موسوعة اللغة العربية

الفَصْلُ الرَّابعُ: تَصْغيرُ المُبْهَماتِ


التَّصْغيرُ مِنَ التَّصاريفِ الَّتي تَجري على الكَلِمةِ، فلا يكونُ إلَّا في الأسْماءِ المُتمكِّنةِ، ولا يُصغَّرُ مِن غيرِ المُتمكِّنِ إلَّا أرْبعةٌ:
(أفْعَلُ) التَّعجُّبِ:
ما أحْسَنَه: نقولُ في تَصغيرِها: ما أُحَيْسِنَه.
أفْعَلُ التَّعجُّبِ عندَ الكُوفِيِّينَ اسمٌ، فتَصغيرُه عندَهم على القِياسِ، أمَّا عندَ البَصْرِيِّينَ فهُو فِعلٌ، فتَصغيرُه شاذٌّ، ومَعنى التَّصغيرِ في (ما أُحَيسِنَه) إنَّما هو راجِعٌ إلى الحُسْنِ، وهُو تَصغيرُ التَّلطُّفِ كما في: بُنَيَّ وأُخَيَّ [1303] يُنظر: ((شرح الشافية)) للرضي الإستراباذي (1/ 279، 280). .
المُركَّبُ المَزْجيُّ: علَمًا كان أو عدَدًا، فمِثالُ العَلَمِ: سِيبَوَيهِ وبَعْلبكَّ [1304] سِيْبَوَيهِ وبَعْلَبَكَّ، من النَّحويِّينَ مَن يبني سِيبَوَيهِ على الكَسْرِ، وبَعْلَبَكَّ على الفَتحِ، ومنهم من يُعرِبُهما إعرابَ المَمْنوعِ من الصَّرْفِ، وكَلامنُا هنا في التصغيرِ على البناءِ؛ لأنَّ البناءَ يجعَلُ الاسمَ فيه شَبَهٌ بالحَرفِ، يعني: غيرَ مُتمَكِّنٍ في بابِ الاسميَّةِ، أمَّا على القَولِ بأنَّهما مُعْرَبانِ، فلا إشكالَ في تصغيرِهما. يُنظر: ((أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك)) لابن هشام (4/ 330)، ((شرح التصريح على التوضيح أو التصريح بمضمون التوضيح في النحو)) لخالد الأزهري (2/ 582). ، ومِثالُ العَدَدِ: خمْسةَ عَشَرَ، وفي تَصغيرِها نقولُ: سُيَيْبَوَيه، وبُعَيْلَبَكَّ، وخُمَيْسَةَ عَشَرَ، فيكونُ -مِن ثَمَّ- التَّصْغيرُ مُنْصبًّا على الجُزءِ الأوَّلِ فصَغَّروا صَدْرَه (أوَّلَه) [1305] يُنظر: ((شرح التصريح)) للأزهري (2/ 582). .
وفي المُركَّبِ الإِضافيِّ، يُصغَّرُ أيضًا الجُزءُ الأوَّلُ مِنه، مِثْلُ: عبْدِ اللهِ، وأبي بَكْرٍ، تَصغيرُها: عُبيدُ اللهِ، وأُبيُّ بَكْرٍ، أمَّا المُركَّبُ الإسْناديُّ، فلا يُصغَّرُ، مِثْلُ: تَأبَّطَ شَرًّا، وشابَ قَرْناها.
اسمُ الإِشارَةِ:
وسُمِع في خَمْسِ كَلِماتٍ؛ وهِيَ: (ذا، وتا، وذانِ، وتانِ، وأُولاءِ).
اسمُ المَوصولِ:
وسُمِع في كَلِماتٍ: (الَّذي، والَّتي، واللَّذان، واللَّتان، والَّذين، واللَّاتي).
كَيفيَّةُ تَصْغيرِها:
- تُوافقُ تَصْغيرَ المُتمكِّنِ في ثَلاثةِ أُمورٍ:
أ- اجْتلابُ الياءِ السَّاكِنةِ.
ب- ما قَبْلَ الياءِ لا بُدَّ أنْ يكونَ مَفتوحًا.
ج- ما نَقَص عن الأحْرُفِ الثَّلاثةِ مِنها لا بُدَّ مِن تَكميلِه.
- تُخالِفُ تلك الكَلِماتُ الاسمَ المُتمكِّنَ في ثَلاثةِ أُمورٍ:
أ- بَقاءُ أوَّلِها على حَرَكَتِه الأصْليَّةِ قَبْلَ التَّصغيرِ؛ للتَّنبيهِ على الفَرْقِ بينَ تَصْغيرِ المُتمكِّنِ وغيرِه.
ب- في غيرِ المَختومِ بِزيادَةِ تَثْنيةٍ أو جَمْعٍ نَزيدُ ألِفًا في الآخِرِ عِوضًا عن ضَمِّ الحرْفِ الأوَّلِ.
ج- ياءُ التَّصغيرِ قد تَقعُ ثانِيةً.
نقولُ في تَصْغيرِها:
ذا وتا: ذَيَّا، وتَيَّا.
ذان وتان: ذَيَّان وتَيَّان.
أُولاءِ: في لُغةِ الحِجازِيِّينَ بِالمَدِّ فتقولُ في التَّصْغيرِ بالمَدِّ: (أُلَيَّاء) وفي لُغةِ التَّمِيمِيِّينَ بالقَصْرِ (أُولا) فتقولُ في التَّصْغيرِ بالقَصْرِ: (أُلَيَّا).
الَّذي والَّتي: اللَّذَيَّا واللَّتَيَّا، مَفتوحةً عندَ الجُمْهورِ، وقد تُضَمُّ على رأيِ الأخْفَشِ، فتقولُ: (اللُّذَيَّا واللُّتَيَّا)، وضَمُّهما لُغةٌ عندَ ابنِ مالِكٍ [1306] يُنظر: ((المساعد على تسهيل الفوائد)) لابن عقيل (3/ 529). .
اللَّذانِ واللَّتانِ: (اللَّذَيَّان واللَّتَيَّان).
الَّذين:
عندَ سِيبَوَيهِ (اللَّذَيُّون - اللَّذِيِّينَ) بِضمِّ ما قَبْلَ الواوِ (اللَّذَيُّون)، وكسْرِ ما قَبْلَ الياءِ (اللَّذِيِّينَ) [1307] يُنظر: ((الكتاب)) لسيبويه (3/ 488). ، وعندَ الأخْفَشِ: (اللَّذَيَّون واللَّذَيَّين)، فيفتحُ ما قَبْلَ الواوِ والياءِ [1308] يُنظر: ((شرح التصريح)) للأزهري (2/ 585). .
اللَّاتي واللَّائي: فعندَ سِيبَوَيهِ: اسْتغْنوا عن تَصْغيرِ اللَّاتي واللَّائي بِجمعِ المُفْرَدِ  المُصغَّرِ (الَّتي وتُصغَّرُ على اللَّتيَّا)، فقالوا في تَصْغيرِها: اللَّتَيَّات [1309] يُنظر: ((الكتاب)) لسيبويه (3/ 489). .
الأخْفَشُ: يُصغِّرُهما ويَقلِبُ الألِفَ واوًا، ويَحذِفُ الياءَ (اللَّام)؛ لأنَّها سَتكونُ آخِرًا، ويَقلِبُ الهَمْزةَ ياءً في اللَّائي، فيكونُ على (اللَّوَيْتا، واللَّوَيَّا) [1310] يُنظر: ((الكتاب)) لسيبويه (3/ 487)، ((شرح الشافية)) للرضي الإستراباذي (1/ 284 وما بعدها)، ((الارتشاف)) لأبي حيان (1/ 392 وما بعدها)، ((المساعد)) لابن عقيل (3/ 523 وما بعدها)، ((شرح التصريح)) للأزهري (3/ 582). .
وإنَّما ساغ تَصْغيرُ اسمِ الإِشارةِ واسمِ المَوصولِ؛ لأنَّهما يُوصَفانِ ويُوصَفُ بِهما، والتَّصْغيرُ ما هُو إلَّا وصْفٌ في المَعنى [1311] يُنظر: ((شرح التصريح)) للأزهري (2/ 582 - 586). .

انظر أيضا: