الموسوعة العقدية

الفَرْعُ الأوَّلُ: تعريفُ الشِّرْكِ في الأُلوهِيَّةِ

الشِّرْكُ في الأُلوهِيَّةِ: هو الشِّرْكُ في عبادةِ اللهِ، وإن كان صاحِبُه يعتَقِدُ أنَّه سُبحانَه لا شَريكَ له في ذاتِه، ولا في صِفاتِه، ولا في أفعالِه.
وهو أكثَرُ وأوسَعُ انتِشارًا ووقوعًا من شِرْكِ الرُّبوبيَّةِ؛ فإنَّه قَدْ يَصدُرُ ممَّن يعتَقِدُ أنَّه لا إلهَ إلَّا اللهُ، وأنَّه لا يَضُرُّ ولا ينفَعُ، ولا يُعطي ولا يمنَعُ؛ إلَّا اللهُ، وأنَّه لا إلهَ غَيرُه، ولا رَبَّ سِواه، ولكِنْ لا يُخلِصُ للهِ في عبادتِه.
ومَن لم يخلِصْ للهِ في عبادتِه لم يفعَلْ ما أُمِرَ به، فلا يَقبَلُ منه، كما في حديثِ أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((قال اللهُ تبارك وتعالى: أنا أغنى الشُّرَكاءِ عن الشِّرْكِ، من عَمِلَ عَمَلًا أشرَكَ فيه معيَ غَيري، تركْتُه وشِرْكَه )) [171] أخرجه مسلم (2985). .
وسيقولُ المُشرِكون مخاطبينَ آلهِتَهم في الجَحيمِ: تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ [الشعراء: 97-98] ، وهم لم يُسَوُّوهم باللهِ في الخَلْقِ والرَّزقِ والإماتةِ والإحياءِ، والمُلْكِ والقُدرةِ ونحوِ ذلك، وإنَّما سَوَّوهم به في الحُبِّ والتألُّهِ والخُضوعِ والتذَلُّلِ والتعظيمِ [172] يُنظر: ((الجواب الكافي)) (ص: 131)، ((مدارج السالكين)) (1/348) كلاهما لابن القيم. ويُنظر: ((تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد)) للألباني (ص: 74)، ((مجموع فتاوى ابن عثيمين)) (7/ 286)، ((الشرك في القديم والحديث)) لأبي بكر زكريا (1/147). .
قال ابنُ تيميَّةَ: (الشِّرْكُ في الإلهيَّةِ هو: أن يجعَلَ للهِ نِدًّا أي: مِثْلًا في عِبادتِه أو محَبَّتِه أو خَوفِه أو رَجائِه أو إنابتِه؛ فهذا هو الشِّرْكُ الذي لا يَغفِرُه اللهُ إلَّا بالتَّوبةِ منه) [173] يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) (1/ 91). .

انظر أيضا: