الموسوعة العقدية

المَبْحَثُ الخامِسُ: من قواعِدِ وضوابِطِ التَّكفيرِ عند أهلِ السُّنَّةِ: التَّثَبُّتُ مِنْ خَبَرِ وُقوعِ المُسْلِمِ في الكُفرِ

قال اللهُ تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ [الحجرات: 6] .
قال الشوكاني: (المرادُ من التَّبيُّنِ التَّعرُّفُ والتَّفحُّصُ، ومن التَّثبُّتِ: الأناةُ وعَدَمُ العَجَلةِ، والتَّبصُّرُ في الأمرِ الواقِعِ، والخبرِ الواردِ حتى يتَّضِحَ ويَظهَرَ) [1318] يُنظر: ((تفسير الشوكاني)) (5/ 71). .
وقال اللهُ سُبحانَه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا [النساء: 94] .
قال ابنُ جرير: (يعني جَلَّ ثناؤه بقَولِه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا يا أيُّها الذين صَدَّقوا اللهَ وصَدَّقوا رسولَه، فيما جاءَهم به من عندِ رَبِّهم إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يقولُ: إذا سِرْتُم مسَيرًا لله في جهادِ أعدائِكم فَتَبَيَّنُوا يقولُ: فتأنوَّا في قَتْلِ من أشكَلَ عليكم أمْرُه، فلم تَعلَموا حقيقةَ إسلامِه ولا كُفْرِه، ولا تَعجَلوا فتَقْتُلوا من التَبَسَ عليكم أمرُه، ولا تتقَدَّموا على قَتْلِ أحَدٍ إلَّا على قَتْلِ من عَلِمتُموه يقينًا حَربًا لكم وللهِ ولِرَسولِه. وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ يقولُ: ولا تقولوا لِمن استسلم لكم فلم يقاتِلْكم، مُظهِرًا لكم أنَّه من أهلِ مِلَّتِكم ودَعوتِكم لَسْتَ مُؤمِنًا فتَقْتُلوه ابتغاءَ عَرَضِ الحياة الدُّنْيا، يقولُ: طَلَبَ متاعِ الحياةِ الدُّنْيا) [1319] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (7/ 351). .
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّه عنْهمَا أنَّه قال في قوله تعالى: وَلَا تَقُولوا لِمَنْ ألْقَى إلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا: (كانَ رَجُلٌ في غُنَيْمَةٍ له فَلَحِقَهُ المُسْلِمُونَ، فَقالَ: السَّلَامُ علَيْكُم، فَقَتَلُوهُ وأَخَذُوا غُنَيْمَتَهُ، فأنْزَلَ اللَّه في ذلكَ إلى قَوْلِهِ: عَرَضَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا تِلكَ الغُنَيْمَةُ) [1320] أخرجه البخاري (4591) واللفظ له، ومسلم (3025). .
قال محمَّدُ بنُ عبدِ الوهَّابِ: (لا نُكَفِّرُ مَنْ لا نَعرِفُ منه الكُفرَ؛ بسبَبِ ناقضٍ ذُكِرَ عنه، ونحنُ لم نتحَقَّقْه) [1323] يُنظر: ((الدرر السنية)) (10/112). .

انظر أيضا: