الموسوعة العقدية

المبحثُ الثاني: من خُطورةِ البِدعةِ وآثارِها السَّيِّئةِ أنَّ صاحِبَ البِدعةِ تُنـزَعُ منه العِصمةُ ويُوكَلُ إلى نَفسِه

فقد بَعَثَ اللَّهُ تعالى مُحَمَّدًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رَحمةً للعالَمينَ كما أخبَرَ في كِتابِه، وكان النَّاسُ قَبلَ ظُهورِ ذلك النُّورِ لا يَهتَدُونَ سَبيلًا، حَتَّى بَعثَ اللهُ نَبيَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لزَوالِ الرَّيبِ والالتِباسِ، وارتِفاعِ الخِلافِ الواقِعِ بَينَ النَّاسِ، فإذا تَرَكَ المُبتَدِعُ هذه الهِباتِ العَظيمةَ، والعَطايا الجَزيلةَ، وأخَذَ في استِصلاحِ نَفسِه أو دُنياهُ بنَفسِه بما لم يَجعَلِ الشَّرعُ عليه دَليلًا، فكَيفَ لَهُ بالعِصمةِ والدُّخولِ تَحتَ هذه الرَّحمةِ، وقد حَلَّ يَدَه من حَبلِ العِصمةِ إلى تَدبيرِ نَفسِه؟! فهو حَقيقٌ بالبُعدِ عنِ الرَّحمةِ.
قال اللهُ تعالى: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا [آل عمران: 103] ، بعد قَولِه: اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ [آل عمران: 102] فأشعَرَ أنَّ الاعتِصامَ بحَبلِ اللهِ هو تَقوَى اللَّهِ حَقًّا، وأنَّ ما سِوَى ذلك تَفرِقةٌ؛ لقَولِه: وَلَا تَفَرَّقُوا، والفُرقةُ من أخَسِّ أوصافِ المُبتَدِعةِ؛ لأنَّه خَرج عن حُكمِ اللَّهِ، وبايَنَ جَماعةَ أهلِ الإسلامِ.

انظر أيضا: