موسوعة اللغة العربية

المَطْلَبُ العاشرُ: إبْدالُ الهاءِ


تُبدَلُ الهاءُ مِن خَمسةِ أحْرُفٍ، وهِيَ: الهَمْزةُ والألِفُ والياءُ والواوُ والتَّاءُ.
إبْدالُ الهاءِ مِنَ الهَمْزةِ:
أبدلوا الهاءَ مِنَ الهَمْزةِ على سَبيلِ التَّخفيفِ؛ إذِ الهَمْزةُ حَرْفٌ شديدٌ مُستَثقَلٌ، والهاءُ حَرْفٌ مَهموسٌ خَفيفٌ، ومَخرَجُهما مِنَ الحَلْقِ، غيرَ أنَّ الهَمْزةَ أَدْخَلُ في الحَلْقِ.
أُبدِلتِ الهاءُ مِنَ الهَمْزةِ في (إيَّاك) فقالوا: هِيَّاكَ، كقولِه مِنَ الطَّويل:
فهِيَّاكَ والأمرَ الَّذي إنْ توسَّعَتْ
موارِدُهُ ضاقتْ عليكَ مصادِرُهْ [1534] يُنظر: ((سر صناعة الإعراب)) لابن جني (2/ 203).
أُبدِلتِ الهاءُ مِنَ الهَمْزةِ في: (إنْ) الشَّرطيَّةِ في لُغةِ طيِّئٍ؛ يقولون: هِنْ فَعَلْتَ فَعَلْتُ، أيْ: إنْ فَعَلْتَ فَعَلْتُ.
أُبدِلَتِ الهاءُ مِنَ الهَمْزةِ في إنَّ معَ اللَّامِ (لأنَّك)، قالوا: لَهنَّكَ، كقولِه مِنَ الطَّويل:
ألَا يا سَنا بَرْقٍ على قُلَلِ الحِمَى
لَهِنَّك مِنْ بَرْقٍ عَلَيَّ كريمُ [1535] يُنظر: ((سر صناعة الإعراب)) لابن جني (2/ 204).
أُبدِلتِ الهاءُ مِنَ الهَمْزةِ في أداةِ النِّداءِ: أيَا وهَيا، والدَّليلُ على أنَّ الهَمْزةَ الأصْلُ أنَّ (أَيَا) أكْثرُ مِن (هَيَا)؛ قال الأَغْلبُ العِجْليُّ مِنَ الرَّجَز:
وانْصَرَفَتْ وهيَ حَصانٌ مُغْضَبَهْ
ورَفَعَتْ بِصَوتِها: هَيَا أَبَهْ [1536] يُنظر: ((سر صناعة الإعراب)) لابن جني (2/ 205).
وأُبدِلتِ الهاءُ مِنَ الهَمْزةِ (أمَا): يقولون: هَمَا واللهِ لقد كان كذا، أيْ: أمَا واللهِ لقد كان كذا.
أُبدِلتِ الهاءُ مِنَ الهَمْزةِ، كقولِهم: في: أثَرْتُ التُّرابَ، وأرَحْتُ الماشِيةَ -أيْ: أرْجَعْتُها إلى حيثُ تَأوي ليْلًا- وأَرَقْتُ الماءَ، وأَرَدْتُ الشَّيءَ؛ قالوا: هَثَرْتُ التُّرابَ، وهَرَحْتُ، وهَرَقْتُ، وهَرَدْتُ، بِإبْدالِ الهاءِ مِنَ الهَمْزةِ، وكذلك فيما يَتَصرَّفُ منها؛ قالوا: هَثَرتُ وأُهَثِير ومُهَثيرٌ، وهَرَحتُ وأُهَرِيح ومُهَرِيح، وهَرَقْت وأُهَرِيق ومُهَرِيق، وهَرَدْتُ وأُهَرِيد ومُهَريدٌ.
أبدِلتِ الهاءُ مِن هَمْزةِ الاسْتفهامِ في مِثْلِ: أَزيدٌ مُنطلِقٌ؟ يقولون: هَزَيدٌ مُنطلِقٌ؟ قال جَميلُ بُثينةَ مِنَ الكامِل:
وَأَتى صَواحِبُها فقُلْنَ هَذَا الَّذي
مَنَحَ المَوَدَّةَ غيرَنا وَجَفانا؟
أيْ: أَذَا الَّذي...؟
تَنبيهٌ:
إبْدالُ الهاءِ مِنَ الهَمْزةِ وإن كان كَثيرًا، فهُو قَليلٌ بِالنَّسَبة إلى ما لم يُبدَلْ؛ لِذا فهُو لا يُقاسُ عليه شيءٌ [1537] يُنظر: ((الممتع الكبير)) لابن عصفور (ص: 264، 265)، ((الشرح الملوكي)) لابن يعيش (ص: 204 – 208). .
إبْدالُ الهاءِ مِنَ الألِفِ:
أُبدِلتِ الهاءُ مِنَ الألِفِ في (هُنا) في الوَقْفِ عليها؛ إذْ كرِهوا خَفاءَ الألِفِ، يَقولون: هُنَهْ؛ قال الرَّاجِزُ:
قد ورَدتْ مِنْ أمْكِنَهْ
مِنْ ها هُنا ومِنْ هُنَهْ [1538] يُنظر: ((الممتع الكبير)) لابن عصفور (ص: 265).
وقد وقَفوا على "أَنَا"، "حَيَّهَلا"، فقالوا: أنَهْ، وحَيَّهَلَهْ.
ووقَفوا على ألِفِ ما الاسْتفهاميَّةِ فقالوا: مَهْ؛ قال الرَّاجِزُ:
إنْ لم أُرَوِّها فَمَهْ [1539] يُنظر: ((تمهيد القواعد)) لابن ناظر الجيش (10/ 5252، 5253).
إبْدالُ الهاءِ مِنَ الياءِ:
أُبدِلتِ الهاءُ مِنَ الياءِ في (هَذِي) عندَ الوَقْفِ عليها؛ قالوا: هذِه، وقد تُبدَلُ منها أيضًا في الوَصْلِ، والدَّليلُ على أنَّ الياءَ هي الأصْلُ ظُهورُها في التَّصغيرِ، قالوا في تَصغيرِ "ذا" و"ذي": ذُيَّا [1540] يُنظر: ((الكتاب)) لسيبويه (4/ 182). .
أُبدِلتِ الهاءُ مِنَ الياءِ في تَصغير هَنَة: قالوا: هُنيْهَة، والأصْلُ: هُنَيْوَة؛ لأنَّهم قالوا في الجَمْعِ: هَنَوات، ثُمَّ قلَبوا الواوَ ياءً وأدْغَموا فقالوا: هُنيَّة، ثُمَّ أبْدَلوا مِنَ الياءِ الثَّانيةِ هاءً، فقالوا: هُنَيْهَة، ولا يُقالُ: إنَّ الهاءَ هُنا بدَلٌ مِنَ الواوِ الأصْليَّةِ؛ لأنَّ قَلْبَ الواوِ ياءً هُنا لازِمٌ، فصارت "هُنَيْوَة" في حُكمِ المَعدومِ، وصارت الياءُ كأنَّها الأصْلُ [1541] يُنظر: ((الشرح الملوكي)) لابن يعيش (ص: 312، وبعدها). .
إبْدالُ الهاءِ مِنَ الواوِ:
أُبدِلتِ الهاءُ مِنَ الواوِ في (هَنَاه) [1542] هناه للمنادى غيرِ المصَرَّحِ باسمِه، تقولُ في التذكيرِ: يا هَنُ، ويا هَنَانِ، ويا هَنُونَ، وفي التَّأنِيثِ: يا هَنَةُ، ويا هَنَتانِ، ويا هَنَاتُ. يُنظر: ((الأصول في النحو)) لابن السراج (1/ 348)، ((تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد)) لابن مالك (ص: 183). ، وهُو ممَّا اخْتصَّ بِه النِّداءُ ولم يُستعمَلْ في غيرِ النِّداءِ، قال امرُؤُ القَيسِ مِنَ المُتقارِب:
وقدْ رابَني قوْلُها: يَا هَنا
هُ وَيْحَكَ ألْحَقْتَ شَرًّا بِشَرِّ [1543] يُنظر: ((سر صناعة الإعراب)) لابن جني (1/ 80).
وقدِ اختلَف العُلَماءُ في الهاءِ الأخيرَةِ، والصَّحيحُ -وهُو قَولُ جُمْهورِ البَصْرِيِّينَ- أنَّ الهاءَ بدَلٌ مِنَ الواوِ، والأصْلُ: هَنَاو، على وَزْنِ (فَعَال) أُبدِلتِ الواوُ هاءً.
قال ابنُ يَعيشَ: (هذا قَولُ المُحَقِّقينَ) [1544] يُنظر: ((الشرح الملوكي)) لابن يعيش (ص: 310). [1545] وفي المسألة أقوالٌ أخرى يُنظر: ((سر صناعة الإعراب)) لابن جِنِّي (2/ 213)، ((الشرح الملوكي)) لابن يعيش (ص: 309 – 311)، ((الممتع الكبير)) لابن عصفور (ص: 266، 267). .
إبْدالُ الهاءِ مِنَ التَّاءِ:
أُبدِلتِ الهاءُ مِن تاءِ التَّأنِيثِ إبْدالًا مُطَّرِدًا في حالِ الإفْرادِ في الوَقْفِ؛ يَقولون في طَلْحةَ وفاطِمةَ: طَلْحهْ، وفاطِمهْ، وذكَر قُطرُبٌ أنَّ قَبيلةَ طيِّئٍ يَفعلون ذلك بِالتَّاءِ مِن جَمْعِ المُؤَنَّثِ السَّالِمِ يقولون: كيفَ الإخْوةُ والأَخَواهْ؟ وكيف البَنونَ والبَنَاهْ؟ [1546] يُنظر: ((الممتع الكبير)) لابن عصفور (ص: 267).

انظر أيضا: