الموسوعة العقدية

المطلبُ الأوَّلُ: فَضائِلُ أزواجِ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إجمالًا

1- من فَضائِلِ أزواجِ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: اختيارُهنَّ جميعًا اللهَ ورَسولَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم والدَّارَ الآخِرةَ.
 قال اللهُ تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا * وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا [الأحزاب: 28، 29].
 عن عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: (خَيَّرَنا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فاختَرْنا اللهَ ورَسولَه) [2243] رواه البخاري (5262) واللَّفظُ له، ومسلم (1477). .
 قال الواحِديُّ: (قَولُه: وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ يعني الجنَّةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ يعني: اللَّاتي آثَرْنَ الآخَرةَ أَجْرًا عَظِيمًا يعني الجَنَّةَ، فلمَّا نزلت آيةُ التخييرِ بدأ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعائِشةَ وخَيَّرَها، فاختارت اللهَ ورَسولَه والدَّارَ الآخِرةَ، ثُمَّ فعل سائِرُ أزواجِه مِثْلَ ما فعَلَت هي) [2244] يُنظر: ((التفسير الوسيط)) (3/ 468). .
 وعن عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: (لَمَّا أُمِرَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بتخييرِ أزواجِه، بدأ بي فقال: ((إنِّي ذاكِرٌ لكِ أمرًا، فلا عَليكِ ألَّا تَعْجَلِي حتى تَستأمِري أبَوَيكِ ))، قالت: قد عَلِمَ أنَّ أبَوَيَّ لم يكونا ليَأمُراني بفِراقِه، قالت: ثُمَّ قال: ((إنَّ اللهَ عزَّ وجَلَّ قال: يَا أَيُّهَا النَّبِيّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا * وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا [الأحزاب: 29] ))، قالت: فقُلتُ: في أيِّ هذا أستأمِرُ أبوَيَّ؟! فإني أريدُ اللهَ ورَسولَه والدَّارَ الآخِرةَ، قالت: ثُمَّ فَعَل أزواجُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِثْلَ ما فَعَلْتُ) [2245] رواه البخاري (4785) واللَّفظُ له، ومسلم (1475). .
قال ابنُ تَيميَّةَ: (وقد ثبت أيضًا بالنَّقلِ الصَّحيحِ أنَّ هذه الآياتِ لَمَّا نزلت قرأ النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على أزواجِه، وخَيَّرَهنَّ كما أمَرَه اللهُ، فاختَرْنَ اللهَ ورَسولَه والدَّارَ الآخِرةَ؛ ولذلك أقرَّهنَّ ولم يُطَلِّقْهنَّ حتى مات عنهنَّ. ولو أرَدْنَ الحياةَ الدُّنيا وزِينَتَها لكان يُمَتِّعُهنَّ ويُسَرِّحُهنَّ كما أمَرَه اللهُ سُبحانَه وتعالى؛ فإنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أخشى الأمَّةِ لرَبِّه وأعلَمُهم بحدودِه) [2246] يُنظر: ((جامع المسائل - المجموعة الثالثة)) (ص: 76). .
وقال ابنُ كثيرٍ: (اختَرْنَ -رَضِيَ اللهُ عنهنَّ وأرضاهُنَّ- اللهَ ورَسولَه والدَّارَ الآخِرةَ؛ فجمع اللهُ لهنَّ بعد ذلك بين خَيرِ الدُّنيا وسَعادةِ الآخِرةِ) [2247] يُنظر: ((تفسير ابن كثير)) (6/401). .
 وقال السَّعديُّ: (لَمَّا اجتَمَع نِساءُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في الغَيرةِ، وطلَبْنَ منه النَّفَقةَ والكِسوةَ، طَلَبْنَ منه أمرًا لا يَقدِرُ عليه في كُلِّ وَقتٍ، ولم يزَلْنَ في طلَبِهنَّ مُتَّفِقاتٍ في مُرادِهنَّ مُتعَنِّتاتٍ؛ شَقَّ ذلك على الرَّسولِ حتى وصَلَت به الحالُ إلى أنَّه آلى منهنَّ شَهرًا.
فأراد اللهُ أن يُسَهِّلَ الأمرَ على رَسولِه، وأن يَرفَعَ دَرَجةَ زَوجاتِه، ويُذهِبَ عنهُنَّ كُلَّ أمرٍ يَنقُصُ أجْرَهنَّ؛ فأمر رَسولَه أن يُخَيِّرَهنَّ... فخَيَّرَهنَّ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في ذلك، فاختَرْنَ اللهَ ورَسولَه والدَّارَ الآخِرةَ كُلُّهنَّ، ولم يتخلَّفْ منهنَّ واحِدةٌ، رَضِيَ اللهُ عنهنَّ.
وفي هذا التخييرِ فوائِدُ عَديدةٌ:
منها: الاعتِناءُ برَسولِه، وغَيرتُه عليه أن يكونَ بحالةٍ يَشُقُّ عليه كثرةُ مَطالِبِ زَوجاتِه الدُّنيويَّةِ.
ومنها: سلامتُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بهذا التخييرِ مِن تَبِعةِ حُقوقِ الزَّوجاتِ، وأنَّه يبقى في حُرِّيةِ نَفْسِه، إن شاء أعطى، وإن شاء مَنَع مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ.
ومنها: تَنزيهُه عمَّا لو كان فيهنَّ من تُؤثِرُ الدُّنيا على اللهِ ورَسولِه والدَّارِ الآخِرةِ، وعن مُقارَنتِها.
ومنها: سلامةُ زَوجاتِه رَضِيَ اللهُ عنهنَّ عن الإثمِ، والتعَرُّضِ لسَخَطِ اللهِ ورَسولِه.
فحَسَم اللهُ بهذا التخييرِ عنهُنَّ التسَخُّطَ على الرَّسولِ، الموجِبَ لسَخَطِه، المُسخِطَ لرَبِّه، الموجِبَ لعِقابِه.
ومنها: إظهارُ رِفعتِهنَّ، وعُلُوُّ دَرَجتِهنَّ، وبَيانُ عُلُوِّ هِمَمِهنَّ؛ أن كان اللهُ ورسولُه والدَّارُ الآخِرةُ مُرادَهنَّ ومَقصودَهنَّ دونَ الدُّنيا وحُطامِها.
ومنها: استِعدادُهنَّ بهذا الاختيارِ للأمرِ الخِيارِ للوُصولِ إلى خِيارِ دَرَجاتِ الجَنَّةِ، وأن يَكُنَّ زَوجاتِه في الدُّنيا والآخِرةِ.
ومنها: ظُهورُ المُناسَبةِ بَيْنَه وبَيْنَهنَّ؛ فإنَّه أكمَلُ الخَلقِ، وأراد اللهُ أن تكونَ نساؤُه كامِلاتٍ مُكَمَّلاتٍ، طَيِّباتٍ مُطَيَّباتٍ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ.
ومنها: أنَّ هذا التَّخييرَ داعٍ ومُوجِبٌ للقَناعةِ التي يَطمَئِنُّ لها القَلبُ، ويَنشَرِحُ لها الصَّدرُ، ويَزولُ عنهُنَّ جَشَعُ الحِرْصِ، وعَدَمُ الرِّضا المُوجِبُ لقَلَقِ القَلبِ واضطِرابِه، وهَمِّه وغَمِّه.
ومنها: أن يكونَ اختيارُهنَّ هذا سَبَبًا لزيادةِ أجْرِهنَّ ومُضاعَفتِه، وأن يكُنَّ بمَرتبةٍ ليس فيها أحَدٌ مِنَ النِّساءِ) [2248] يُنظر: ((تفسير السعدي)) (ص: 663). .
2- من فَضائِلِ أزواجِ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: استِحقاقُهنَّ الأجرَ العظيمَ.
قال اللهُ تعالى: فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا [الأحزاب: 29] .
 قال ابنُ العَربيِّ: (قَولُه تعالى: أَجْرًا عَظِيمًا المعنى: أعطاهُنَّ اللهُ بذلك ثوابًا مُتكاثِرَ الكَيفيَّةِ والكَمِّيَّةِ في الدُّنيا والآخِرةِ، وذلك بيِّنٌ في قَولِه: نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ [الأحزاب: 31] ، وزيادةَ رِزقٍ كريمٍ مُعَدٍّ لهنَّ.
أمَّا ثوابُهنَّ في الآخِرةِ فكَونُهنَّ مع النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في دَرَجتِه في الجَنَّةِ، ولا غايةَ بَعْدَها، ولا مَزِيَّةَ فَوْقَها، وفي ذلك من زيادةِ النَّعيمِ والثَّوابِ على غَيرِهنَّ؛ فإنَّ الثَّوابَ والنعيمَ على قَدْرِ المَنزِلةِ.
وأمَّا في الدُّنيا فبثلاثةِ أوجُهٍ:
أحَدُها: أنَّه جعَلَهنَّ أمَّهاتِ المُؤمِنينَ، تعظيمًا لحَقِّهنَّ، وتأكيدًا لحُرمتِهنَّ، وتشريفًا لمنزلتِهنَّ.
الثَّاني: أنَّه حظَرَ عليه طلاقَهنَّ، ومنعه من الاستبدالِ بهِنَّ، فقال: لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ [الأحزاب: 52] .
والحِكمةُ: أنَّهنَّ لَمَّا لم يختَرْنَ عليه غَيْرَه أمَرَ بمُكافأتِهنَّ في التمَسُّكِ بنِكاحِهنَّ.
فأمَّا مَنعُ الاستبدالِ بهِنَّ فاختَلَف العُلَماءُ: هل بَقِيَ ذلك مُستدامًا أم رَفَعَه اللهُ عنه، على ما يأتي بيانُه إن شاء اللهُ تعالى.
وهذا يدُلُّ على أنَّ اللهَ يُثيبُ العَبْدَ في الدُّنيا بوجوهٍ مِن رَحمتِه وخيراتِه، ولا يَنقُصُ ذلك من ثوابِه في الآخِرةِ. وقد يُثيبُه في الدُّنيا ويَنقُصُه بذلك في الآخِرةِ، على ما تقدَّم بيانُه في مَوضِعِه.
الثَّالِثُ: أنَّ مَن قذَفَهنَّ حُدَّ حَدَّينِ، كما قال مسروقٌ.
والصَّحيحُ أنَّه حَدٌّ واحِدٌ كما تقدَّم بيانُه في سورةِ النُّورِ، من أنَّ عُمومَ قَولِه: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً [النور: 4] ، يتناوَلُ كُلَّ مُحصَنةٍ، ولا يقتَضي شرَفُهنَّ زيادةً في الحَدِّ لهنَّ؛ لأنَّ شَرَفَ المَنزِلةِ لا يُؤثِّرُ في الحدودِ بزيادةٍ، ولا نَقْصُها يُؤَثِّرُ في الحَدِّ بنَقْصٍ، واللهُ أعلَمُ) [2249] يُنظر: ((أحكام القرآن)) (3/565). .
وقال أبو حيَّانَ: (أوقع الظَّاهِرَ مَوقِعَ المُضمَرِ تَنبيهًا على الوَصْفِ الذي ترتَّب لهنَّ به الأجرُ العَظيمُ، وهو الإحسانُ، كأنَّه قال: أعدَّ لكُنَّ؛ لأنَّ من أراد اللهَ ورَسولَه والدَّارَ الآخِرةَ كان مُحسِنًا) [2250] يُنظر: ((تفسير أبي حيان)) (8/473). .
3- مِن فَضائِلِ أزواجِ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إبرازُ شَرَفِهنَّ وعُلُوُّ مَنزِلَتِهنَّ على غَيرِهنَّ مِنَ النِّساءِ.
قال اللهُ تعالى: يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ [الأحزاب: 32] .
قال ابنُ كثيرٍ: (قال مخاطِبًا لنِساءِ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بأنهنَّ إذا اتَّقينَ اللهَ كما أمرَهنَّ، فإنَّه لا أحَدٌ يُشبِهُهنَّ مِنَ النِّساءِ، ولا يَلحَقُهنَّ في الفَضيلةِ والمَنزِلةِ) [2251] يُنظر: ((تفسير ابن كثير)) (6/ 408). .
4- مِن فَضائِلِ أزواجِ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: مُضاعَفةُ الأجرِ.
 قال اللهُ تعالى: وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا [الأحزاب: 31] .
قال ابنُ جريرٍ: (نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ يقولُ: يُعْطِها اللهُ ثَوابَ عَمَلِها مِثْلَي ثوابِ عَمَلِ غَيرِهنَّ مِن سائِرِ نِساءِ النَّاسِ) [2252] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (19/92). .
وقال ابنُ تَيميَّةَ: (هُنَّ -وللهِ الحَمدُ- قَنَتْنَ للهِ ورَسولِه، وعَمِلْنَ صالِحًا؛ فاستَحقَقْنَ الأجْرَ مَرَّتينِ، فصِرْنَ أفضَلَ لطاعةِ الأمرِ، لا لمجَرَّدِ الأمرِ) [2253] يُنظر: ((منهاج السنة)) (4/605). .
وقال الألوسيُّ: (يستدعي هذا أنَّه إذا أثيبَ نِساءُ المُسلِمينَ على الحَسَنةِ بعَشْرِ أمثالِها، أُثِبْنَ على الحَسَنةِ بعِشْرينَ مِثْلًا لها، وإذا زِيدَ للنِّساءِ على العَشرِ شَيءٌ زِيدَ لهنَّ ضِعْفُه) [2254] يُنظر: ((تفسير الألوسي)) (11/184). .
5- مِن فَضائِلِ أزواج النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: البِشارةُ بالجنَّةِ.
 قال اللهُ تعالى: وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا [الأحزاب: 31] .
 قال ابنُ جَريرٍ: (يقولُ تعالى ذِكْرُه: ومن يُطِعِ اللهَ ورَسولَه مِنكُنَّ، وتَعمَلْ بما أمَرَ اللهُ به نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ يقولُ: يُعْطِها اللهُ ثوابَ عَمَلِها مِثْلَي ثوابِ عَمَلِ غَيرِهنَّ مِن سائِرِ نِساءِ النَّاسِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا يقولُ: وأعتَدْنا لها في الآخِرةِ عَيشًا هَنيئًا في الجَنَّةِ) [2255] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (19/ 92). .
6- مِن فَضائِلِ أزواجِ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: الاصطِفاءُ الإلهيُّ.
قال اللهُ تعالى: وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا [الأحزاب: 34] .
قال الزَّمخشريُّ: (إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا حينَ عَلِمَ ما ينفَعُكم ويُصلِحُكم في دِينِكم، فأنزَلَه عليكم. أو عَلِمَ مَن يَصلُحُ لنبُوَّتِه ومن يصلُحُ لأن يكونوا أهلَ بَيتِه) [2256] يُنظر: ((تفسير الزمخشري)) (3/538). .
وقال ابنُ كثيرٍ: (قَولُه: إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا أي: بلُطْفِه بكُنَّ بلَغْتُنَّ هذه المَنزِلةَ، وبخِبْرتِه بكُنَّ وأنكُنَّ أهلٌ لذلك أعطاكُنَّ ذلك، وخصَّكُنَّ بذلك... خبيرًا بكُنَّ؛ إذ اختاركُنَّ لرَسولِه أزواجًا) [2257] يُنظر: ((تفسير ابن كثير)) (6/416). .
وقال اللهُ تعالى: وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ [النور: 26] .
 قال ابنُ كثيرٍ: (أي: ما كان اللهُ لِيجعَلَ عائِشةَ زَوجةً لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلَّا وهي طَيِّبةٌ؛ لأنَّه أطيبُ مِن كُلِّ طَيِّبٍ مِنَ البَشَرِ، ولو كانت خبيثةً لَمَا صَلَحَت له، لا شَرْعًا ولا قَدَرًا) [2258] يُنظر: ((تفسير ابن كثير)) (6/ 35). .
 قال أبو عُثْمانَ الصَّابونيُّ في بيانِ عَقيدةِ السَّلَفِ وأصحابِ الحديثِ: (... وكذلك يَرَون تعظيمَ قَدْرِ أزواجِه رَضِيَ اللهُ عنهنَّ، والدُّعاءَ لهُنَّ، ومعرفةَ فَضْلِهنَّ، والإقرارَ بأنهنَّ أمَّهاتُ المُؤمِنينَ) [2259] يُنظر: ((عقيدة السلف وأصحاب الحديث)) (ص 294). .
 وقال ابنُ قُدامةَ: (من السُّنَّةِ الترَضِّي عن أزواجِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أمَّهاتِ المُؤمِنينَ المطَهَّراتِ المُبَرَّآتِ مِن كُلِّ سُوءٍ، أفضَلُهنَّ خَديجةُ بنتُ خُوَيلِدٍ، وعائِشةُ الصِّدِّيقةُ بنتُ الصِّدِّيقُ، التي برَّأها اللهُ في كتابِه، زوجُ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في الدُّنيا والآخِرةِ، فمَن قَذَفها بما برَّأها اللهُ منه فقد كَفَر باللهِ العَظيمِ)  [2260]يُنظر: ((لمعة الاعتقاد)) (ص 40). .

انظر أيضا: