الموسوعة العقدية

 الأَمْرُ

صفةٌ للهِ عزَّ وجلَّ، كما قالَ في مُحكَمِ تَنزيلِه: أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ [الأعراف: 54] ، إلَّا أنَّ هذا لا يعني أنَّه كلَّما ذُكِرَتْ كلمةُ (الأَمْرِ) في الكِتابِ أو السُّنَّةِ مُضافةً إلى اللهِ، مِثلُ: (أَمْرِ اللهِ) أو (الأَمْرِ للهِ)؛ أنَّها صفةٌ له.
قال ابنُ جَريرٍ: (ألَا للهِ الخَلْقُ كُلُّه، والأمرُ الذي لا يخالَفُ، ولا يُرَدُّ أمرُه دونَ ما سِواه من الأشياءِ كُلِّها، ودونَ ما عَبَده المشرِكونَ مِن الآلهةِ والأوثانِ التي لا تضُرُّ ولا تنفَعُ، ولا تخلُقُ ولا تأمُرُ) [1617] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (10/ 247). .
وقال البَغَويُّ: (له الخَلقُ؛ لأنَّه خلَقَهم، وله الأمرُ يأمُرُ في خَلْقِه بما يشاء؛ قال سُفْيانُ بنُ عُيَينةَ: فَرَّق اللهُ بيْن الخَلقِ والأمرِ، فمن جمع بينهما فقد كَفَر) [1618] يُنظر: ((تفسير البغوي)) (2/ 198). .
وقال أبو الحسَنِ الأشعريُّ: (أجمَعوا على أنَّ أمرَه عزَّ وجلَّ وقولَه غيرُ مُحدَثٍ ولا مخلوقٍ، وقد دلَّ اللهُ تعالى على صِحَّةِ ذلك بقولِه تعالى: أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ [الأعراف: 54] ) [1619] يُنظر: ((رسالة إلى أهل الثغر)) (ص: 125). .
وقال ابنُ تَيميَّةَ مُثبِتًا لهذه الصِّفةِ ومُنبِّهًا على هذِه القاعدةِ: (فإنَّ اللهَ تعالى لَمَّا أخبَرَ بقَولِه: إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [يس: 82] ، وقال: أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ [الأعراف: 54] ، واستدَلَّ طوائفُ مِن السَّلَفِ على أنَّ الأمرَ غيرُ مخلوقٍ، بل هو كلامُه، وصفةٌ مِن صِفاته، بهذه الآيةِ وغيرِها- صار كثيرٌ مِن النَّاسِ يطرُدُ ذلك في لفظِ الأمرِ حيث ورَدَ، فيجعَلُه صفةً؛ طَرْدًا للدَّلالةِ، ويجعَلُ دلالتَه على غيرِ الصِّفةِ نَقْضًا لها، وليس الأمرُ كذلك؛ فبيَّنْتُ في بعضِ رسائلي أنَّ الأمرَ وغيرَه مِن الصِّفاتِ يُطلَقُ على الصِّفةِ تارةً، وعلى متعلِّقِها أخرى؛ فالرَّحمةُ صفةٌ للهِ، ويُسمَّى ما خُلِقَ رحمةً، والقُدرةُ مِن صِفاتِ اللهِ تعالى، ويُسمَّى المقدورُ قُدرةً، ويُسمَّى تعلُّقُها بالمقدورِ قُدرةً، والخَلْقُ مِن صِفاتِ اللهِ تعالى، ويُسمَّى المخلوقُ خَلْقًا، والعِلمُ مِن صِفاتِ اللهِ، ويُسمَّى المعلومُ أو المُتعلِّقُ عِلمًا؛ فتارةً يُرادُ الصِّفةُ، وتارةً يُرادُ مُتعلِّقُها، وتارةً يُرادُ نَفْسُ التَّعلُّقِ) [1620] يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) (6/17). .
وقال: (أمَّا ما كان صِفةً لا تقومُ بنَفسِها ولم يُذكَرْ لها مَحلٌّ غيرُ اللهِ كان صِفةً له، فكالقولِ والعِلم، والأمْرُ إذا أُريد به المصدرُ، كان المصدرُ مِن هذا البابِ، كقَولِه تعالى: أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ [الأعراف: 54] ، وإنْ أُريدَ به المخلوقُ المكوَّنُ بالأمْرِ، كانَ من الأوَّلِ، كقولِه تعالى: أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ [النحل: 1] ) [1621] يُنظر: ((شرح العقيدة الأصفهانية)) (ص: 114). .

انظر أيضا: