الموسوعة العقدية

الفرعُ الخامسُ: مِن فَضائِلِ شَهادةِ لا إلهَ إلَّا اللهُ: أنَّها الكَلِمةُ الطَّيِّبةُ

قال اللهُ تعالى: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا [إبراهيم:24-25] .
أي: ألم تَرَ -يا محمَّدُ- كيف مثَّلَ اللهُ مَثَلًا، وشبَّه شَبَهًا كَلِمةً طَيِّبةً -وهي كَلِمةُ التَّوحيدِ: شهادةُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ- كشَجَرةٍ طَيِّبةِ الثَّمرةِ -كالنَّخلةِ- وجُذورُها ثابِتةٌ في الأرضِ، وأغصانها مرتَفِعةٌ نحوَ السَّماءِ، فكذلك كَلِمةُ التَّوحيد؛ أصلُها ثابِتٌ وراسِخٌ في قلبِ المؤمِنِ، وفرُوعُها مِن الأعمالِ الصَّالحةِ صاعِدةٌ إلى السَّماءِ، مَرفوعةٌ إلى الرَّبِّ سُبحانَه، تُخرِجُ هذه الشَّجرةُ الطَّيِّبةُ ثَمَرَها كامِلًا كثيرًا طَيِّبًا في كلِّ وقتٍ وساعةٍ مِن ليلٍ ونهارٍ، وصيفٍ وشِتاءٍ، بمَشيئةِ خالِقِها وأمْرِه وتيسيرِه، وكذلك كَلِمةُ التَّوحيد؛ لا تزالُ تُثمِرُ الأعمالَ الصَّالحةَ للمُؤمِنِ في كُلِّ وَقتٍ، ولا يزالُ يُرفَعُ له عمَلٌ صالِحٌ آناءَ اللَّيلِ وأطرافَ النَّهارِ، في كلِّ حينٍ [612] يُنظر: ((التفسير المحرر - سورة إبراهيم)) (ص: 331). .
وعنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: (كَلِمَةً طَيِّبَةً شَهادةَ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ وهو المؤمِنُ أَصْلُهَا ثَابِتٌ يقولُ: لا إلهَ إلَّا اللهُ ثابِتٌ في قَلبِ المؤمِنِ، وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ يقول: يُرفَعُ بها عَمَلُ المؤمِنِ إلى السَّماءِ) [613] أخرجه ابن جرير في تفسيره (13/ 635).
وقال السَّمعانيُّ: (أجمع المفَسِّرون على أنَّ الكَلِمةَ الطَّيِّبةَ هاهنا: لا إلهَ إلَّا اللهُ) [614] يُنظر: ((تفسير السمعاني)) (3/ 113). .
وقال ابنُ تَيميَّةَ: (الكَلِمةُ: أصلُ العقيدةِ، فإنَّ الاعتقادَ هو الكَلِمةُ التي يعتَقِدُها المرْءُ، وأطيَبُ الكَلامِ والعقائِدِ: كَلِمةُ التَّوحيدِ، واعتِقادُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ) [615] يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) (4/ 74). .
وقال أيضًا: (هي كَلِمة التَّوحيدِ، والشَّجَرةُ كُلَّما قَوِيَ أصلُها وعَرُق ورَوِيَ، قَوِيَت فُروعُها، وفُروعُها أيضًا إذا اغتَذَت بالمطَرِ والرِّيحِ، أثَّر ذلك في أصلِها) [616] يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) (7/ 542).
وقال ابنُ القَيِّمِ: (شَبَّه سُبحانَه وتعالى الكَلِمةَ الطَّيِّبةَ بالشَّجَرةِ الطَّيِّبةِ؛ لأنَّ الكَلِمةَ الطَّيِّبةَ تُثمِرُ العَمَلَ الصَّالِحَ، والشَّجرةُ الطَّيِّبةُ تُثمِرُ الثَّمَرَ النَّافِعَ. وهذا ظاهِرٌ على قَولِ جُمهورِ المُفَسِّرين الذين يقولونَ: الكَلِمةُ الطَّيِّبةُ هي شَهادةُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ؛ فإنَّها تُثمِرُ جَميعَ الأعمالِ الصَّالحةِ الظَّاهرةِ والباطِنةِ، فكُلُّ عَمَلٍ صالحٍ مَرْضِيٍّ لله ثَمَرةُ هذه الكَلِمةِ) [617] يُنظر: ((إعلام الموقعين)) (1/ 132). .
وقال السَّعديُّ: (يَقولُ تعالى: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً وهي شَهادةُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وفُروعُها كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ وهي النَّخلةُ، أَصْلُهَا ثَابِتٌ في الأرضِ، وَفَرْعُهَا مُنتَشِرٌ فِي السَّمَاءِ، وهي كثيرةُ النَّفعِ دائِمًا) [618] يُنظر: ((تفسير السعدي)) (ص: 425).

انظر أيضا: