موسوعة اللغة العربية

المَبْحَثُ العاشِرُ: حَرفُ الواوِ


تَنقسِمُ إلى قِسمينِ: عاملةٍ وغيرِ عاملةٍ؛ فالعاملةُ مثلُ واوِ القسَمِ، وغيرُ العاملةِ مثلُ واوِ الاستئنافِ.
وأنواعُها:
(1) العاطِفةُ، وَمَعْناها: مُطلَقُ الجَمعِ، ولا تدُلُّ على تَرتيبٍ، فتَعطِفُ الشَّيْءَ على مُصاحِبِه؛ نَحْوُ قَولِه تعالَى: فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ [العنكبوت: 15] ، وعَلى سابِقِه؛ نَحْوُ قَولِه تعالَى: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ [الحديد: 26] ، وعَلى لاحِقِه؛ نَحْوُ قَولِه تعالَى: كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ [الشورى: 3] ، وَيجوزُ أَن يكونَ بَين مُتعاطِفَيها تقارُبٌ أَو تَراخٍ؛ مِثْلُ قَولِه تعالَى: إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ [القصص: 7] ، واختُصَّت الواوُ مِن بيْن حُروفِ العطْفِ بأنَّها يُعطَفُ بها عِندما لا يُكتفى بالمعطوفِ عليه، نحوُ: اختصَمَ زيدٌ وعمرٌو، ولو قلتَ: اختصَمَ زيدٌ، لم يَجُزْ، ومِثلُه: اصطَفَّ هذا وابنِي، وتَشارَكَ زيدٌ وعمرٌو، ولا يجوزُ أنْ يُعطَفَ في هذه المواضعِ بالفاءِ ولا بغيرِها مِن حُروفِ العطفِ، فلا تقول: اختصَمَ زيدٌ فعمرٌو [85] ينظر: ((شرح الكافية الشافية)) لابن مالك (3/124)، ((توضيح المقاصد والمسالك)) للمرادي (2/997)، ((شرح ابن عقيل على الألفية)) (3/227). .
(2) واوُ الِاسْتِئْنافِ (الابتداءِ)، وهي الواوُ التي يكونُ بَعْدَها جملةٌ غيرُ متعَلِّقةٍ بما قَبْلَها في المعنى، ولا مُشارِكةٍ له في الإعرابِ؛ نَحْوُ قَولِه تعالَى: ... لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ [الحج: 5] [86] ينظر: ((المقتضب)) للمبرد (4/125)، ((اللمحة في شرح الملحة)) لابن الصائغ (2/692)، ((معاني النحو)) للسامرائي (3/46). .
(3) واوُ الحالِ الدَّاخِلةُ على الجُمْلةِ الاسميَّةِ؛ نَحْوُ: جاءَ فلانٌ والشَّمْسُ طالِعةٌ. أَو الدَّاخِلةُ على الجُمْلةِ الفِعليَّةِ؛ نَحْوُ: جاءَ فلانٌ وَقد طَلَعت الشَّمْسُ [87] ينظر: ((شرح الأشموني)) (2/36)، ((شرح التسهيل)) لابن مالك (2/359)، ((المساعد على تسهيل الفوائد)) لابن عقيل (2/45). .
(4) واوُ المَفْعُولِ مَعَه، وَيُنصَبُ الِاسْمُ بَعْدَها؛ نَحْوُ: سِرْتُ والجبَلَ [88] ينظر: ((مغني اللبيب)) لابن هشام (ص:471)، ((تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد)) لناظر الجيش (4/204). .
(5) الواوُ الدَّاخِلةُ على المُضارعِ المَنْصُوبِ لعَطْفِه على اسْمٍ صَرِيحٍ؛ نَحْوُ:
وَلُبْسُ عَباءةٍ وتَقَرَّ عَيْني
أَحَبُّ إليَّ مِن لُبْسِ الشُّفوفِ [89] يُنظر: ((مغني اللبيب)) لابن هشام (ص: 373).
أَو مُؤوَّلٍ؛ نَحْوُ قَولِ الشَّاعِرِ:
لا تنْهَ عَن خُلُقٍ وَتَأْتِيَ مِثْلَهُ
عارٌ عَلَيْكَ إذا فَعَلْتَ عَظِيمُ [90] يُنظر: ((ديوان أبي الأسود الدؤلي)) (ص: 404).
وَلا بُدَّ فِي هذا أَن يتَقَدَّم الواوَ نَفيٌ أَو طَلَبٌ [91] ينظر: ((اللباب في علل البناء والإعراب)) للعكبري (2/42)، ((شرح ابن عقيل على الألفية)) (4/20)، ((المقتضب)) للمبرد (2/26)، ((الأصول في النحو)) لابن السراج (2/154). .
(6) واوُ القَسَمِ، وَلا تدخُلُ إلَّا على مُظْهَرٍ، وَلا تتَعَلَّقُ إلَّا بِمَحْذُوفٍ؛ نَحْوُ قَولِه تعالَى: يس * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ [يس: 1 - 2] [92] ينظر: ((المقتضب)) للمبرد (2/318)، ((الإيضاح العضدي)) لأبي علي الفارسي (ص: 263)، ((اللمع في العربية)) لابن جني (ص: 183)، ((اللباب في علل البناء والإعراب)) للعكبري (1/373). .
(7) واوٌ دُخُولها كخُروجِها، وَهِي (الزَّائِدةُ) وتُسمَّى الصِّلةَ، ومنه قَولُ الشَّاعِرِ:
حتى إذا قَمِلَت بُطونُكم
ورأيتُم أولادَكم شَبُّوا
وقَلَبْتُمْ ظَهْرَ المِجَنِّ لَنا
إنَّ اللَّئِيمَ الفاجِرُ الخِبُّ
أراد: قَلَبْتُم. وزاد الواوَ [93] ينظر: ((شرح المفصل)) لابن يعيش (5/327)، ((شرح التسهيل)) لابن مالك (3/355)، ((ارتشاف الضرب)) لأبي حيان (5/2398). .
وقيل: منه قَولُه تعالَى: فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ [الصافات: 103، 104]، وقَولُه تعالَى: حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا [الزمر: 73]، وقيل: إنَّ جوابَ الشَّرطِ محذوفٌ، وليست الواوُ زائدةً.
وتُزاد أَيْضًا بعْد (إلَّا) لتأكيدِ الحُكمِ المَطْلُوبِ إثْباتُه؛ نَحْوُ: ما من أحَدٍ إلَّا وَله طَمَعٌ أَو حَسَدٌ.
(8) واوُ الثَّمانِيةِ، ذكرها جماعةٌ من الأُدَباءِ، وَمن النَّحْوِيِّين، وَمن المُفَسِّرين. زَعَمُوا أَنَّ العَرَبَ إذا عَدُّوا قالُوا: سِتَّة، سَبْعة، وَثَمانِية؛ إيذانًا بِأَنَّ السَّبْعةَ عَدَدٌ تامٌّ، وَأَنَّ ما بَعْدَها عَدَدٌ مُسْتَأْنفٌ. واسْتَدَلُّوا على ذَلِك بقَولِه تعالَى فِي التَّنْزِيلِ العَزِيزِ: سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ [الكهف: 22] إلَى قَوْلِه تعالَى: سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ [الكهف: 22] ، والمحقِّقون من العُلَماءِ رَفَضوا ذلك وقالوا: إمَّا أن تكونَ عاطِفةً أو واوَ الحالِ [94] ينظر: ((الكتاب)) لسيبويه (3/103)، ((الخصائص)) لابن جني (2/464)، ((الإنصاف في مسائل الخلاف)) لابن الأنباري (2/374)، ((اللباب في علل البناء والإعراب)) للعكبري (1/420). .
(9) الواوُ الدَّاخِلةُ على الجُمْلةِ المَوْصُوفِ بها؛ لتأكيدِ لُصوقِها بموصوفِها؛ نَحْوُ قَولِه تعالَى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ [البقرة: 216] ، وَقيل: هِيَ واوُ الحالِ [95] ينظر: ((مغني اللبيب)) لابن هشام (ص:477)، ((معاني النحو)) للسامرائي (2/299). .
(10) واوُ ضَميرِ الذُّكُورِ؛ نَحْوُ: الرِّجالُ قامُوا.
(11) واوُ الفَصْلِ، وَهِي واوٌ كِتابِيَّةٌ فَحَسْبُ، كواوِ (عَمْرٍو) فِي الرَّفْعِ والجَرِّ؛ لِتُفرِّقَ بَينه وَبَين (عُمَر)، والواوُ الفارِقةِ، كواوِ أُولَئِكَ وأُولِي.
(12) واوُ الجَمْعِ؛ نَحْوُ: المسلِمون.
(13) واوٌ هي علامةُ إعرابٍ في الأسماءِ السِّتَّةِ؛ نَحْوُ: جاء أبوك [96] ينظر: ((ارتشاف الضرب)) لأبي حيان (2/836)، ((توضيح المقاصد والمسالك)) للمرادي (1/313)، ((شرح الأشموني)) (1/49). .
وتنفَرِدُ الواوُ العاطِفةُ عَن سائِرِ أحرُفِ العَطفِ بخَمْسةَ عَشَرَ حُكمًا؛ هِيَ:
(1) احْتِمالُ مَعطوفِها مَعانيَ ثَلاثةً، هِيَ عَطفُ الشَّيْءِ على مُصاحبِه، وعَلى سابقِه، وعَلى لاحِقِه [97] ينظر: ((شرح الكافية الشافية)) لابن مالك (3/124)، ((توضيح المقاصد والمسالك)) للمرادي (2/997)، ((شرح ابن عقيل على الألفية)) (3/227). .
(2) اقترانُها بـ(إمَّا)؛ نَحْوُ قَولِه تعالَى: إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا [الإنسان: 3] .
(3) اقترانُها بِـ(لا) إنْ سُبِقت بِنَفْيٍ، وَلم يُقْصَدِ المَعِيَّةُ؛ نَحْوُ: ما قامَ زيدٌ وَلا عَمْرٌو.
(4) اقترانُها بـ(لكِنْ)؛ نَحْوُ: قامَ زيدٌ وَلَكِنْ عَمْرٌو جالِسٌ.
(5) عَطْفُ المُفْردِ السَّبَبيِّ على الأَجْنَبِيِّ عِنْد الِاحْتِياجِ إلَى الرَّبْطِ؛ نَحْوُ: مَرَرْتُ بِرَجُل ٍقائِمٍ زيدٌ وَأَخُوهُ.
(6) عَطفُ العَقدِ على النَّيِّفِ؛ نَحْوُ: أحَدٌ وَعِشْرُونَ.
(7) عَطفُ الصِّفاتِ المُفَرَّقةِ مَعَ اجْتِماعِ مَنعوتِها، كَقَوْلِ الشَّاعِر:
بَكَيْتُ وَما بُكا رجُلٍ حَزِينٍ
على رَبعَينِ مَسلوبٍ وبالِ
(8) عَطفُ ما حَقُّه التَّثْنِيةُ والجمعُ، كَقَوْلِ الفَرَزْدقِ:
إنَّ الرَّزِيَّةَ لا رَزِيَّةَ مِثلُها
لِلنَّاسِ فَقْدُ مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدِ [98] يُنظر: ((ديوان الفرزدق)) (ص: 146).
(9) عَطفُ ما لا يُسْتَغْنى عَنهُ؛ نَحْوُ: جَلَستُ بَين زيدٍ وَعَمْرٍو.
(10) عَطفُ العامِّ على الخاصِّ؛ نَحْوُ قَولِه تعالَى: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا [نوح: 28] .
(11) عَطْفُ الخاصِّ على العامِّ؛ نَحْوُ قَولِه تعالَى: وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ [الأحزاب: 7] .
(12) عَطفُ عاملٍ حُذِفَ وَبَقِيَ مَعمولُه على عامِلٍ آخرَ، يجمَعُهما معنًى واحِدٌ [99] ينظر: ((الكتاب)) لسيبويه (1/ 431)، ((مغني اللبيب)) لابن هشام (ص: 464 - 466)، ((معاني النحو)) للسامرائي (3/227). ؛ نَحْوُ قَولِه تعالَى:
إذا ما الغانياتُ برَزْنَ يَوْمًا
وزجَّجْنَ الحواجِبَ والعُيُونا [100] من الوافر، قاله الراعي النميري، ((ديوانه)) (ص: ١٥٠).
أَي: وكحَّلْنَ العُيُونا.
(13) عَطفُ الشَّيْءِ على مُرادِفِه؛ نَحْوُ قَولِه تعالَى: إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ [يوسف: 86] ، وقَولِه تعالَى: أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ [البقرة: 157] ، على القَولِ بأنَّهما بمعنًى واحدٍ [101] ينظر: ((مغني اللبيب)) لابن هشام (467). .
(14) عَطفُ المُقدَّمِ على متبوعِه للضَّرُورةِ؛ [102] ينظر: ((مغني اللبيب)) لابن هشام (467). مِثْلُ قَولِ الشَّاعِرِ:
أَلا يا نَخْلةً من ذاتِ عِرقٍ
عَلَيْكِ وَرَحْمةُ اللهِ السَّلامُ [103] هذا بيتٌ من الوافر، وهو للأحوص. يُنظرُ هذا البيت في: ((مجالس ثعلب)) (١/١٩٨).
(15) عَطفُ المجرورِ على الجِوارِ؛ نَحْوُ قَولِه تعالَى: وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ [المائدة: 6] ، فِيمَن جَرَّ الأرجُلَ [104] ينظر: ((مغني اللبيب)) لابن هشام (467). .

انظر أيضا: