الموسوعة العقدية

 الْكَنَفُ

صِفةٌ ثابتةٌ لله عزَّ وجلَّ بالحديثِ الصَّحيحِ.
الدَّليلُ:
حديثُ عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما مرفوعًا: ((... يَدْنو أَحدُكم مِن ربِّه حتَّى يَضعَ كَنَفَه عليه فيَقولُ...)) [2805] أخرجه البخاري (6070) واللفظ له، ومسلم (2768). .
والكَنَفُ في اللُّغة: السِّتْرُ والحِرْزُ، والجانبُ والنَّاحيةُ.
قال البخاريُّ: (قال عبدُ اللهِ بنُ المبارَكِ: كَنَفَه، يَعني: سِتْرَه) [2806] يُنظر: ((خلق أفعال العباد)) (ص: 103). .
قال أحمَدُ بنُ حَنبَلٍ: (نَعبُدُ اللهَ بصِفاتِه كما وَصَف به نَفْسَه، قد أجملَ الصِّفةَ لنَفْسِه، ولا نتعَدَّى القُرآنَ والحديثَ، فنقولُ كما قال، ونَصِفُه كما وَصَف نَفْسَه، ولا نتعَدَّى ذلك، نؤمِنُ بالقُرآنِ كُلِّه مُحكَمِه ومُتَشابِهِه، ولا نُزيلُ عنه -تعالى ذِكْرُه- صِفةً مِن صِفاتِه لشَناعةٍ شُنِّعَت، ولا نُزيلُ ما وَصَف به نَفْسَه من كلامٍ ونُزولٍ وخُلُوِّه بعَبْدِه يومَ القيامةِ، ووَضْعِ كَنَفِه عليه، هذا كُلُّه يدُلُّ على أنَّ اللهَ يُرى في الآخِرةِ) [2807] يُنظر: ((الإبانة الكبرى)) لابن بطة (7/326) .
وقال عبدُ اللهِ بنُ أحمدَ: (رأيتُ أبي -رحمه اللهُ- يصحِّحُ الأحاديثَ التي تُروى عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في الرُّؤيةِ، ويَذهَبُ إليها، وجَمَعَها أبي رحمه الله في كِتابٍ، وحَدَّثَنا بها -وأورد فيها حديثَ ابنِ عُمَرَ: ((يَضَعُ عليه كَنَفَه)) ضِمنَ ما أورد من الأحاديثِ) [2808] يُنظر: ((السنة)) (1/229) .
وأورد حديثَ ابنِ عُمَرَ ابنُ ماجَهْ في سُنَنِه في (بابِ ما أنكَرَت الجَهْميَّةُ) مع جملةٍ من أحاديثِ الصِّفاتِ.
قال ابنُ تيميَّةَ: (قال الخَلَّالُ في كِتابِ السُّنَّةِ: بابٌ: يَضَعُ كَنَفَه على عَبدِه، تبارَك وتَعالى: أخبَرني مُحمَّدُ بنُ أبي هارونَ، ومحمَّدُ بنُ جَعفرٍ؛ أنَّ أبا الحارِثِ حدَّثهم، قال: قلتُ لأبي عبدِ اللهِ: ما مَعْنى قَولِه: (إنَّ اللهَ يُدني العَبدَ يومَ القِيامةِ، فيَضَعُ عليه كَنَفَه؟) قال: هكذا نقولُ: يُدنيه ويَضعُ كَنَفَه عليه، كما قال؛ يَقولُ له: أَتعرِفُ ذنبَ كذا؟
قال الخَلَّالُ: أنْبأَنَا إبراهيمُ الحربيُّ قال: قَولُه: (فيَضَعُ عليه كَنَفَه) يَقولُ: ناحيتَه.
قال إبراهيمُ: أخبَرني أبو نصرٍ عن الأَصمعيِّ، يُقال: نزَلَ في كَنَفِ بني فلانٍ، أي: في ناحيتِهم) [2809] يُنظر: ((بيان تلبيس الجهمية)) (8/193). .
قال الحافظُ أبو موسى المَدينيُّ: (في الحديثِ: ((يُدْنَى المؤمنُ من ربِّه عزَّ وجلَّ حتَّى يَضَعَ عليه كَنَفَه )) أي: يَستُرُه) [2810] يُنظر: ((المجموع المغيث)) (3/78). .
وقال ابنُ عُثَيمين: (إنَّ الله سُبحانَه وتعالى يحاسِبُ المؤمِنَ فيخلو به ويَضَعُ كنَفَه عليه، أي: سِتْرَه) [2811] يُنظر: ((مجموع فتاوى ابن عثيمين)) (3/176) .
وقال الغُنيمانُ: (قَولُه: ((حتَّى يَضَعَ كَنَفَه عليه)): جاءَ الكَنَفُ مُفسَّرًا في الحديث بأنَّه السِّتْرُ، والمعنى: أنَّه تعالى يَستُرُ عبدَه عن رُؤيةِ الخَلْقِ له؛ لئلَّا يَفتضِحَ أمامَهم فيَخزَى؛ لأنَّه حينَ السُّؤالِ والتقريرِ بذُنوبِه تتغيَّرُ حالُه، ويَظهرُ على وجهِه الخوفُ الشَّديدُ، ويَتبيَّنُ فيه الكَربُ والشِّدَّةُ) [2812] يُنظر: ((شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري)) (2/423). .

انظر أيضا: