الموسوعة العقدية

المَطْلَبُ العِشرون: الآثارُ الإيمانيَّةُ لاسْمِ اللهِ: السَّتِير

مَحَبَّةُ العَبدِ للهِ عَزَّ وجَلَّ، الذي يحلُمُ على عبادِه فيَستُرُهم ولا يفضَحُهم، ولا يستعجِلُ عُقوبتَهم.
ومنها: الحياءُ مِنَ اللهِ تعالى الذي يرى عَبْدَه وهو يَعْصيه فيَسْتُرُه ولا يفضَحُه، فحريٌّ به أن يستحيَ من رَبِّه ويتأدَّبَ معه ويرجِعَ عن ذَنْبِه ويتوبَ منه.
ومن مقتضياتِ هذا الاسمِ أن يتَّصِفَ العَبدُ بالسَّترِ على النَّفسِ وعلى الخَلقِ.
قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((ومن ستَرَ مُسلمًا ستره اللهُ يومَ القيامةِ )) [3551] أخرجه البخاري (2442)، ومسلم (2580) مطولاً من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنه.
قال ابنُ المنذِرِ: (جاء الحديثُ عن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: ((من سترَ على مسلمٍ عورةً ستر اللهُ عليه في الدُّنيا والآخرةِ)) [3552] أخرجه مسلم (2699) مُطَوَّلًا باختلِافٍ يسيرٍ من حَديثِ أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه. . والذي يجِبُ أن يَستُرَ المسلِمُ على أخيه إذا رآه على فاحشةٍ، أو سوءٍ؛ طَلَبَ ثوابِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ.
وعلى من أصاب حدًّا أن يستَتِرَ بسَترِ الله عَزَّ وجَلَّ، وينزِعَ عن ذلك، ويُحدِثَ توبةً نَصوحًا، وهو ألَّا يعودَ في الذَّنبِ أبدًا) [3553] يُنظر: ((الإشراف على مذاهب العلماء)) (7/ 231). .
وقال ابنُ حَجَرٍ: (قَولُه: ((ومن ستر مُسلِمًا)) أي: رآه على قبيحٍ فلم يُظهِرْه، أي: للناسِ، وليس في هذا ما يقتضي تَرْكَ الإنكارِ عليه فيما بينه وبينه... كما أنَّه مأمورٌ بأن يستَتِرَ إذا وقع منه شيءٌ... والذي يظهَرُ أنَّ السَّترَ محَلُّه في معصيةٍ قد انقَضَت، والإنكارَ في معصيةٍ قد حصل التلَبُّسُ بها؛ فيجبُ الإنكارُ عليه، وإلَّا رفعه إلى الحاكِمِ، وليس من الغِيبةِ المحَرَّمةِ، بل من النصيحةِ الواجبةِ، وفيه إشارةٌ إلى تَرْكِ الغَيبةِ؛ لأنَّ من أظهر مساوئَ أخيه لم يستُرْه) [3554] يُنظر: ((فتح الباري)) (5/ 97). .
ومن الآثارِ الإيمانيَّةِ لهذا الاسمِ الكريمِ: دُعاءُ اللهِ تعالى وسؤالُه السَّترَ في الدُّنيا والآخرةِ؛ فقد كان من دُعاءِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((اللَّهُمَّ إني أسألُك العافيةَ في الدُّنيا والآخرةِ، اللَّهُمَّ إني أسألُك العَفوَ والعافيةَ في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللَّهُمَّ استُرْ عَوْراتي وآمِنْ رَوْعاتي، اللَّهُمَّ احفَظْني من بين يدَيَّ ومِن خَلْفِي، وعن يميني وعن شمالي، ومن فوقي، وأعوذ بعظَمَتِك أن أُغتالَ مِن تحتي )) [3555] أخرجه أبو داود (5074)، والنسائي (5530)، وابن ماجه (3871)، وأحمد (4785) واللَّفْظُ له من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما. صَحَّحه ابن حبان في ((صحيحه)) (961)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (5074)، والوادعي في ((الصحيح المسند)) (780)، وحَسَّنه البزار كما في ((تفسير القرآن)) لابن كثير (3/391)، وقال ابن حجر في ((نتائج الأفكار)) (2/381): حسن غريب. .

انظر أيضا: