الموسوعة العقدية

 المُبَاهاةُ

صفةٌ فعليَّةٌ ثابتةٌ للَّهِ عزَّ وجلَّ بالسُّنَّةِ الصَّحيحةِ.
الدَّليلُ:
1- حديثُ أبي سَعيدٍ الخُدريِّ رَضِيَ اللهُ عنه مرفوعًا: أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خرَجَ على حَلْقةٍ مِن أصحابِه، فقال: ((ما أَجْلسَكُم؟)) قالوا: جَلَسْنا نَذكُرُ اللهَ ونَحمَدُه على ما هَدانا للإسلامِ، ومَنَّ به علينا، قال: ((آللهِ ما أَجْلَسَكم إلَّا ذاك؟)) قالوا: واللهِ، ما أَجْلَسَنا إلَّا ذاك. قال: ((أمَا إنِّي لم أَسْتحلِفْكم تُهمةً لكم، ولكنَّه أتاني جبريلُ فأَخبرني أنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يُباهِي بكم الملائكةَ )) [2839] أخرجه مسلم (2701). .
2- حديثُ عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها مرفوعًا: ((ما مِن يومٍ أكثرَ مِن أنْ يُعتِقَ اللهُ فيه عَبدًا من النَّارِ، مِن يومِ عَرفةَ، وإنَّه لَيدْنُو، ثمَّ يُباهِي بهم الملائكةَ، فيَقولُ: ما أرادَ هؤلاءِ؟ )) [2840] أخرجه مسلم (1348). .
قال الفُضَيلُ بنُ عِياضٍ: (ليسَ لنا أنْ نتوهَّمَ في اللهِ كيفَ وكيفَ؛ لأنَّ اللهَ وصَفَ نفْسَه فأبلغَ فقال: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص: 1-4] ، فلا صِفةَ أبلغُ ممَّا وصَفَ اللهُ عزَّ وجلَّ به نفْسَه، وكلُّ هذا؛ النُّزولُ والضَّحِكُ، وهذه المُباهاةُ، وهذا الاطِّلاعُ، كما شاءَ أن ينزلَ، وكما شاءَ أن يُباهيَ، وكما شاءَ أن يَطَّلعَ، وكما شاءَ أنْ يَضحَكَ؛ فليس لنا أن نَتوهَّم أنَّ كيفَ وكيفَ، وإذا قال لك الجَهْميُّ: أنا أَكفُرُ برَبٍّ يَنزِلُ عن مكانِه، فقُلْ أنت: أنا أُؤمنُ بربٍّ يَفعَلُ ما يَشاءُ) [2841] يُنظر: ((درء تعارض العقل والنقل)) (2/24). .
وقال ابنُ القَيِّمِ: (إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يُباهي بالذَّاكرينَ ملائكتَه، كما رَوَى مسلمٌ في صحيحِه عن أبي سَعيدٍ الخُدريِّ، قال:... -وذكَر الحديثَ المتقدِّمَ- ثمَّ قال: فهذه المُباهاةُ مِن الرَّبِّ تبارَك وتَعالَى دليلٌ على شَرَفِ الذِّكرِ عِندَه، ومحبَّتِه له، وأنَّ له مزيةً على غيرِه من الأعمالِ) [2842] يُنظر: ((الوابل الصيب)) (1/74). .
ومَعنى المُباهاةِ في اللُّغةِ: المُفاخَرةُ.
قال الحُميديُّ: (المباهاةُ: المُفَاخَرَةُ، وَهِي مِن اللهِ ثَنَاءٌ وتفضيلٌ) [2843] يُنظر: ((تفسير غريب ما في الصحيحين)) (1/419). .
وقال النوويُّ: ( ((إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يُباهي بكم الملائكةَ)) معناه: يُظهِرُ فَضلَكم لهم، ويُريهم حُسنَ عَملِكم، ويُثني عليكم عندَهم، وأصلُ البهاءِ: الحُسنُ والجَمالُ، وفلانٌ يُباهي بمالِه وأَهْلِه، أي: يَفخَرُ ويَتجمَّلُ بهم على غيرِهم، ويُظهِرُ حُسنَهم) [2844] يُنظر: ((شرح مسلم)) (17/23). .

انظر أيضا: