موسوعة اللغة العربية

الفَصْلُ الثَّاني: قواعِدُ التَّصغيرِ


- لا بُدَّ في أيِّ تَصغيرٍ مِن ثلاثةِ أعْمالٍ: ضَمُّ الحرْفِ الأوَّلِ -ولو تَقديرًا- وفتْحُ الحرْفِ الثَّاني، واجْتلابُ ياءٍ ساكِنةٍ؛ تُسمَّى (ياءَ التَّصغيرِ)؛ ففي الثُّلاثيِّ نَقتصِرُ على هذه الخُطُواتِ الثَّلاثِ [1266] زعم بَعضُ الكوفيِّينَ وابنُ الدَّهَّان أنَّ الألِفَ قد تجعَلُ علامةً للتصغيرِ مكانَ الياءِ، من ذلك: هُدَاهِد ودُوابَّة، وشُوابَّة تصغير هُدْهُد، ودابَّة وشابَّة، وقد ردَّ البَصْريُّون على ذلك بأنهما موضوعانِ للتصغيرِ، وليست من التَّصغيرِ في شيءٍ. يُنظر: ((الارتشاف)) لأبي حيان (1/ 354)، ((المساعد)) لابن عقيل (3/ 494). ، وسيْرًا على تلك القاعِدةِ، فإنَّ كَلِماتِ (زُمَّيْل)، (لُغَّيْزى) ليست ألْفاظًا مُصغَّرةً، لأنَّ ثانيَهما غيرُ مَفْتوحٍ، بل هُو ساكِنٌ أُدغِم فيما بَعدَه، ولأنَّ الياءَ غيرُ ثالِثةٍ [1267] يُنظر: ((شرح التصريح)) للأزهري (2/ 560، 561). .
- فإنْ كان المُصغَّرُ ممَّا يَتجاوزُ الثَّلاثةَ، فإنَّنا نَحتاجُ إلى عَملٍ رابِعٍ وهُو كَسرُ ما بَعدَ ياءِ التَّصغيرِ، فإنْ لم يكنْ بَعدَ ياءِ التَّصغيرِ حرْفُ لِينٍ، فهُو بِناءُ (فُعَيعِل)، مِثْلُ: جَعْفَر: جُعَيفِر.
- فإنْ كان بَعدَ الحرْفِ المَكسورِ حرْفُ لِينٍ قَبْلَ الآخِرِ، فهُو بِناءُ (فُعَيعِيل)، فإن كان ياءً، بَقِيَتْ كما هي، مِثْلُ: قِندِيل: قُنَيدِيل، وإنْ كان ألِفًا أو واوًا قُلِب إلى الياءِ، مِثْلُ: مِصْباح وعُصْفور: مُصَيْبِيح، وعُصَيْفِير.
اسْتِثناءاتٌ:
يُستَثْنى مِن كسْرِ ما بعدَ ياءِ التَّصغيرِ أرْبعُ مَسائِلَ؛ يَبقى فيها ما بعدَ ياءِ التَّصغيرِ على حالِه مِنَ الفتْحِ قَبْلَ التَّصغيرِ، على التَّفصيلِ الآتِي:
أ- ما قَبْلَ عَلامِةِ التَّأنيثِ؛ تاءً كانت (شَجَرة) وذلك للْخِفَّةِ، أو ألِفًا (حُبْلى)؛ لأنَّ الألِفَ تَبقى على حالِها، فنقولُ في التَّصغيرِ: شُجَيرة، وحُبَيلى، فلو كانتِ الألِفُ للإلْحاقِ لا لِلتَّأنيثِ، مِثْلُ: أرْطًى -وهُو نوعٌ مِنَ الشَّجرِ- فلا اسْتثناءَ مِن كسْرِ ما بعدَ ياءِ التَّصغيرِ؛ تقولُ في التَّصغيرِ: أُرَيْطٍ.
ب- ما قَبْلَ المَدَّةِ الزَّائدةِ قَبْلَ ألِفِ التَّأنيثِ، مِثْلُ: حَمْراء، وذلك لِبقاءِ الألِفِ على حالِها، فنقولُ في التَّصغيرِ: حُمَيْرَاء، فإنْ كانتِ الألِفُ للإلْحاقِ لا التَّأنيثِ، مِثْلُ: عِلْباء -أيْ: عَصبُ عُنُقِ البَعيرِ [1268] يُنظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (1/ 627). - فلا اسْتثناءَ مِن كسْرِ ما بعدَ ياءِ التَّصغيرِ؛ تقولُ في التَّصغيرِ: عُلَيْبِيٌّ.
ج- ما قَبْلَ ألِفِ (أفْعال)، مِثْلُ: أجْمال وأفْراس؛ لِلمُحافظةِ على صِيغةِ الجَمْعِ؛ فنقولُ في التَّصغيرِ: أُجَيْمال، وأُفَيْراس.
د- ما قَبْلَ ألِفِ فَعْلان الَّذي لا يُجمَعُ على فَعالِين؛ سَواءٌ أكان صفةً أو اسمًا، مَفْتوحَ الفاءِ (سَكران) أو مَكْسورَها (عِمْران)، أو مَضْمومَها (عُثْمان)؛ وذلك لأنَّ الألِفَ والنُّونَ شَبيهتانِ بألِفَيِ التَّأنيثِ (المَقْصورةِ والمَمْدودَةِ) في مَنعِ الصَّرفِ؛ فنقولُ في تَصغيرِها: سُكَيْران، وعُمَيْران، وعُثَيْمان، فإنْ جُمعَ على (فَعالِين)، مِثْلُ: سِرْحان وسُلْطان، جَمَعوهما على: سَراحِين وسَلاطِين، فيُكسَرُ ما بعدَ ياءِ التَّصغيرِ وتُقلَبُ الألِفُ ياءً؛ فتقولُ في التَّصغيرِ: سُرَيْحِين، وسُلَيطِين؛ لأنَّ الألِفَ والنُّونَ فيهما لا تُشبهانِ ألِفَيِ التَّأنيثِ [1269] يُنظر: ((شرح التصريح)) للأزهري (2/ 566، 567). .
ويُتَوصَّلُ إلى بِنيةِ فُعيعِل، وفُعيعِيل بِما يُتَوصَّلُ له مِنَ الحذْفِ إلى وَزْنَي: فَعالِل وفَعالِيل في الجَمْعِ؛ فما تَرَجَّح حذْفُه في التَّكسيرِ تَرَجَّح في التَّصغيرِ، وما تكافأ فكان فيه التَّخْييرُ في التَّكسيرِ فهُو كذلك في التَّصغيرِ، مِثْلُ:
سَفَرْجَل لِنوعٍ مِنَ الثَّمَرِ: يَجبُ حذْفُ الخامِسِ؛ فنقولُ في التَّكسيرِ: سَفارِج، ونقولُ في التَّصغيرِ: (سُفَيْرِج).
فَرَزْدَق وهو الرَّغيفُ: على التَّخْييرِ بينَ حذْفِ الرَّابِعِ (الدَّال) أوِ الخامِسِ (القاف)؛ فنَقولُ في التَّكسيرِ: (فَرازِد، وفَرازِق)، ونقولُ في التَّصغيرِ: (فُرَيْزِد، وفُرَيْزِق).
مُسْتَخْرِج: يَجبُ فيه حذْفُ الزِّيادَتَيْن السِّينِ والتَّاءِ، وإبْقاءُ المِيمِ؛ فنقولُ في التَّكسيرِ: مَخارِج، ونقولُ في التَّصغيرِ: (مُخَيرِج).
حَيْزَبون لِلمرأةِ العَجوزِ السَّيِّئةِ الخُلُقِ: يَجبُ فيه حذْفُ الياءِ وإبْقاءُ الواوِ؛ فتقولُ في التَّكسيرِ: حَزابِين، وتقولُ في التَّصغيرِ: حُزَيْبِين.
سَرنْدَى وهو الجَرِيءُ، وعَلْنَدى وهُو البَعيرُ الضَّخمُ: على التَّخْييرِ في حذْفِ إحْدى الزِّيادَتَيْن (النُّونِ والألِفِ)؛ فنقولُ في التَّصغيرِ: سُرَيْنِد وعُلَيْنِد، حَذَفنا الألِفَ وأبْقَينا النُّونَ، أو سُرَيْدٍ وعُلَيْدٍ، حَذَفنا النُّونَ قُلِبتِ الألِفُ ياءً لِوُقوعِها بعدَ كسْرَةٍ، ثُمَّ جَرتْ مَجْرى الاسمِ المَنْقوصِ؛ يقولُ ابنُ مالِكٍ:
وما بِه لِمُنتَهى الجَمْعِ وُصِلْ... بِه إلى أمْثلَةِ التَّصْغيرِ صِلْ [1270] يُنظر: ((شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك)) لابن عقيل (4/ 140).
اسْتِثْناءاتٌ:
وذلك باسْتثناءِ ثَماني مَسائِلَ جاءت على خِلافِ ما سَبَق؛ لِكونِها مُخْتتَمَةً بِشيءٍ مُقدَّرٍ انْفصالُه، والتَّصغيرُ واقِعٌ على ما قبلَه، والمُقدَّرُ الانْفصالِ هُو ما كان واقِعًا بعدَ أرْبعةِ أحْرُفٍ مِن:
1- ألِفِ التَّأنِيثِ المَمْدودةِ: قُرفُصاء (قُرَيْفِصاء).
2- تاءِ التَّأنِيثِ: حَنْظَلة: حُنَيْظِلة.
3- علامةِ النَّسَبِ: عَبْقَريٌّ (نِسبةً لِوادي عَبْقَر): عُبَيْقِريٌّ.
4- الألفِ والنُّونِ الزَّائِدَتَينِ (بعدَ أرْبعةِ أحْرُفٍ فصاعِدًا): زَعْفَران وعَبَوثَران: زُعَيْفِران وعُبَيْثِران.
5- عَلامةِ تثْنيةٍ: مُسْلِمانِ: مُسَيْلِمان، ومُسَيلِمَين.
6- عَلامةِ جَمْعِ المُذَكَّرِ السَّالمِ: مُسْلِمُونَ: مُسَيْلِمون، ومُسَيلِمِين.
7- عَلامةِ المَجْموعِ بالألِفِ والتَّاءِ: مُسْلِمات: مُسَيْلِمات.
8- عَجُزِ المُضافِ: مِثْلُ: امْرِئِ القَيْسِ: أُمَيْرِئِ القَيْسِ.
9- عَجُزِ المُركَّبِ المَزْجيِّ: مِثْلُ: بَعْلَبَك: بُعَيْلَبَك.
بِمَعْنى أنَّنا نُبقي تلك الأشْياءَ كما هي في التَّصغيرِ، ويكونُ التَّصغيرُ واقعًا على ما قبلَها، ويَرجِعُ السَّببُ في ذلك أنَّ حذْفَ هذه الأشْياءِ يَجْعلُها تَلتَبِسُ بكَلِمةٍ أخرى [1271] يُنظر: ((شرح التصريح)) للأزهري (2/ 568، 569). .
يَجوزُ التَّعويضُ عن كلِّ ما حُذِف في التَّصغيرِ -مِثلِ التَّكسيرِ- بِياءٍ ساكِنةٍ قَبْلَ الآخِرِ:
سواءٌ أكان أصْلِيًّا، كما في سَفَرْجَل؛ تقولُ في تَصْغيرِها: (سُفَيْرِج) و(سُفَيْرِيج) بالتَّعويضِ.
أم كان زائِدًا، كما في مُقَدِّم، تقولُ في تَصغيرِها: (مُقَيْدِم) و(مُقَيْدِيم) بالتَّعويضِ [1272] يُنظر: ((شرح المفصل)) لابن يعيش (5/ 132). .
إلَّا إنْ كان في الاسمِ عِلَّةٌ تَمنعُ وُجودَ الياءِ في ذلك المَوضِعِ وتَجعلُه أصْلًا على بِناءِ (فُعَيْعِيل) كما في: احْرِنْجام (بِمَعنى الاجْتماعِ): (حُرَيْجِيم) لا يجوزُ التَّعويضُ لاشْتِغالِ المَحلِّ بِالياءِ المُنقلِبَةِ عن الألِفِ في المُفْرَدِ، وفي عَيْطَمُوس وهِيَ التَّامَّةُ الخَلْقِ مِنَ النِّساءِ والنُّوقِ: (عُطَيْمِيس)، وعَيْسَجُور لِلنَّاقةِ الصُّلبةِ: (عُسَيْجِير)؛ فلا سبيلَ إلى زِيادَةِ ياءٍ أخرى [1273] يُنظر: ((شرح الشافية)) للرضي الإستراباذي (1/ 264)، العَيْطَمُوس: التَّامَّةُ الخَلْقِ من النِّساءِ والإبِلِ، والعَيْسَجور: العَجوزُ الكبيرةُ، واحرَنْجَمَت النَّاسُ والدوابُّ: اجتَمَعت. ((جمهرة اللغة)) لابن دريد (2/ 1221)، ((المخصص)) لابن سيده (2/ 160)، ((الجيم)) لأبي عمرو الشيباني (2/ 276)، ((الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية)) للجوهري (5/ 1898). .
قد يَجْتمعُ معَ ياءِ التَّصغيرِ ياءان، فيُصبِحُ لَديْنا في آخِرِ الكَلِمةِ ثلاثُ ياءاتٍ، فتُحذَفُ الأخيرَةُ مِنها؛ لثِقَلِ الجَمْعِ بينَ ثلاثِ ياءاتٍ، مِثْلُ: عَطاء: تُقلَبُ الألِفُ فيها ياءً للتَّصغيرِ، وتَرجِعُ اللَّامُ إلى أصْلِها مِنَ الواوِ، ثُمَّ تَنقلِبُ ياءً، فيَجتمِعُ ثلاثُ ياءاتٍ: الأُوْلى ياءُ التَّصغيرِ، والثَّانيةُ عِوضٌ مِنَ الألِفِ الزَّائِدةِ، والثَّالِثةُ عِوضٌ عن لامِ الكَلِمةِ، فتُحذَفُ الثَّالثةُ؛ تقولُ: عُطَيٌّ [1274] يُنظر: ((شرح الشافية)) للرضي الإستراباذي (1/ 231). .
إذا وقَعتْ بعدَ ياءِ التَّصغيرِ واوٌ ساكِنةٌ (عَجُوز) أو مُعتَلَّةٌ (مُقَام ومُنْقاد/ أصْلُها: مُقْوَم، ومُنْقَوِد) أو لامُ الكَلِمةِ (غَزْو)، فحُكمُها أنْ تُقلَبَ ياءً وُجوبًا، وتُدغَمَ فيها ياءُ التَّصغيرِ؛ فتَصغيرُ هذه الكَلِماتِ: (عُجَيِّز، ومُقَيِّم، ومُقَيِّد، وغُزِيٌّ).
تُقلَبُ الواوُ ياءً جوازًا واخْتيارًا إنْ تحرَّكتْ ولم تكنْ لامًا وليست للإلْحاقِ، مِثْلُ: أسْوَد، وجَدْوَل، نقولُ في تَصغيرِها: (أُسَيِّد وجُدَيِّل) بِقلْبِ الواوِ ياءً معَ الإدْغامِ، و(أُسَيْوِد، وجُدَيْوِل)، بإظْهارِ الواوِ.
إذا كانتِ الواوُ لامًا مُعلَّةً، تُقلَبُ ياءً وتُدغَمُ فيها ياءُ التَّصغيرِ، مِثْلُ: قَفًا وفَتًى، وجَرْوٍ، وظَبْيٍ: نقولُ في تَصغيرِها: (قُفِيٌّ، وفُتِيٌّ، وجُرِيٌّ، وظُبِيٌّ).
التَّصغيرُ يَرُدُّ الأشْياءَ إلى أُصُولِها:
إنْ كان في الكَلِمةِ إبْدالٌ، فإنْ كان البَدلُ واقِعًا آخِرَ الكَلِمةِ فإنَّه يُرَدُّ إلى أصْلِه سواءٌ أكان حرْفَ لِينٍ، مِثْلُ: مَلْهَى (أصْلُه: مَلْهَو)، وفَتًى، أو غيرَ حرْفِ لِينٍ، مِثْلُ: ماء (أصْلُه: موه)، تَصغيرُها: مُلَيْهِي (أصْلُها: مُلَيْهِو قُلِبتِ الواوُ ياءً لِتَطرُّفِها بعدَ كَسْرةٍ)، وفُتِيٌّ، ومُوَيْه.
فإنْ لم يكنِ البدَلُ في آخِرِ الكَلِمةِ فيُشتَرطُ لرَدِّه إلى أصْلِه:
أنْ يكونَ حرْفَ لِينٍ بدلًا مِن حرْفِ (لِينٍ أو غيرِه) إلَّا هَمْزةً تَلي هَمْزةً؛ وذلك بأنْ يكونَ:
1- حرفَ لِينٍ بدلًا مِن حرْفِ لِينٍ، مِثْلُ: قِيْمَة ودِيْمَة ومِيزان وباب، تَردُّ الثَّانيَ إلى الواوِ؛ لأنَّ الأصْلَ فيها: قِوْمَة ودِوْمة، ومِوْزان، وبَوب؛ فتقولُ في التَّصغيرِ: قُوَيْمة، ودُوَيْمة، ومُوَيْزِين، وبُوَيْب، بِالرَّدِّ إلى الأصْلِ (الواوِ).
وفي: مُوقِن ومُوسِر وناب، الأصْلُ فيها: مُيْقِن، ومُيْسِر، ونَيب؛ فتقولُ في التَّصغيرِ: مُيَيْقِن، ومُيَيْسِر، ونُيَيْب، بِالرَّدِّ إلى الأصْلِ (الياءِ).
وفي: طَيٌّ ولَيٌّ، أصْلُهما: طَوْيٌ ولَوْيٌ، فتُصغَّرُ على: طُوِيٌّ، ولُوِيٌّ.
وشذَّ هُنا تَصغيرُهم لِـ(عِيد) على (عُيَيْد) دُونَ الرَّدِّ إلى الأصْلِ (الواوِ/ عُود)، وكان القِياسُ أنْ يُصغَّرَ على: عُوَيد، لكنَّهم خشُوا الالْتباسَ بتَصغيرِ كَلِمةِ (عُود)؛ ومِن ثَمَّ قالوا في جَمْعِ (عيد): أَعْيادٌ، وفي جَمْعِ عُودٍ: أَعْوادٌ [1275] يُنظر: ((المساعد على تسهيل الفوائد)) لابن عقيل (3/ 497). .
2- أو يكونَ حرْفَ لِينٍ بدلًا مِن حرْفٍ صحيحٍ، مِثْلُ: دِيْنار وقِيْراط، أصْلُهما: (دِنَّار، وقِرَّاط) فتَرُدَّ الثَّانيَ (الياءَ) إلى الأصْلِ (النُّونِ والرَّاءِ)، وتقولَ في التَّصغيرِ: دُنَيْنِير، وقُرَيْرِيط.
3- حرفَ لِينٍ بدلًا مِن هَمْزةٍ لكنَّها لا تَلي هَمْزةً، مِثْلُ الواوِ في: ذَوائِب، علَمًا؛ تقولُ في التَّصغيرِ: ذُؤَيْئِب، فتَرُدُّ الواوَ إلى الهَمْزة؛ لأنَّها ليست بدَلًا مِن هَمْزةٍ تَلي هَمْزةً.
فإنْ فُقِد الشَّرطُ بأنْ يكونَ البدلُ ليس حرْفَ لِينٍ، فلا يُرَدُّ إلى أصْلِه، مِثْلُ: تُخْمة وأُباب (أصْلُهما: وُخْمة، وعُباب)؛ تقولُ في تَصغيرِها: تُخَيْمَة وأُبَيب، فلا تَرُدُّ إلى الأصْلِ، ومِثلُه صِيغةُ الافْتعالِ، مِثْلُ: مُتَّعِد ومُتَّلِج، أصْلُها: مُوْتَعِد، ومُوْتَلِج؛ فتقولُ في التَّصغيرِ: مُتَيعِد، ومُتَيلِج، ولا تَرُدُّ التَّاءَ إلى الأصْلِ (الواوِ) -على الصَّحيحِ- لأنَّ الثَّانيَ ليس حرْفَ لِينٍ.
وبأنْ يكونَ حرْفُ اللِّينِ بدَلًا مِن هَمْزةٍ تَلي هَمْزةً، فلا يُردُّ إلى الأصْلِ، مِثْلُ: أَيِمَّة، أصْلُها: أئِمَّة؛ فالياءُ بدَلٌ مِن هَمْزةٍ تَلي هَمْزةً؛ فتقولُ في التَّصغيرِ: أُيَيْمَة، ولا تَردُّ إلى الأصْلِ، وأيضًا في (آدم) الأصْلُ: أَأْدَم، قُلِبتِ الهَمْزةُ الثَّانيةُ ألِفًا، فلا تُردُّ في التَّصغيرِ إلى الأصْلِ؛ لأنَّ الألِفَ مُنقلِبةٌ عن هَمْزةٍ بعدَها هَمْزةٌ، إنَّما تُقلَبُ واوًا؛ فتقولُ في التَّصغيرِ: أُوَيْدِم [1276] يُنظر: ((المساعد على تسهيل الفوائد)) لابن عقيل (3/ 497). .
ويُقلَبُ ثاني المُصغَّرِ واوًا أيضًا إذا كان ألِفًا زائِدةً، مِثْلُ: ضارِبٍ، أو ألِفًا مَجهولةَ الأصْلِ، مِثْلُ: صابٍ، فتقولُ في التَّصغير: ضُوَيْرِب، وصُوَيْب.
وهذا الحُكمُ ثابتٌ في التَّكسيرِ الَّذي يَتغيَّرُ فيه شكْلُ الحرْفِ الأوَّلِ، مِثْلُ: مَوازِين وأبْواب وأنْياب، بِخلافِ؛ مِثْل: قِيَم، ودِيَم [1277] يُنظر: ((شرح التصريح)) للأزهري (2/ 572 – 574). .
وقد اتَّفقَ التَّصريفِيُّونَ على رَدِّ الهَمْزةِ المُبدَلةِ مِنَ الواوِ والياءِ لِتَطرُّفِها بعدَ ألِفٍ زائِدةٍ، فإنْ كان الرَّدُّ إلى الياءِ فإنَّها تُحذَفُ لاجْتِماعِ ثَلاثِ ياءاتٍ، وإنْ كان الرَّدُّ إلى الواوِ فإنَّها تُقلَبُ ياءً لانْكسارِ ما قبلَها، وتُحذَفُ لاجْتِماعِ ثَلاثِ ياءاتٍ؛ كما في: عَطاءٍ وقَضاءٍ؛ تقولُ في التَّصغيرِ: عُطَيٌّ، وقُضَيٌّ [1278] يُنظر: ((شرح الشافية)) للرضي الإستراباذي (1/ 211). .
تَسقُطُ هَمْزةُ الوصْلِ عندَ التَّصغيرِ [1279] يُنظر: ((شرح الشافية)) للرضي الإستراباذي (1/ 260). ؛ فتقولُ في تَصغيرِ: (افْتِقار وانْطِلاق واسْتِخراج): (فُتَيْقِير ونُطَيْلِيق وتُخَيْرِيج) [1280] يُنظر: ((الكتاب)) لسيبويه (3/ 435)، ((شرح الشافية)) للرضي الإستراباذي (1/ 260، 261)، ((الارتشاف)) لأبي حيان (1/ 364 وما بعدها). .
كلُّ ما فِيه قَلْبٌ مَكانيٌّ يُصغَّرُ على لفْظِه ولا يُردُّ إلى أصْلِه؛ لأنَّه بُنِي على ذلك، ليس تابِعًا لِشيءٍ قبلَه، مِثْلُ: لاثٍ وشاكٍ [1281]  لَاثَ الشَّجَرُ وَالنَّبَاتُ فهو لائث: لَبِسَ بَعْضُهُ بَعْضًا وتَنَعَّمَ، والشَّاكي السِّلاحِ: ذو الشَّوكةِ والحَدِّ في سِلاحِه. ينظر: ((لسان العرب)) لابن منظور (2/ 187)، (10/ 452). وأيْنُق: الأصْلُ فيها قَلْبُ (شَائِك ولائِث وأنْوُق)، وفي التَّصغيرِ لا نَردُّ لِلأصْلِ فنقولُ: (لُوَيْث، وشُوَيك، وأُيَيْنُق) [1282] يُنظر: ((الكتاب)) لسيبويه (3/ 465، 466)، ((الارتشاف)) لأبي حيان (1/ 373، وبعدها). .
تَصغيرُ ما حُذِف أحَدُ أصُولِه:
فإنْ بقِي على ثَلاثةِ أحْرُفٍ بعدَ الحَذْفِ:
لم تَردَّ إليه شَيئًا مِنَ المَحذوفِ، تقولُ في تَصغيرِ شاكٍ، وقاضٍ: شُوَيكٌ وقُوَيضٌ، هذا في الرَّفعِ والجرِّ، وفي النَّصبِ: شُوَيْكيًا وقُوَيْضيًا [1283] يُنظر: ((شذا العرف)) للحملاوي (ص: 177). .
فإنْ لم يَبقَ على ثَلاثةِ أحْرُفٍ بعدَ الحذْفِ:
وجَب ردُّ المَحذوفِ. وصُوَرُ الحذْفِ:
1- مَحذوفُ الفاءِ، مِثْلُ: كُلْ وخُذْ وعِدْ؛ أعلامًا؛ تقولُ في تَصغيرِها: أُكَيْل وأُخَيْذ ووُعَيْد، فتَردُّ الفاءَ.
2- مَحذوفُ العَينِ: مِثلُ: مُذْ وقُلْ وبِعْ؛ أعلامًا، وسَهٍ؛ تقولُ في التَّصغيرِ: مُنَيْذ، وقُوَيْل، وبُوَيْع، وسُتَيْهة [1284] أصْلُ العَينِ التَّاءُ بدليلِ أنهم قالوا في الجَمْعِ: أستاهٌ. ، بِردِّ العَينِ.
3- مَحذوفُ اللَّامِ: مِثْلُ: يَدٍ ودَمٍ وحِرٍ، أصْلُها: يَدْيٌ، ودَمْيٌ، وحِرْح؛ تقولُ في التَّصغيرِ: يُدَيَّة، ودُمَيٌّ، وحُرَيْح، بردِّ اللَّامِ.
4- مَحذوفُ الفاءِ واللَّامِ، مِثْلُ: قِهْ وفِهْ وشِهْ أعْلامًا؛ تقولُ في التَّصغيرِ: وُقَيٌّ، ووُفَيٌّ، ووُشَيٌّ، بِردِّ الفاءِ واللَّامِ؛ لأنَّها مِن (وَقَيْتُ ووَفَيْتُ ووَشَيْتُ).
5- مَحذوفُ العَينِ واللَّامِ، مِثْلُ: رَهْ؛ علَمًا، يُصغَّر على: (رُأَيٌّ) بردِّ العَينِ واللَّامِ [1285] يُنظر: ((شرح المفصل)) لابن يعيش (5/ 119، 120)، ((شرح الشافية)) للرضي الإستراباذي (1/ 223)، ((شرح التصريح)) للأزهري (2/ 575). .
أمَّا العلَمُ الثُّنائيُّ الوضعِ:
1- فإنْ كان ثانِيه صَحيحًا، مِثْلُ: هَلْ وبَلْ، فإنَّه يُضعَّفُ، أو يُزادُ عليه ياءٌ؛ تقولُ في تَصغيرِهما: هُلَيْل وهُلَيٌّ، وبُلَيْل وبُلَيٌّ [1286] يُنظر: ((الكتاب)) لسيبويه (3/ 454)، ((شرح المفصل)) لابن يعيش (5/ 120)، ((شرح التصريح)) للأزهري (2/ 576). .
2- فإنْ كان ثانِيه مُعْتَلًّا: وجَب التَّضْعيفُ قَبْلَ التَّصْغيرِ، مِثْلُ: لَوْ وكَيْ ومَا: أعْلامًا؛ تُضعِّفُ أوَّلًا فتكونُ على (لوٌّ، وكيٌّ، وماء [1287] تضعيفُ (ما) نزيد ألفًا في الآخِرِ، فتلتقي ألفانِ في الطَّرَفِ، فتُقلَبُ الثانيةُ منهما همزةً، فتصير: ماء. ثُمَّ تُصغِّرُها كما تُصغِّرُ: دوٌّ، وحيٌّ وماء؛ فتقولُ: (لُوَيٌّ، كُيَيٌّ، ومُوَيٌّ) [1288] يُنظر: ((الكتاب)) لسيبويه (3/ 449)، ((الارتشاف)) لأبي حيان (1/ 363)، ((شرح التصريح)) للأزهري (2/ 575 وما بعدها). .

انظر أيضا: