الموسوعة العقدية

المَطْلَبُ الأوَّلُ: مَحَبَّةُ اللهِ

من تأمَّل أسماءَ اللهِ وصِفاتِه وتعلَّق قَلبُه بها، طَرَحه ذلك على بابِ المَحَبَّةِ، وفَتَح له من المعارفِ والعلومِ أمورًا لا يُعَبَّرُ عنها [3444] يُنظر: ((مفتاح دار السعادة)) (2/811). .
فالمَحَبَّةُ هي قُوتُ القلوبِ وغِذاءُ الأرواحِ وقُرَّةُ العيونِ، وهي الحياةُ التي من حُرِمها فهو من جملةِ الأمواتِ، والنُّورُ الذي من فقده فهو في بحارِ الظُّلماتِ، والشِّفاءُ الذي من عُدِمَه حَلَّت بقلبه جميعُ الأسقامِ، واللَّذَّةُ التي من لم يظفَرْ بها فعَيشُه كُلُّه همومٌ وآلامٌ [3445] يُنظر: ((مدارج السالكين)) (3/8). .
قال يحيى بنُ أبي كَثيرٍ: (نظَرْنا فلم نجِدْ شيئًا يتلَذَّذُ به المتلَذِّذون أفضَلَ من حُبِّ اللهِ تعالى وطَلَبِ مَرَضاتِه) [3446] يُنظر: ((المحبة لله سبحانه)) لإبراهيم بن الجنيد (ص: 35). .
وقال ابنُ تَيميَّةَ: (ليس للقُلوبِ سُرورٌ ولا لذَّةٌ تامَّةٌ إلَّا في مَحَبَّةِ اللهِ والتقَرُّبِ إليه بما يحبُّه، ولا تمكِنُ محبَّتُه إلَّا بالإعراضِ عن كُلِّ محبوبٍ سِواه، وهذا حقيقةُ لا إلهَ إلَّا اللهُ) [3447] يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) (28/32). .
وحُبُّ اللهِ هو فِطرةُ القَلْبِ التي فُطِرَ عليها.
قال ابنُ تَيميَّةَ: (القَلْبُ إنما خُلِق لأجْلِ حُبِّ اللهِ تعالى... فاللهُ سُبحانَه فطَر عبادَه على محبَّتِه وعبادتِه وَحْدَه، فإذا تُرِكت الفِطرةُ بلا فسادٍ، كان القَلْبُ عارفًا باللهِ مُحِبًّا له عابِدًا له وَحْدَه) [3448] يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) (10/134). .
وقال ابنُ القيم: (فإذا انضَمَّ داعي الإحسانِ والإنعامِ إلى داعي الكَمالِ والجمالِ لم يتخَلَّفْ عن مَحَبَّةِ من هذا شَأنُه إلَّا أردأُ القُلوبِ وأخبَثُها... فإنَّ اللهَ فطر القلوبَ على مَحَبَّةِ المحسِنِ الكامِلِ في أوصافِه وأخلاقِه) [3449] يُنظر: ((طريق الهجرتين)) (ص: 318). .
وقال صِدِّيق حسن خان: (مَحَبَّةُ اللهِ إذا استغرق بها القَلْبُ واستولت عليه، لم تُبعَثِ الجوارحُ إلَّا إلى مراضي الرَّبِّ، وصارت النَّفسُ حينئذ مُطمَئِنَّةً بإرادةِ مولاها عن مرادِها وهواها) [3450] يُنظر: ((الدين الخالص)) (1/119). .
وكمالُ العُبُوديَّة تابِعٌ لكَمالِ المَحَبَّةِ.
قال ابنُ القَيِّمِ: (هذا الباعِثُ أكمَلُ بواعِثِ العبوديَّةِ وأقواها، حتى لو فُرِضَ تجَرُّدُه عن الأمرِ والنَّهيِ والثوابِ والعِقابِ، استفرغ الوُسعَ واستخلص القَلْبُ للمعبودِ الحَقِّ) [3451] يُنظر: ((مفتاح دار السعادة)) (2/1082). .

انظر أيضا: