موسوعة اللغة العربية

المَبْحَثُ الثَّالثُ: (إذَنْ)


حرفُ جَوابٍ مَبنيٌّ على السُّكونِ ينصِبُ الفِعلَ المضارعَ -وهو مذهَبُ الجُمهورِ- يَقعُ فِي صَدرِ الكَلامِ. مَعْناهُ الجَوابُ والجَزاءُ لكَلامٍ سابقٍ. يُقال لَك: سآتيك. فتجيبُ: إذنْ أكرِمَك. فكلامُك جَوابٌ لقَوْلِ القائِلِ: (سآتيك) وَجَزاءٌ لفِعلِه.
ومَذهَبُ الجُمهورِ أنَّها حَرفٌ، وأنها بسيطةٌ ليست مُرَكَّبةً من (إذْ) و(أنْ)، وأنها ناصِبةٌ بنَفْسِها.
واختلف النَّحْويُّون في الوَقفِ على (إذَنْ)؛ فذهب الجمهورُ إلى أنها يوقَفُ عليها بالألِفِ، لشَبَهِها بالمنوَّنِ المنصوبِ، وذهب بعضُهم إلى أنها يُوقَفُ عليها بالنُّونِ؛ لأنها بمنزلةِ (أنْ) و(لنْ).
واختُلِف في رَسمِها على ثلاثةِ أقوالٍ: بالألِفِ فقط، بالنُّونِ فقط، بالألِفِ في حالةٍ، والنونِ في حالةٍ؛ فمن رجَّح رسمَها بالألفِ استَدَلَّ برسمِها في المصحَفِ، والذي رجَّح كتابتَها بالنونِ، علَّل ذلك بأنها؛ مِثْلُ (أنْ) و(لَنْ)، والتنوينُ لا يدخُلُ الحُروفَ، والثَّالثُ: التفصيلُ؛ فإن أُلغِيَت كُتبت بالألِفِ؛ لضعْفِها، وإن عَمِلت كُتبت بالنُّونِ، وهناك مَن زاد شرطًا، بأن يُنظَرَ؛ فإن وُصِلت في الكلامِ كُتِبَت بالنونِ، عَمِلت أمْ لم تعمَلْ، كما يُفعَل بأمثالها من الحُروفِ. وإذا وُقِف عليها كُتِبت بالألِفِ؛ لأنها إذ ذاك مُشبِهةٌ الأسماءَ الثلاثيَّةَ التي حُذِفَ منها آخِرُها؛ مِثْلُ: دَمًا، ويَدًا [173] ينظر: ((تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد)) لناظر الجيش (10/529)، ((مسائل إذن) لأحمد بن محمد القرشي (ص: 436)، ((مغني اللبيب)) لابن هشام (ص: 31)، ((همع الهوامع)) للسيوطي (3/430). .
وشُروُط نَصبِها الفِعلَ المضارعَ ثلاثةٌ:
1) كَونُها مُتصَدِّرةً، فإن تأخَّرت أُلْغِيَت حتمًا؛ نَحْوُ: أكرِمُك إذًا. وإن توسَّطَت وافتقر ما قَبْلَها لما بَعْدَها -مِثلُ أن تتوسَّط بين المبتدأِ وخَبَرِه، وبين الشَّرطِ وجزائِه، وبين القَسَمِ وجوابِه- وجب إلغاؤها أيضًا كالمتأخِّرة. فإن تقَدَّمها حرفُ عَطفٍ ففيها وجهانِ: الإلغاءُ، والإعمالُ. والإلغاءُ أجوَدُ، وبه قرأ السَّبعةُ وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا [الإسراء: 76] .
2) ألَّا يُفصَلَ بينها وبين الفِعلِ بغيرِ القَسَمِ، فإن فُصِلَ بينهما بغيره أُلْغِيَت؛ نَحْوُ: إذًا زيدٌ يُكرِمُك. وإن فُصِل بالقَسَمِ لم يُعتَبَرْ؛ نَحْوُ: إذنْ -واللهِ- أُكرِمَك.
3) كَونُ زَمَنِ الفِعْلِ مُسْتَقْبلًا، فإن كان حالًا رُفِعَ، كقَولِك لمن يحدِّثُك: إذًا أظنُّك صادِقًا [174] يُنظر: ((رصف المباني)) للمالقي (ص: 151)، ((الجنى الداني في حروف المعاني)) للمرادي (ص: 361)، ((توضيح المقاصد والمسالك)) للمرادي (3/1238)، ((مغني اللبيب)) لابن هشام (ص: 31)، ((شرح ابن الناظم على الألفية)) (ص: 474)، (شرح الكافية الشافية)) لابن مالك (3/1515). .

انظر أيضا: