الموسوعة العقدية

 الشَّهِيدُ

يُوصَفُ اللهُ عزَّ وجلَّ بأنَّه (شهيدٌ)، والشَّهيدُ اسمٌ من أسْمائِهِ تعالى، وهذه الصِّفةُ ثابتةٌ بالكِتابِ والسُّنَّةِ.
الدَّليلُ مِن الكِتابِ:
1- قولُ اللهِ تَعالَى: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ [آل عمران: 18] .
2- قَولُ اللهِ سبحانه: قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ [الأنعام: 19] .
3- قَولُ اللهِ عزَّ وجلَّ: إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ [الحج: 17] .
الدَّليلُ من السُّنَّةِ:
حديثُ حَجَّةِ الوَداعِ، عن أبي بَكْرَةَ رضي الله عنه مرفوعًا، وفيه: ((... اللهمَّ اشْهَدْ، فَلْيُبلِغِ الشَّاهِدُ الغائبَ...)) [2353] أخرجه البخاري (7078) واللفظ له، ومسلم (1679) .
و(شَهِدَ اللهُ) بمعنى: عَلِمَ، وكتَب، وقَضَى، وأظهَرَ، وبيَّن [2354] يُنظر: ((تهذيب اللغة)) للأزهري (6/47). .
قال الزَّجَّاجُ: (الشَّهيدُ: الحاضِرُ، يُقالُ: شَهِدتُ الشَّيءَ وشَهِدتُ به، وأصلُ قَولِهم: شَهِدتُ به، مِنَ الشَّهادةِ التي هي الحُضورُ) [2355] يُنظر: ((تفسير أسماء الله الحسنى)) (ص: 53). .
وقال الزَّجَّاجيُّ: (الشَّهيدُ في اللُّغةِ: بمعنى الشَّاهِدِ، كما أنَّ العليمَ بمعنى العالِمِ، والرَّحيمَ بمعنى الرَّاحِمِ. والشَّاهِدُ: خِلافُ الغائِبِ، تقولُ العَرَبُ: فلانٌ كان شاهِدًا لهذا الأمرِ أي: لم يَغِبْ عنه؛ فاللهُ عَزَّ وجَلَّ لَمَّا كانت الأشياءُ لا تخفى عليه كان شهيدًا لها وشاهِدًا لها، أي: عالِمًا بها وبحقائِقِها عِلْمَ المشاهِدِ لها؛ لأنَّه لا تخفى عليه خافيةٌ. والشَّهيدُ أيضًا في اللُّغةِ: الشَّاهِدُ الذي يَشهَدُ بما عايَنَ وحَضَر، كما يقالُ: فلانٌ شاهِدُ فلانٍ وشَهيدُه، كما قال عَزَّ وجَلَّ: وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا [النساء: 41] أي: شاهِدًا) [2356] يُنظر: ((اشتقاق أسماء الله)) (ص: 132). .
وقال الخطَّابيُّ: (الشَّهيدُ: هو الذي لا يغيبُ عنه شيءٌ. يقالُ: شاهِدٌ وشهيدٌ، كعالمٍ وعليمٍ. أي: كأنَّه الحاضِرُ الشَّاهِدُ الذي لا يَعزُبُ عنه شيءٌ. وقد قال سُبحانَه: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ [البقرة: 185] . أي: من حَضَر منكم في الشَّهرِ فلْيَصُمْه، ويكونُ الشَّهيدُ بمعنى: العليمِ، كقَولِه: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ [آل عمران: 18] قيل: معناه: عَلِمَ اللهُ. وقال أبو العبَّاسِ أحمدُ بنُ يحيى: معناه: بيَّنَ اللهُ أنَّه لا إلهَ إلَّا هو، وهو أيضًا الشَّاهِدُ للمَظلومِ الذي لا شاهِدَ له، ولا ناصِرَ على الظَّالمِ المتعَدِّي الذي لا مانِعَ له في الدُّنيا؛ لينتَصِفَ له منه) [2357] يُنظر: ((شأن الدعاء)) (ص: 75). .
وقال الحليمي: (الشَّهيدُ: ومعناه: المطَّلِعُ على ما لا يَعلَمُه المخلوقون إلَّا بالشُّهودِ، وهو الحُضورُ، ومعنى ذلك أنَّه وإن كان لا يُوصَفُ بالحُضورِ الذي هو المجاوَرةُ والمُقاربةُ، فإنَّ ما يجري ويكونُ مِن خَلْقِه لا يخفى عليه) [2358] يُنظر: ((المنهاج في شعب الإيمان)) (1/ 200). .
وقال ابنُ سِيْدَه: (الشَّهيدُ الذي لا يغيبُ) [2359] يُنظر: ((المخصص)) (5/ 227). .
وقال ابنُ الأثيرِ: (الشَّهيدُ: هو الذي لا يَغيبُ عنه شيءٌ، يقال: شاهدٌ وشهيدٌ، كعالِمٍ وعليمٍ، أي: إنَّه حاضِرٌ يُشاهِدُ الأشياءَ ويراها) [2360] يُنظر: ((جامع الأصول)) (4/179). .
وقال السَّعْديُّ: (الشَّهيدُ، أي: المطَّلِعُ على جميعِ الأشياءِ، سَمِعَ جميعَ الأصواتِ؛ خَفِيَّها وجَلِيَّها، وأبصرَ جميعَ الموجوداتِ؛ دَقيقَها وجليلَها، صَغيرَها وكبيرَها، وأحاط عِلمُه بكلِّ شيءٍ، الذي شَهِد لعبادِه وعلى عبادِه بما عَمِلوه) [2361] يُنظر: ((تفسير السعدي)) (5/303). .

انظر أيضا: