الموسوعة العقدية

المبحثُ الثَّاني: الأدِلَّةُ من السُّنَّةِ النَّبَويَّةِ على وُجوبِ الإمامةِ

1- عن عَبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((من مات ولَيسَ في عُنُقِه بيعةٌ مات مِيتةً جاهِليَّةً )) [1232] رواه مسلم (1851) مطولًا.
قال عياضٌ: ( ((مات مِيتةً جاهِليَّةً)): بكَسرِ الميمِ، أى على هيئةِ ما مات عليه أهلُ الجاهِليَّةِ، من كَونِهم فوضَى لا يَدينونَ لإمامٍ) [1233] يُنظر: ((إكمال المعلم)) (6/258). .
وقال العَينيُّ: (قَولُه: جاهِليَّة، أي: كموتِ أهلِ الجاهِليَّةِ حَيثُ لم يَعرِفوا إمامًا مُطاعًا) [1234] يُنظر: ((عمدة القاري)) (24/178). .
فإذا كانتِ البيعةُ واجِبةً في عُنُقِ المُسلِمِ، والبيعةُ لا تَكونُ إلَّا لإمامٍ، فنَصْبُ الإمامِ إذَنْ واجِبٌ [1235] يُنظر: ((الإمامة العظمى عند أهل السنة والجماعة)) للدميجي (ص: 50). .
2- عن أبي سَعيدٍ الخُدريِّ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا خَرَجَ ثَلاثةٌ في سَفَرٍ فليُؤمِّروا أحَدَهم )) [1236] أخرجه أبو داود (2608)، والطبراني في ((المعجم الأوسط)) (8093)، والبيهقي (10651). صحَّحه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (2608)، وحسن إسناده النووي في ((رياض الصالحين)) (351). .
قال ابنُ تَيمِيَّةَ: (فإذا كان قد أوجَبَ في أقَلِّ الجَماعاتِ وأقصَرِ الاجتِماعاتِ أن يولَّى أحَدُهم، كان هذا تَشبيهًا على وُجوبِ ذلك فيما هو أكثَرُ من ذلك) [1237] يُنظر: ((الحسبة في الإسلام، أو وظيفة الحكومة الإسلامية)) (ص: 9). .
3- عن أبي أُمامةَ الباهِليِّ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لتُنقَضَنَّ عُرَى الإسلامِ عُروةً عُروةً، فكُلَّما انتَقَضَت عُروةٌ تَشبَّثَ النَّاسُ بالَّتي تَليها، وأوَّلُهُنَّ نَقْضًا الحُكْمُ وآخِرُهُنَّ الصَّلاةُ )) [1238] رواه أحمد (22160) واللَّفظُ له، وابن حبان (6715)، والحاكم (7022). صحَّحه ابن حبان، والألباني في ((صحيح الجامع)) (5075)، وحسنه الوادعي في ((الصَّحيح المسند)) (490)، وصحَّح إسنادَه الحاكم، والبوصيري في ((إتحاف الخيرة المهرة)) (8/35)، وجوده ابن باز في ((مجموع الفتاوى)) (9/205)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (22160). .
فيَدخُلُ في الحُكمِ وُجودُ الخَليفةِ أوِ الإمامِ الَّذي يَقومُ بهذا الحُكمِ، فدَلَّ على وُجوبِ الإمامةِ.
4- عنِ العِرباضِ بنِ سارِيةَ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((... فإنَّه من يَعِشْ منكم بَعْدي فسَيرَى اختِلافًا كَثيرًا فعليكم بسُنَّتي وسُنَّةِ الخُلَفاءِ المَهْديِّين الرَّاشِدين، تَمَسَّكوا بها وعَضُّوا عليها بالنَّواجِذِ، وإيَّاكُم ومُحْدَثاتِ الأمورِ؛ فإنَّ كُلَّ مُحْدَثةٍ بِدعةٌ، وكُلَّ بدعةٍ ضَلالةٌ )) [1239] أخرجه أبو داود (4607) واللَّفظُ له، والترمذي (2676)، وابن ماجه (42)، وأحمد (17144). صحَّحه الترمذي، والبزار كما في ((جامع بيان العلم وفضله)) لابن عبدالبر (2/1164)، وابن حبان في ((صحيحه)) (5). .
وقد تَواتَر عنِ الصَّحابةِ رِضوانُ اللهِ عليهم أنَّهم بايَعوا أبا بَكْرٍ رَضيَ اللهُ عنه بالخِلافةِ بَعدَ وفاةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ثُمَّ استَخلَفَ أبو بَكرٍ عُمَرَ رَضي اللهُ تعالى عنهما، ثُمَّ استَخلَفَ عُمَرُ أحَدَ السِّتَّةِ الَّذينَ اختاروا عُثمانَ رَضيَ اللهُ عنه، ثُمَّ بَعدَ استِشهادِه بايَعوا عَليًّا بالخِلافةِ، فهذه سُنَّتُهم رَضيَ اللهُ عنهم في الخِلافةِ، وعَدَمِ التهاوُنِ في مَنْصِبِها؛ فوَجَبَ الاقتِداءُ بهم في ذلك بأمرِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم [1240] يُنظر كتاب: ((الإمامة والرد على الرافضة)) لأبي نعيم الأصبهاني. .

انظر أيضا: