الموسوعة العقدية

الفَرعُ الأولُ: شِدَّةُ حَرِّها

قال اللهُ تعالى: وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ [التوبة: 81] .
قال ابنُ كَثيرٍ: (قال اللهُ تعالى لِرَسُولِه: قُلْ لَهم: نَارُ جَهَنَّمَ الَّتي تَصيرُونَ إليها بسَبَب مُخالَفَتِكم أَشَدُّ حَرًّا مِمَّا فرَرتُم مِنه مِنَ الحَرِّ، بَل أشَدُّ حَرًّا مِنَ النَّارِ... لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ أي: لَو أنَّهم يَفقَهونَ ويَفهَمُونَ لَنَفرُوا مَعَ الرَّسولِ في سَبيلِ الله في الحَرِّ، ليَتَّقُوا به حَرَّ جَهَنَّم، الَّذي هو أضعافُ أضعافِ هذا) [5067] يُنظر: ((تفسير ابن كثير)) (4/ 189-191). .
وعَن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عَنه أيضًا أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((نارُكم هذه الَّتي يُوقِدُ ابنُ آدَم جُزءٌ مِن سَبعينَ جُزءًا مِن حَرِّ جَهَنَّمَ، قالُوا: واللهِ إن كانَت لكافيةً يا رَسولَ الله، قال: فإنَّها فُضِّلت عليها بتِسعةٍ وسِتِّينَ جُزءًا، كُلُّها مِثلُ حَرِّها. وفي رِوايةٍ: كُلُّهنَّ مِثلُ حَرِّها )) [5068] أخرجه البخاري (3265)، ومسلم (2843) واللَّفظُ له. .
وفي رِوايةٍ: ((إنَّ نارَكم هذه جُزءٌ مِن سَبعينَ جُزءًا مِن نارِ جَهَنَّم، وضُرِبَتْ بالبَحرِ مَرَّتينِ، ولَولا ذَلِكَ ما جَعَلَ الله فيها مَنفَعةً لِأحَدٍ)) [5069] أخرجه أحمد (7327) واللَّفظُ له، وابن حبان (7463)، والبيهقي في ((البعث والنشور)) (500). صحَّحه ابن حبان، والألباني في ((صحيح الترغيب)) (3666)، وشعيب الأرناؤوط على شرط الشيخين في تخريج ((مسند أحمد)) (7327)، وقال ابن كثير في ((نهاية البداية والنهاية)) (2/122): على شرط الصحيحين. .
قال أبُو العَبَّاس القُرطُبيُّ: (قَولُه: ((نارُكم هذه الَّتي يُوقِدُ ابنُ آدَم جُزءٌ مِن سَبعينَ جُزءًا مِن نارٍ جَهَنَّم)) يَعني: أنَّه لَو جُمِعَ كُلُّ ما في الوُجُودِ مِنَ النَّارِ الَّتي يُوقِدُها بنُو آدَمَ لَكانَت جُزءًا مِن أجزاءِ جَهَنَّم المَذكُورةِ! وبيانُه: أنَّه لَو جُمعَ حَطبُ الدُّنيا فوُقدَ كُلُّه حَتَّى صارَ نارًا، لَكانَ الجُزءُ الواحِدُ مِن أجزاءِ نارِ جَهَنَّم، الَّذي هو مِن سَبعينَ جُزءًا، أشَدَّ مِن حَرِّ نارِ الدُّنيا، كَما بيَّنَه في آخِرِ الحَديثِ) [5070] يُنظر: ((المفهم)) (7/ 187). .
وقال ابنُ حَجَرٍ: (قَولُه: ((إن كانَت لَكافيةً))... أي: إنَّ نارَ الدُّنيا كانَت مُجْزِئةً لِتَعذيب العُصاةِ) [5071] يُنظر: ((فتح الباري)) (6/ 334). .

انظر أيضا: