موسوعة اللغة العربية

الفَرْعُ الثَّاني: علاماتُ الاسمِ


للاسمِ علاماتٌ كثيرة يَتميَّزُ بها عن الفِعلِ والحَرفِ، وأهمُّها خمْسةٌ، متى وُجِدت واحِدةٌ منها كانت الكَلِمةُ اسْمًا.
قال ابنُ مالكٍ في الألْفيَّةِ:
بِالْجَرِّ والتَّنْوينِ والنِّدَا وَأَلْ
وَمُسْنَدٍ لِلِاسْمِ تَمْيِيزٌ حَصَلْ البيت العاشر من ((ألفية ابن مالك))، نسخة سليمان العيوني (ص: 3).
العلامةُ الأُولى: الجَرُّ.
الاسمُ إنما يكونُ مجرورًا إذا وقع بعْد حَرفِ الجَرِّ، أو كان مُضافًا إليه، أو تابعًا للمَجرورِ.
فالجرُّ بالحَرفِ، نحوُ (بزَيدٍ) في قَولِك: (مَررتُ بزَيدٍ)، وبالاسمِ، كالمضافِ، نحْوُ (زَيدٍ) في قولِك: (هذا غلامُ زَيدٍ)، أو الظَّرف، نحْوُ (المشْعَرِ) في قَولِه تعالى: فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ [البقرة: 198] ، والتَّابِع للمَجرورِ، مِثلُ (الكريمِ) في قَولِك: مَررتُ بمحمَّدٍ الكريمِ.
العلامةُ الثَّانيةُ: التَّنوينُ، وهو نونٌ ساكنةٌ زائدةٌ تلْحَقُ آخِرَ الأسماءِ عند الوَصلِ، وتحذف عند الوَقفِ مثل: محمَّدٌ كريمٌ، إنَّ محمَّدًا كَريمٌ، سلَّمْتُ على محمَّدٍ الكريمِ.
أنواعُ التنوينِ:
التنوينُ أربعةُ أنواعٍ:
النَّوعُ الأوَّلُ: تنوينُ التَّمْكينِ، وهو الَّذي يَلحَقُ الأسماءَ المُعْرَبةَ، وسُمِّي بذلك لدَلالتِه على تمكُّنِ الاسمِ في بابِ الاسميَّةِ؛ كزَيدٍ ورَجُلٍ، وفائِدتُه الدَّلالةُ على خِفَّةِ الاسمِ؛ لِكونِه لم يُشْبِهِ الحرْفَ فيُبْنى، ولا الفِعلَ فيُمنَعَ مِنَ الصَّرفِ.
النَّوعُ الثَّاني: تنوينُ التنكيرِ، وهو: الذي يلْحَقُ الأسماءَ المبنيَّةَ عند إرادةِ تنكيرِها، تقولُ: صَهْ، أي: اسكُتْ عن كلامٍ بعَينِه، وتقولُ: صَهٍ، أي: اسكُتْ مُطلَقًا فلا تتكَلَّمْ، وتقولُ: (أخذْتُ عِلمَ سِيبَوَيْهِ) تريدُ الإمامَ المعروفَ عَمْرَو بنَ قُنَبْرَ إمامَ النَّحْوِ، وتقولُ: (مَررتُ بسِيبَوَيْهٍ) أي: رجلٍ اسمُه سِيبَويْهِ.
النَّوعُ الثَّالِثُ: تنوينُ المقابَلةِ، وهو الذي يلْحَقُ جمْعَ المؤنَّثِ السَّالمَ، نحْوُ (مُسلِمات)، وسُمِّي بذلك الاسمِ؛ لأنهم جعَلوه في مقابلةِ النُّونِ في جمْعِ المذكَّرِ السَّالمِ، نحوُ (مُسْلِمون).
النوعُ الرابعُ: تنْوينُ العِوَضِ، وهو إمَّا أنْ يكونَ عِوَضًا عن حرْفٍ مَحْذوفٍ، وهو الياءُ في كُلِّ اسمٍ منْقوصٍ ممنوعٍ من الصَّرْفِ فليس منه التنوينُ في (قاضٍ، هادٍ...)؛ لأنَّه ليس ممنوعًا من الصَّرفِ، تقولُ: رأيتُ قاضيًا هادِيًا، وإنَّما هو تنوينُ التمكينِ. ، وذلك في حالتَيِ الرَّفعِ والجَرِّ ولم يكن الاسمُ مُضافًا، نحْو: غواشٍ، جَوارٍ، بَواقٍ، بَواكٍ كُلُّ هذه الأسماءِ (غَواشِي، جَواري، بَواقي، بَواكي) جمْعُ تكسيرٍ على وزنِ (فواعِلَ)، لاسمِ الفاعِلِ المؤنَّثِ (فاعلة) غَاشِية، جَارية، بَاقية، بَاكية. يُنظَر: ((النحو الوافي)) (1/ 38). ، قال تعالى: لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ [الأعراف: 41] ، أي: غَواشِي.
وقد يكونُ التنوينُ عِوَضًا عن كَلِمةٍ، وهو التنوينُ في كَلِمَتي (كُلٍّ) و(بَعضٍ)؛ كقَولِه تعالى: قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ [الإسراء: 84] ، فالمرادُ: كُلُّ إنسانٍ. وقَولِك: مَررتُ بالقَومِ فبَعضٌ نائِمٌ وبَعضٌ متَّكِئٌ، أي: بعضُهم.
وقد يكونُ التنوينُ عِوَضًا عن جُملةٍ محذوفةٍ، وهو الذي يلْحَقُ (إذْ) عِوَضًا عن الجُملةِ التي تُضافُ (إذ) إليها، مِثْلُ قَولِه تعالى: وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ [الواقعة: 84] ، والتقديرُ: وأنتم حينَ إذْ بلَغَتِ الرُّوحُ الحُلْقومَ تَنظُرونَ يُنظَر: ((اللمحة في شرح الملحة)) (1/ 155)، ((ارتشاف الضَّرَب من لسان العرب)) لأبي حيان الأندلسي (2/ 667). .
العلامةُ الثالثةُ: النِّداءُ. نَحوُ قَولِه تعالى: قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا [هود: 48] .
وإنَّما اختَصَّ الاسمُ بالنِّداءِ؛ لأنَّ المنادى مَفعولٌ في المعنى، والمفعوليَّةُ لا تَليقُ بغيرِ الاسمِ يُنظَر: ((شرح التسهيل)) لابن مالك (1/11). ، فتقديرُ: (يا زيدُ): أدعو زَيْدًا.
وليست العلامةُ هي مُجرَّدَ دُخولِ أداةِ النِّداءِ على الكَلِمةِ؛ لأنَّ (يا) قد تدخُلُ في اللَّفظِ على ما ليس باسمٍ، نحْوُ: يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ [يس: 26] ، ودخولُها على الحرفِ هنا (ليْتَ) لمجرَّدِ التنبيهِ لا النِّداءِ. ومِثلُه قِراءةُ الكِسائيِّ: (ألَا يَا اسْجُدُوا) في قَولِه تعالى: أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ [النمل: 25] يُنظَر: ((حجة القراءات)) لابن زنجلة (ص: 526)، ((المصباح الزاهر في القراءات العشر البواهر)) لأبي الكرم الشهرزوري (ص: 660). ، وتوجيهُ قِراءتِه أنَّ المرادَ: ألَا يا هؤلاءِ اسْجُدوا، فحُذِف المنادى، أو لعلَّها للتنبيهِ كذلك. فالمرادُ كونُ ما بعْد أداةِ النِّداءِ يَصلُحُ للنِّداءِ يُنظَر: ((أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك)) لابن هشام (1/43)، ((إرشاد السالك إلى حل ألفية ابن مالك)) لبرهان الدين ابن القيم (1/ 81). .
العلامةُ الرابعةُ: دُخولُ (أل) التعريفِ على الكَلِمةِ، نحوُ (الكتابِ) مِن قَولِه تعالى: ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ [البقرة: 2] .
العلامةُ الخامِسةُ: الإسنادُ إليه.
فالجملةُ -سواءٌ كانت فِعليَّةً أو اسميَّةً- تتكوَّنُ من رُكنَين أساسيَّين: مُسْنَدٌ (الفِعلُ في الجُملةِ الفِعليَّةِ، والخَبَرُ في الجُملةِ الاسميَّةِ)، ومُسنَدٌ إليه (الفاعِلُ في الجُملةِ الفِعليَّةِ، والمبتدَأُ في الجُملةِ الاسميَّةِ)، فالمُسْنَدُ إليه يكونُ اسمًا دائمًا، أمَّا المُسْنَدُ فقد يكونُ اسمًا وقد يكونُ فِعلًا؛ فمِن علاماتِ الاسمِ أنْ يكونَ مُسنَدًا إليه.
مثل: محمَّدٌ مُجتهدٌ، يَجتهِد محمَّدٌ. فـ(محمَّدٌ) في المثالينِ جاء مُسنَدًا إليه، فهو اسمٌ، أمَّا المسنَدُ فجاء مرَّةً اسمًا (مُجتهِد)، وجاء مرَّةً فِعلًا (يَجتهِدُ).

انظر أيضا: