موسوعة اللغة العربية

المَطْلَبُ الخامِسُ: ما دخلت عليه (أل) التعريفيَّة


(أل) التعريفيَّة: هي التي تدخُلُ على النَّكِرةِ فتُفيدُها التعريفَ، وهي نوعانِ:
أ- عَهْدِيَّةٌ.     ب- جِنْسِيَّةٌ.
(أل) العَهْديَّةُ تنقَسِمُ إلى: العَهدِ الذِّكْريِّ، والعَهدِ الذِّهنيِّ، والعَهدِ الحُضوريِّ.
ومعنى العَهدِ الذِّكْريِّ: أنَّ الكَلِمةَ تُذكَرُ في الكلامِ مرَّةً نكرةً ومرةً معْرِفةً، كما في قَولِه تعالى: إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا * فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا [المزمل: 15، 16]، فذُكِرَ "الرَّسول" في المرَّةِ الثانيةِ مُعَرَّفًا بـ(أل)؛ لأنَّه قد تقدَّم ذِكرُه، والعربُ إذا ذكرت شيئًا ثم كَرَّرت ذِكرَه أتت به معرَّفًا بـ(أل)؛ لئلا يُظَنَّ غَيرُه؛ تَقولُ: اشتريت فرسًا ثم بِعتُ الفَرَسَ، ولو قُلتَ: ثم بعتُ فَرَسًا، لَتُوهِّمَ أنَّه غيرُ الأَوَّلِ يُنظَر: ((التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل)) لأبي حيان (3/ 231)، ((مغنى اللبيب عن كتب الأعاريب)) لابن هشام (1/ 50). .
ومعنى العَهدِ الذِّهني: أن يكون مَصْحوبُها معهودًا ذِهنًا، فينصرفُ الفكرُ إليه بمجرَّدِ النُّطقِ به، كما في قَولِه تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا [آل عمران: 97]، فالأَلِفُ واللَّامُ في «البيت» هنا للعَهدِ الذِّهني، أي: البيتِ المعلومِ الرَّاسِخِ في أذهانِ جميع المسلمين، الذي يحجُّون إليه، وهو بيتُ اللهِ الحَرامُ، ومنه قَولُك: جاء الأميرُ، وحضر القاضي، إذا لم يكُنْ في البلد غيرُ أميرٍ واحدٍ أو قاضٍ واحدٍ.
ومعنى العَهدِ الحُضوريِّ: أن يكونَ مَصحوبُها حاضرًا، مُشاهدًا أو مَحسوسًا، كأنْ تقولَ: فاز هذا الغُلامُ، واليومَ نُسافِرُ، وكأنْ تقولَ لشاتِمِ رجُلٍ بحَضرتِك: لا تَشتُمِ الرَّجلَ، وكما في قَولِه تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ [المائدة: 3] ، فالمرادُ به اليومُ الذي أُنزِلَت فيه تلك الآيةُ، وهو يومُ عَرَفةَ، ومنه قَولُه تعالى: الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [الجاثية: 28] ، أي: في اليومِ الذي يقولُ اللهُ فيه ذلك يُنظَر: ((شرح الكافية لابن الحاجب)) لرضي الدين الإستراباذي (3/ 242)، ((النحو الوافي)) لعباس حسن (1/424). .
(أل) الجِنسيَّة، وهي قِسمانِ:
إمَّا أن تكونَ لاستغراقِ جميعِ أفرادِ الجِنسِ، وهي ما تشمَلُ جميعَ أفرادِه، كقَولِه تعالى: وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا [النساء: 28] ، أي: كُلُّ إنسانٍ. وتَقولُ: الرَّجُلُ خيرٌ من المرأةِ، أي: جِنسُ الرِّجالِ أفضَلُ مِن جِنسِ النِّساءِ.
وإمَّا لاستغراقِ جميعِ خَصائِصِه، وتكونُ لتَعريفِ الحَقيقةِ، وهي الَّتي لا تَخلُفُها -أي لا تُوضَع بدلًا منها- (كُلّ)، مِثلُ: أنت الرَّجُلُ، أي: اجتمَعَ فيك كلُّ صِفاتِ الرِّجالِ يُنظَر: ((شرح التسهيل)) لابن مالك (1/ 258)، ((أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك)) لابن هشام (1/ 181). .

انظر أيضا: