الموسوعة العقدية

المَبْحَثُ الثَّالِثُ: من قواعِدِ وضَوابِطِ التَّكفيرِ عندَ أهلِ السُّنَّةِ: مَنْ ثَبَت إسلامُه بيَقينٍ فلا يجوزُ تَكفيرُه إلَّا بيَقينٍ

قال ابنُ عبدِ البَرِّ: (كُلُّ مَنْ ثَبَت له عَقْدُ الإسلامِ في وَقتٍ بإجماعٍ مِنْ المُسلِمينَ، ثمَّ أذنَبَ ذَنبًا أو تأوَّلَ تأويلًا، فاختَلَفوا بعدُ في خُروجِه من الإسلامِ؛ لم يكنْ لاختِلافِهم بعدَ إجماعِهم معنًى يُوجِبُ حُجَّةً، ولا يُخرَجُ مِنْ الإسلامِ المُتَّفَقِ عليه إلَّا باتِّفاقٍ آخَرَ، أو سُنَّةٍ ثابتةٍ لا مُعارِضَ لها) [1298] يُنظر: ((التمهيد)) (17/21). .
وقال ابنُ تيميَّةَ: (مَنْ ثَبَت إسلامُه بيَقينٍ لم يَزُلْ ذلك عنه بالشَّكِّ، بل لا يزولُ إلَّا بعد إقامةِ الحُجَّةِ، وإزالةِ الشُّبهةِ). [1299] يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) (12/466).
وقال ابنُ نجيم: (وفي جامِعِ الفُصُولَينِ روى الطَّحاوي عن أصحابِنا: لا يُخْرِجُ الرَّجلَ من الإيمانِ إلَّا جُحودُ ما أدخله فيه، ما تُيُقِّنَ أنَّه رِدَّةٌ، يُحكَمُ بها، وما يُشَكُّ أنَّه رِدَّةٌ لا يُحكَمُ بها؛ إذ الإسلامُ الثَّابتُ لا يزولُ بشَكٍّ، مع أنَّ الإسلامَ يعلو، وينبغي للعالمِ إذا رُفِعَ إليه هذا ألَّا يبادِرَ بتكفيرِ أهلِ الإسلامِ... وفي الفتاوى الصُّغرى: الكُفرُ شَيءٌ عَظيمٌ، فلا أجعَلُ المؤمِنَ كافِرًا متى وُجِدَت روايةٌ أنَّه لا يَكْفُرُ اهـ... وفي التَّتارخانيَّة: لا يُكَفَّرُ بالمحتَمَلِ؛ لأنَّ الكُفرَ نهايةٌ في العقوبةِ، فيَستدعي نهايةً في الجِنايةِ، ومع الاحتمالِ لا نهايةَ اهـ.... والذي تحرَّر أنَّه لا يُفتى بتكفيرِ مُسلمٍ أمكَنَ حَملُ كلامِه على مَحمَلٍ حَسَنٍ، أو كان في كُفْرِه اختلافٌ ولو روايةً ضعيفةً) [1300] يُنظر: ((البحر الرائق)) (5/134). .
وقال مُحمَّدُ بنُ عبدِ الوهَّاب: (مَنْ أظهَرَ الإسلامَ وظَنَنَّا أنَّه أتى بناقضٍ، لا نُكَفِّرُه بالظَّنِّ؛ لأنَّ اليَقينَ لا يَرفَعُه الظَّنُّ). [1301] يُنظر: ((الدرر السنية)) (10/112).
وقال ابنُ عُثَيمين: (الأصلُ فيمن يَنتَسِبُ للإسلامِ بَقاءُ إسلامِه حتى يُتحَقَّقَ زوالُ ذلك عنه بمُقتضى الدَّليلِ الشَّرعيِّ، ولا يجوزُ التَّساهُلُ في تكفيرِه) [1302] يُنظر: ((مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين)) (2/133). .

انظر أيضا: