موسوعة اللغة العربية

المَبْحَثُ العاشِرُ: (بل)


حَرفُ عَطفٍ وإضرابٍ، تأتي على وُجوهٍ:
(1) تَسلُبُ الحُكمَ عَمَّا قَبْلَها وتجعَلُه لِما بَعْدَها، وتدخُلُ على المُفْرَدِ وعَلى الجُمْلةِ؛ فَإذا دخلت على المُفْرَدِ وَكانَ قبلها نفيٌ أَو نهيٌ فهيَ للاستدراكِ، أي: بِمَعْنى (لَكِنْ)؛ تقَرِّرُ ما قبلَها وَتُثبِتُ ضِدَّه لِما بَعْدَها؛ نَحْوُ: ما عَليٌّ شاعِرٌ بل خطيبٌ، وَنَحْوُ: لا تقُلْ شِعرًا بل نثْرًا. وَإذا كانَ قبلها إثْباتٌ أَو أَمرٌ فَإنَّها تجْعَل ما قبلها كالمسكوتِ عَنهُ وَتُثبِتُ حُكْمَه لِما بَعْدَها؛ نَحْوُ: قالَ عَليٌّ شِعرًا بل نثْرًا.
(2) تَدْخُل على الجُمْلةِ فتفيدُ حِينًا إبِطالَ المَعْنى الَّذِي قبلها والرَّدَّ عَلَيْهِ بِما بعْدَها؛ نَحْوُ قَولِه تعالَى: وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ [الأنبياء: 26] ، وقَولِه سُبحانَه: أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ [المؤمنون: 70] ، وَيُسمَّى الإضرابَ الإبطاليَّ.
(3) وتفيدُ حينًا الِانْتِقالَ من معنًى إلَى معنًى آخَرَ، هُوَ فِي الغالِبِ أهَمُّ فِي تَقْدِيرِ المُرادِ؛ نَحْوُ قَولِه تعالَى: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى * بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا [الأعلى: 14 - 16] ، وقَولِه تعالَى: بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ [الأنبياء: 5] . ويُسمَّى الإضرابَ الانتقاليَّ، وَهُوَ أَكثَرُ اسْتِعْمالِ (بل).
(4) وَقد تَجِيء (لا) بَعْدَها (بل) فَيكونُ نَصُّها مُوَجَّهًا إلَى الكَلامِ السَّابِق، وَلا تَأْثِيرَ لَها فِيما بعد (بل)، فَإن كانَ ما قبلها مثبتًا نفَتْه؛ مِثْلُ:
وَجْهُك البَدْرُ لا بلِ الشَّمْسُ لَو لم
يُقْضَ للشَّمسِ كَسفةٌ وأُفُولُ
وَإذا كانَ منفيًّا أكَّدَتْ نَفْيه؛ مِثْلُ:
وَما هَجَرْتُكِ لا بل زادني شَغَفًا
هَجْرٌ وَبُعْدٌ تراخى لا إلَى أجَلِ
(5) وَقد تَجِيء قبلها (كَلَّا) فَيكونُ رَدْعُها موجَّهًا إلَى ما قبلها؛ مِثْلُ قَولِه تعالَى: قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ كَلَّا بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [سبأ: 27] .
(6) وفي لُغةِ المُحْدَثين تكْثُرُ زِيادةُ الواوِ بعد (بل)، يَقُولُونَ: فلان يُخطئٌ بل ويُصِرُّ على الخَطَأِ، وَهُوَ يرضَى بل ويبالِغُ فِي الرِّضا. وَهُوَ أُسلوبٌ مُحدَثٌ [122] ينظر: ((الكتاب)) لسيبويه (1/435)،، ((توضيح المقاصد والمسالك)) للمرادي (2/1021)، ((شرح ابن الناظم على الألفية)) (ص: 383)، ((مغني اللبيب)) (ص: 153)، ((ارتشاف الضرب)) لأبي حيان (4/1995)، ((التصريح بمضمون التوضيح)) لخالد الازهري (2/178)، ((همع الهوامع)) للسيوطي (3/211)، ((حاشية الصبان على الأشموني)) (3/166). .

انظر أيضا: