الموسوعة العقدية

المطلبُ الأوَّلُ: الأدِلَّةُ من القُرآنِ الكَريمِ على ذَمِّ البِدَعِ

1- قال اللهُ تعالى: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ، ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [الأنعام: 153] .
عن مُجاهِدٍ أنَّه قال في قَولِه: وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ، قال: (البِدَعُ والشُّبُهاتُ) [1067] رواه ابن جرير في تفسيره (9/670). .
وقال الشَّاطِبيُّ: (الصِّراطُ المُستَقيمُ هو سَبيلُ اللهِ الَّذي دَعا إليه، وهو السُّنَّةُ، والسُّبُلُ هيَ سُبُلُ أهلِ الاختِلافِ الحائِدينَ عنِ الصِّراطِ المُستَقيمِ، وهم أهلُ البِدَعِ، ولَيسَ المُرادُ سُبُلَ المَعاصي؛ لأنَّ المَعاصيَ من حَيثُ هيَ مَعاصٍ لم يَضَعْها أحَدٌ طَريقًا تُسلَكُ دائِمًا على مُضاهاةِ التشريعِ، وإنَّما هذا الوَصفُ خاصٌّ بالبِدَعِ المُحْدَثاتِ) [1068] يُنظر: ((الاعتصام)) (1/80). .
2- قال اللهُ سُبحانَه: وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَداَكُمْ أَجْمَعِينَ [النحل: 9] .
قال عَبدُ اللهِ بنُ المُبارَكِ وسَهلُ بنُ عَبدِ اللَّهِ: (قَصْدُ السَّبِيلُ: السُّنَّةُ وَمِنْهَا جَائِرٌ: الأهواءُ والبِدَعُ) [1069] يُنظر: ((تفسير البغوي)) (3/73). .
وقال الشَّاطِبيُّ: (السَّبيلُ القَصدُ: هو طَريقُ الحَقِّ، وما سِواهُ من الطُّرُقِ جائِرٌ عنِ الحَقِّ، أي: عادِلٌ عنه، وهيَ طُرُقُ البِدَعِ والضَّلالاتِ، أعاذَنا اللَّهُ من سُلوكِها بفَضلِه، وكَفَى بالجائِرِ أن يُحذَّرَ منه، فالمَساقُ يَدُلُّ على التحذيرِ والنَّهيِ... وعن مُجاهِدٍ قَصْدُ السَّبِيلِ أي: المُقتَصِدُ منها بَينَ الغُلُوِّ والتقصيرِ. وذلك يُفيدُ أنَّ الجائِرَ هو الغالي أوِ المُقَصِّرُ، وكِلاهما من أوصافِ البِدَعِ) [1070] يُنظر: ((الاعتصام)) (1/84). .
3- قال اللهُ عَزَّ وجَلَّ: إنَّ الَّذِين فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ [الأنعام: 159] .
قال ابنُ عَطِيَّةَ: (هذه الآيةُ تَعَمُّ أهلَ الأهواءِ والبِدَعِ والشُّذوذِ في الفُروعِ، وغَيرَ ذلك من أهلِ التعَمُّقِ في الجَدَلِ والخَوضِ في الكَلامِ، هذه كُلُّها عُرضةٌ للزَّللِ ومَظِنَّةٌ لسُوءِ المُعتَقَدِ) [1071] يُنظر: ((تفسير ابن عطية)) (2/364). .
وقال إسماعيلُ بنُ إسحاقَ الأزديُّ: (ظاهِرُ القُرآنِ يَدُلُّ على أنَّ كُلَّ من ابتَدَعَ في الدِّينِ بدعةً من الخَوارِجِ وغَيرِهم، فهو داخِلٌ في هذه الآيةِ؛ لأنَّهم إذا ابتَدَعوا تَجادَلوا وتَخاصَموا وتَفَرَّقوا وكانوا شِيَعًا) [1072] يُنظر: ((الاعتصام)) للشاطبي (1/89). .

انظر أيضا: