الموسوعة العقدية

 الرِّجْلُ وَالقَدَمَانِ

صِفةٌ ذاتيَّةٌ ثابتةٌ للهِ عزَّ وجلَّ بصحيحِ السُّنَّة.
الدَّليلُ:
1- حديثُ أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه مرفوعًا في تحاجُجِ الجنَّةِ والنَّارِ، وفيه: ((فأمَّا النَّارُ فلا تمتلِئُ حتَّى يضَعَ اللهُ تبارَك وتعالى رِجْلَه «وعندَ مُسلِمٍ: قَدَمَه»، فتقولُ: قَطْ قَطْ... )) [2147] أخرجه البخاري (4850)، ومسلم (2846). .
2- أثرُ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: (الكُرسيُّ موضِعُ القَدَمينِ، والعرشُ لا يَقدِرُ أحَدٌ قَدْرَه) [2148])) أخرجه عبدالرزاق في ((التفسير)) (3030)، وأبو الشيخ في ((العظمة)) (2/582)، والخطيب في ((تاريخ بغداد)) (9/251). صححه الألباني في ((مختصر العلو)) (45)، ووثق رواته الذهبي في ((العلو)) (76)، وذكر ثبوته ابن تيمية في ((تلبيس الجهمية)) (8/364). .
3- أثرُ أبي موسى الأشعريِّ رَضِيَ اللهُ عنه قال: (الكُرسيُّ موضِعُ القَدَمَيْنِ، وله أَطِيطٌ كأَطِيطِ الرَّحْلِ) [2149] أخرجه الطبري في ((التفسير)) (5789)، وابن مَنْدَهْ في ((الرد على الجهمية)) (9)، والبيهقي في ((الأسماء والصفات)) (859). صححه الألباني في ((مختصر العلو)) (75)، وصحَّح إسنادَه ابنُ حَجَر في ((فتح الباري)) (8/47). .
قال الشَّافعيُّ: (للهِ تبارَك وتعالى أسماءٌ وصِفاتٌ جاء بها كِتابُه، وأخبَرَ بها نبيُّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أمَّتَه... وأنَّ له قَدَمًا، بقولِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((حتَّى يضَعَ الرَّبُّ فيها قَدَمَه)) يعني جهنَّمَ...) [2150] يُنظر: ((طبقات الحنابلة)) لابن أبي يعلى (1/282). .
قال التِّرمذيُّ: (رُوِيَ عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رواياتٌ كثيرةٌ، مِثلُ: هذا ما يُذكَرُ فيه أمرُ الرُّؤيةِ؛ أنَّ النَّاسَ يرَوْنَ ربَّهم، وذِكرُ القدَمِ، وما أشبَهَ هذه الأشياءَ، والمذهبُ في هذا عند أهلِ العِلمِ مِن الأئمَّةِ - مِثلِ سُفيانَ الثَّوريِّ، ومالكِ بنِ أنسٍ، وابنِ المُبارَكِ، وابنِ عُيَينةَ، ووكيعٍ، وغيرِهم - أنَّهم روَوْا هذه الأشياءَ، ثمَّ قالوا: تُروَى هذه الأحاديثُ، ونؤمِنُ بها، ولا يُقالُ: كيفَ؟ وهذا الَّذي اختاره أهلُ الحديثِ؛ أنْ تُروى هذه الأشياءُ كما جاءَتْ، ويُؤمَنُ بها، ولا تُفَسَّرُ، ولا تُتَوَهَّمُ، ولا يُقالُ: كيفَ؟ وهذا أمرُ أهلِ العِلمِ الَّذي اختاروه وذهَبوا إليه) [2151] يُنظر: ((سنن الترمذي)) (4/691). .
وقال ابنُ جريرٍ: (القَولُ فيما أُدرِكَ عِلْمُه مِن صِفاتِ الصَّانعِ خَبَرًا لا استدلالًا... وذلك نحوُ إخبارِ اللهِ تعالى ذِكْرُه إيَّانا أنَّه سميعٌ بصيرٌ... وأنَّ له قَدَمًا لقَولِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((حتَّى يَضَعَ الرَّبُّ قَدَمَه فيها)) يعني: جَهَنَّمَ) [2152])) يُنظر: ((التبصير في معالم الدين)) (ص: 132-134). .
وقال ابنُ خُزَيمةَ: (بابُ ذِكرِ إثباتِ الرِّجْلِ للهِ عَزَّ وجَلَّ وإنْ رَغِمَت أنوفُ المعَطِّلةِ الجَهمِيَّةِ، الذين يَكفُرونَ بصِفاتِ خالِقِنا عَزَّ وجَلَّ، التي أثبَتَها لنَفْسِه في مُحكَمِ تنزيلِه، وعلى لسانِ نبيِّه المصطفى صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) [2153] يُنظر: ((التوحيد)) (1/ 202). .
وقال الأزهريُّ: (في الحديثِ: أنَّ جَهنَّمَ تمتَلِئُ حتى يَضَعَ اللهُ فيها قدَمَه. رُوِيَ عن الحسَنِ أنَّه قال: معناه: حتى يجعَلَ اللهُ فيها الذين قَدَّمَهم من شِرارِ خَلْقِه إليها، فهم قَدَمُ اللهِ للنَّارِ، كما أنَّ المُسلِمينَ قَدَمُه للجَنَّةِ.
وأخبَرَني محمَّدُ بنُ إسحاقَ السَّعْديُّ عن العبَّاسِ الدوريِّ أنَّه سأل أبا عُبَيدٍ عن تفسيرِه وتفسيرِ غيرِه من حديثِ النُّزولِ والرُّؤيةِ، فقال: هذه أحاديثُ رواها لنا الثِّقاتُ عن الثِّقاتِ حتى رَفَعوها إلى النَّبيِّ عليه السَّلامُ، وما رأينا أحَدًا يُفَسِّرُها، فنحن نؤمِنُ بها على ما جاءت ولا نُفَسِّرُها. أراد أنَّها تُترَكُ على ظاهِرِها كما جاءت) [2154] يُنظر: ((تهذيب اللغة)) (9/ 55). .
وقال ابنُ أبي زمنين: (ومِن قَولِ أهلِ السُّنَّةِ: أنَّ الكُرسيَّ بين يَدَيِ العَرشِ، وأنَّه مَوضِعُ القَدَمينِ) [2155])) يُنظر: ((أصول السنة)) (ص: 96). .
وقال أبو يَعْلى الفرَّاءُ: (اعلَمْ أنَّه غيرُ ممتنِعٍ حَملُ هذا الخبَرِ على ظاهرِه، وأنَّ المرادَ به «قَدَمٌ» هو صِفةٌ للهِ تعالى، وكذلك الرِّجْلُ) [2156] يُنظر: ((إبطال التأويلات)) (1/195). .
وبوَّبَ أبو إسماعيلَ الأنصاريُّ في كِتابِه (الأربعونَ في دلائِلِ التَّوحيدِ) بابَ: الدَّليلُ على أنَّ القَدَمَ هي الرِّجْلُ [2157] يُنظر: (ص: 78). .
وقال البَغَويُّ: (القَدَمُ والرِّجْلانِ المذكورانِ في هذا الحديثِ مِن صِفاتِ اللهِ سُبحانَه وتعالى، المنَزَّهِ عن التَّكييفِ والتَّشبيهِ، وكذلك كُلُّ ما جاء مِن هذا القَبيلِ في الكِتابِ أو السُّنَّة؛ كاليَدِ، والإصبَعِ، والعَينِ، والمجيءِ، والإتيانِ. فالإيمانُ بها فَرضٌ، والامتِناعُ عن الخَوضِ فيها واجِبٌ، فالمُهتَدي مَن سَلَك فيها طريقَ التَّسليمِ، والخائِضُ فيها زائِغٌ، والمنكِرُ مُعَطِّلٌ، والمكَيِّفُ مُشَبِّهٌ، تعالى اللهُ عما يَقولُ الظَّالِمونَ عُلُوًّا كبيرًا، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى: 11] ) [2158] يُنظر: ((شرح السنة)) (15/ 257). .  
وقال البرَّاكُ: (في هذا الحديثِ إثباتُ الرِّجلِ والقَدَمِ له سُبحانَه وتعالى، وأهلُ السُّنَّةِ يُثبِتونَ للهِ ما جاء في هذا الحَديثِ على حقيقتِه، كما يُثبِتونَ سائرَ الصِّفاتِ، كما يُثبِتونَ اليدَيْنِ والعينَيْنِ له سُبحانَه وتعالى، ويَقولُونَ: إنَّ له تعالى قَدَمَيْنِ، كما جاء في الأثَرِ المشهورِ عنِ ابنِ عبَّاسٍ في تفسيرِ الكُرسيِّ: أنَّه موضِعُ القدَمَيْنِ، أي: قَدَمَيِ الرَّبِّ سُبحانَه وتعالى) [2159] يُنظر: ((توضيح مقاصد العقيدة الواسطية)) (ص: 173). .
وقال عبدُ اللهِ الغُنَيمانُ -بعدَ ذِكرِ رواياتِ صفةِ القَدَمِ والرِّجْلِ-: (ففي مجموعِ هذه الرِّواياتِ البيانُ الواضحُ بأنَّ القَدَمَ والرِّجْلَ -وكلاهما عبارةٌ عن شيءٍ واحدٍ- صفةٌ للهِ تعالى حقيقةً، على ما يَليقُ بعظَمتِه) [2160] يُنظر: ((شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري)) (1/156). ويُنظر لهذه الصفة: كتاب ((التوحيد)) لابن خزيمة (1/202)، ((رد الدارمي على المريسي)) (ص: 67-70)، ((إبطال التأويلات)) للفراء (ص: 192)، ((الجواب الصحيح)) لابن تيميَّةَ (3/151)، ويُنظر كلامُ ابن كثير في صفة: (الأصابع). .

انظر أيضا: