِهما. وهذا التَّفريقُ هو ما اسْتقرَّ عليه عُلماءُ البَلاغةِ [37] ينظر: ((علوم البلاغة)) للمراغي (ص: 14). .

انظر أيضا: