الموسوعة العقدية

 الْيَدَانِ

صِفةٌ ذاتيَّةٌ للهِ عزَّ وجلَّ، نُثبتُها كما نُثبِتُ باقيَ صِفاتِه؛ مِن غيرِ تَحريفٍ ولا تَعطيلٍ، ومن غيرِ تَكييفٍ ولا تَمثيلٍ، وهي ثابتةٌ بالكِتابِ والسُّنَّةِ.
الدَّليلُ مِن الكِتابِ:
1- قولُه تَعالَى: وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ [المائدة: 64] .
2- قَولُه: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ [ص: 75] .
الدَّليلُ من السُّنَّةِ:
1- حديثُ أبي موسى الأشعريِّ رَضِيَ اللهُ عنه مرفوعًا: ((إنَّ اللهَ تعالى يَبسُطُ يَدَه باللَّيلِ؛ ليتوبَ مُسيءُ النَّهارِ، ويَبسُط يدَه بالنَّهارِ؛ ليتوبَ مسيءُ اللَّيلِ، حتى تَطلُعَ الشمسُ مِن مغربِها )) [3187] أخرجه مسلم (2759). .
2- حديثُ الشَّفاعةِ عن أبي هُريْرةَ رضي الله عنه مرفوعًا، وفيه: ((... فيأتونَه فيَقولُون: يا آدَمُ، أنتَ أبو البَشَرِ، خلقَكَ اللهُ بِيَدِه، ونفَخ فيكَ مِن رُوحِه... )) [3188] أخرجه البخاري (3340) واللفظ له، ومسلم (194). .
3- حديثُ أبي هُريْرةَ رضي الله عنه مرفوعًا: ((يدُ اللهِ ملْأَى لا يَغيضُها نفقةٌ... وبيَدِه الأخرى الميزانُ يَخفِضُ ويَرفَعُ )) [3189] أخرجه البخاري (7411). وأخرجه مسلم (993) بلفظ: ((يمين الله)) .
قال الشافعيُّ: (لِلهِ تبارَك وتعالى أسماءٌ وصِفاتٌ جاءَ بها كِتابُه، وأخبَر بها نبيُّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أُمَّتَه... أنَّه سميعٌ، وأنَّ له يَدينِ بقَولِه: بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ، وأنَّ له يمينًا بقَولِه: وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ...) [3190] يُنظر: ((طبقات الحنابلة)) لابن أبي يعلى (1/282). .
وقال أحمدُ بنُ حَنبَلٍ: (((قَلبُ العَبدِ بين أُصبُعَين)) [3191])) أخرجه مسلم (2654) باختلاف يسير مطولاً من حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما. ، ((وخَلَق آدَمَ بيَدِه)) [3192])) أخرجه البخاري (3340)، ومسلم (194) من حديث أبي هريرة رضي اللهع عنه بلفظ: ((يا آدم أنت أبو البشر خلقك الله بيده)). ، وكلَّما جاء الحديثُ مِثلُ هذا قُلْنا به) [3193])) يُنظر: ((إبطال التأويلات)) لأبي يعلى (ص: 45). .
وقال ابنُ جرير: (القَولُ فيما أُدرِكَ عِلمُه مِن صِفاتِ الصَّانِعِ خَبرًا لا استدلالًا... وذلك نحوُ إخبارِ اللهِ تعالى ذِكْرُه إيَّانا أنَّه سميعٌ بصيرٌ، وأنَّ له يَدَينِ بقَولِه: بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ [المائدة: 64] ) [3194])) يُنظر: ((التبصير في معالم الدين)) (ص: 132). .
وقال ابنُ خُزيمةَ: (بابٌ: ذِكرُ إثباتِ اليدِ للخَالقِ البارئِ جلَّ وعلا، والبيانُ أنَّ اللهَ تعالى له يَدانِ كما أعْلَمَنا في مُحكَم تَنْزيلِه...)، وسرَدَ جُملةً مِن الآياتِ تدلُّ على ذلِك، ثمَّ قال: (بابٌ: ذِكرُ البيانِ مِن سُنَّةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على إثباتِ يدِ اللهِ جلَّ وعلا، مُوافقًا لِمَا تَلَوْنا من تَنْزيلِ ربِّنا لا مخالفًا، قدْ نَزَّه اللهُ نبيَّه وأعْلى درجتَه ورفَع قَدْرَه عن أن يَقولَ إلَّا ما هو موافقٌ لِمَا أنزلَ اللهُ عليه مِن وحيِه) [3195] يُنظر: ((كتاب التوحيد)) (1/118). .
وقال أبو الحسنِ الأشعريُّ: (أجمَعوا على أنَّه عزَّ وجلَّ يَسمَعُ ويرى، وأنَّ له تعالى يَدينِ مَبسوطتَينِ) [3196] يُنظر: ((رسالة إلى أهل الثغر)) (ص: 225). .
وقال أيضًا: (قد سُئِلْنا: أتقولون إنَّ للهِ يَدَينِ؟ قيل: نقولُ ذلك بلا كيفٍ، وقد دَلَّ عليه قَولُه تعالى: يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ، وقَولُه تعالى: لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ، وقال تعالى: بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ، وجاء عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: (كلتا يَدَيه يمينٌ)، وقال تعالى: لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ) [3197] يُنظر: ((الإبانة عن أصول الديانة)) (ص: 125). .
وقال البربهاريُّ: (واللهُ تبارك وتعالى سميعٌ بصيرٌ، سميعٌ عليمٌ، يداه مبسوطتانِ) [3198])) يُنظر: ((شرح السنة)) (ص: 86). .
وقال أبو بكرٍ الإسماعيليُّ: (خَلَقَ آدَمَ عليه السَّلَامُ بِيَدِه، ويَداهُ مبسوطتانِ يُنفِقُ كيفَ يَشاءُ، بلا اعتقادِ كيفَ يداه؛ إذ لم يَنطِقْ كِتابُ اللهِ تعالى فيه بكَيفٍ) [3199] يُنظر: ((اعتقاد أئمة الحديث)) (ص: 51). .
وقال ابنُ بطَّةَ: (بابُ الإيمانِ بأنَّ للهِ عَزَّ وجَلَّ يدَينِ، وكِلْتا يَدَيه يمينانِ) [3200] يُنظر: ((الإبانة الكبرى)) (7/ 295). .
وقال ابنُ أبي زيد القَيرواني: (ممَّا أجمَعَت عليه الأئمَّةُ مِن أُمورِ الدِّيانةِ، ومِنَ السُّنَنِ التي خِلافُها بِدعةٌ وضَلالةٌ... أنَّ يَدَيه مَبسوطتانِ، والأرضُ جميعًا قَبْضَتُه يومَ القيامةِ والسَّمَواتُ مَطويَّاتٌ بيَمينِه... وكُلُّ ما قَدَّمْنا ذِكْرَه فهو قَولُ أهلِ السُّنَّةِ وأئمَّةِ النَّاس ِفي الفِقهِ والحديثِ، على ما بَيَّنَّاه، وكُلُّه قَولُ مالكٍ؛ فمنه منصوصٌ مِن قَولِه، ومنه معلومٌ مِن مَذهَبِه) [3201])) يُنظر: ((الجامع في السنن والآداب والمغازي والتاريخ)) (ص: 107-117). .
وبوَّبَ اللَّالَكَائيُّ بقَولِه: (سِياقُ ما دلَّ مِن كِتابِ اللهِ عزَّ وجلَّ وسُنَّةِ رسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على أنَّ مِن صِفاتِ اللهِ عزَّ وجلَّ: الوَجهَ، والعَينَينِ، واليَدينِ) [3202] يُنظر: ((أصول الاعتقاد)) (3/412). .
وقال أبو نَصرٍ السجزي: (أهلُ السُّنَّةِ مُتَّفِقون على أنَّ لله سبحانه يدينِ، بذلك ورَدَ النَّصُّ في الكتابِ والأثَرِ، قال اللهُ تعالى: لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ [ص: 75] ، وقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((وكِلْتا يَدَيِ الرَّحمنِ يمينٌ )) [3203])) أخرجه مسلم (1827) باختلاف يسير مطولاً من حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما. [3204])) يُنظر: ((رسالة السجزي إلى أهل زبيد في الرد على من أنكر الحرف والصوت)) (ص: 263). .
وقال أيضًا في مَعرِضِ بيانِه لخطَأِ طريقةِ المتكَلِّمين: (كُلُّ حديثٍ جاء في الصَّحيحِ ممَّا يتعَلَّقُ بالصِّفاتِ، عَدَلوا به إلى معنًى غيرِ الصِّفةِ؛ منها: حديثُ ابنِ مَسعودٍ عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في قَولِه: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ [الزمر: 67] فقال: ((يحمِلُ السَّمَاواتِ على إصبَعٍ، والأرَضِينَ على إصبَعٍ )) [3205])) أخرجه البخاري (4811)، ومسلم (2786) باختلاف يسير مطولاً من حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه. ، ومنها حديثُه الثابتُ عنه عليه السَّلامُ: ((قلوبُ العبادِ بين أُصبُعَين من أصابعِ الرَّحمنِ )) [3206])) أخرجه مسلم (2654) باختلاف يسير مطولاً من حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما ... وعند أهلِ الأثَرِ أنَّها صفاتُ ذاتِه، لا يُفَسَّرُ منها إلا ما فَسَّره النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أو الصَّحابيُّ، بل نُمِرُّ هذه الأحاديثَ على ما جاءت، بعد قَبولِها، والإيمانِ بها، والاعتقادِ بما فيها بلا كيفيَّةٍ) [3207])) يُنظر: ((رسالة السجزي إلى أهل زبيد في الرد على من أنكر الحرف والصوت)) (ص: 264-268). .
وقال البزدوي الحنفي: (وكذلك إثباتُ اليَدِ والوَجهِ حَقٌّ عِندَنا) [3208])) يُنظر: ((كشف الأسرار شرح أصول البزدوي)) لعبد العزيز البخاري (1/ 60). .
وقال ابنُ رُشدٍ: (لا اختِلافَ بينهم أيضًا في جوازِ إطلاقِ القَولِ بأنَّ للهِ يَدَين ووَجهًا وعينينِ؛ لأنَّ اللهَ وصَفَ بذلك نَفْسَه بكتابِه، فوجب إطلاقُ القَولِ بذلك، والاعتقادُ بأنَّها صفاتُ ذاتِه من غيرِ تكييفٍ ولا تشبيهٍ ولا تحديدٍ؛ إذ لا يُشبِهُه شيءٌ من المخلوقاتِ، هذا قَولُ المحقِّقين من المتكَلِّمين، وتوقَّف كثيرٌ من الشُّيوخِ عن إثباتِ هذه الصِّفاتِ الخَمسِ، وقالوا: لا يجوزُ أن يَثبُت في صفاتِ اللهِ ما لم يُعلَمْ بضرورةِ العَقلِ ولا بدليلِه، وتأوَّلوها على غيرِ ظاهِرِها، فقالوا: المرادُ بالوَجهِ الذَّاتُ، كما يقالُ: وَجهُ الطَّريقِ، ووَجهُ الأمرِ ذاتُه ونَفْسُه، والمرادُ بالعينين إدراكُ المرئيَّاتِ، والمرادُ باليَدَين النِّعْمتان، وقَولُه تعالى: ((بِيَدَيَّ))، أي: لِيَدَيَّ؛ لأنَّ حُروفَ الخَفضِ يُبدَلُ بَعضُها من بعضٍ، والصَّوابُ قَولُ المحَقِّقين الذين أثبَتوها صفاتٍ لذاتِه تعالى، وهو الذي قاله مالكٌ في هذه الرِّوايةِ) [3209])) يُنظر: ((البيان والتحصيل)) (16/401). .
وقال أبو القاسِمِ الأصبهانيُّ: (فصْلٌ: في إثباتِ اليدِ للهِ تعالى صِفةً له)، ثمَّ أورد بعضَ الآياتِ التي تدلُّ على ذلك، ثمَّ قال: (ذِكرُ البيانِ مِن سُنَّةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على إثباتِ اليدِ مُوافقًا للتَّنْزيلِ) [3210] يُنظر: ((الحجة في بيان المحجة)) (1/185). ، ثمَّ أوردَ أحاديثَ بسَنَدِه تدلُّ على ذلك.
وقال المقدسيُّ: (من صِفاتِه سُبحانَه الواردةِ في كِتابِه العزيزِ، الثَّابتةِ عن رَسولِه المصطفى الأمينِ: اليَدانِ) [3211] يُنظر: ((الاقتصاد في الاعتقاد)) (ص: 112). .
وقال ابنُ تَيميَّةَ: (إنَّ للهِ تعالى يَدينِ مُختصَّتَينِ به، ذاتيَّتَينِ له، كما يَليقُ بجلالِه) [3212] يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) (6/263). ويُنظر: ((أصول الاعتقاد)) للالكائي (3/412). .
وقال محمود الألوسي: (السَّلَفُ يقولون: اليَدُ مُفردةٌ وغيرُ مُفردةٍ ثابتةٌ للهِ عزَّ وجَلَّ على المعنى اللَّائِقِ به سبحانَه، ولا يقولونَ في مِثلِ هذا الموضِعِ إنَّها بمعنى القُدرةِ والنِّعمةِ) [3213])) يُنظر: ((تفسير الألوسي)) (12/ 216). .

انظر أيضا: