الموسوعة العقدية

الفَرعُ الثَّاني: وصفُ شَجَرةِ الجَنَّةِ

عَن أنسٍ رَضِيَ اللهُ عَنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إنَّ في الجَنَّةِ لِشَجَرةً يَسيرُ الرَّاكِبُ في ظِلِّها مِائةَ عامٍ لا يَقطَعُها )) [4535] أخرجه البخاري (3251). .
وعَن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عَنه عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إنَّ في الجَنَّةِ لشَجَرةً يَسيرُ الرَّاكِبُ في ظِلِّها مِائةَ سَنةٍ، واقرَؤُوا إنْ شئتُم: (وظِلٍّ مَمدُودٍ [الواقعة: 30] )) [4536] أخرجه البخاري (3252) واللَّفظُ له، ومسلم (2826). .
وعَن أبي سَعيدٍ الخُدريِّ رَضِيَ اللهُ عَنه قال: ((إنَّ في الجَنةِ لشَجَرةً يَسيرُ الرَّاكِبُ الجَوادُ المُضمَّرُ [4537]قال النووي: (المضَمَّرُ، بفتح الضاد والميم المشدَّدة: الذي ضَمُر ليشتَدَّ جَرْيُه) ((شرح مسلم)) (17/ 167). السَّريعُ مِائةَ عامٍ وما يَقطَعُها)) [4538] أخرجه البخاري (6553) واللَّفظُ له، ومسلم (2828). .
قال عياضٌ: (قَولُه في الرِّوايةِ الأُخرى: ((الرَّاكِبُ الجَوادُ المُضمَّرَ السَّريعُ مِائةَ عامٍ ما يَقطَعُها)) مُبالَغةٌ في امتِدادِ ظِلِّها، وأنَّ راكِبَ الجَوادِ مِنَ الخيلِ، وهو الذي بمَعنى السَّريعِ يُجَوِّدُ جَرْيَه؛ ولِذا سَمِّي جوادًا، ثُمَّ إذا كانَ مُضمَّرًا كانَ أسرَعَ) [4539] يُنظر: ((إكمال المعلم)) (8/ 360). .
وقال ابنُ عُثيمين: (هذا الحَديثُ يُشيرُ فيه رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى أمثِلةٍ مِنَ النَّعيمِ في جَنَّةِ النَّعيمِ، ذَلِكَ أنَّ في الجَنَّةِ شَجَرةً يَسيرُ الرَّاكِبُ في ظِلِّها مِائةَ عامٍ لا يَقطَعُها، وهذا دَليلٌ على طُولِ هذه الشَّجَرةِ، وأنَّ في الجَنةِ أشجارًا عَظيمةً لا يُدرِكُها العَقلُ، وهذا مِن مَضمُونِ قَولِه تعالى: فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [السجدة: 17] ، وقَولِه تعالى في الحَديثِ القُدُسيِّ: ((أعَدَدْتُ لعِبادي الصَّالِحينَ ما لا عينٌ رَأتْ ولا أُذُنٌ سَمِعتْ ولا خَطرَ على قَلبِ بَشَرٍ )) [4540] أخرجه البخاري (3244)، ومسلم (2824) مطولًا من حديثِ أبي هُرَيرةَ رضي اللهُ عنه. . وكُلُّ ما يُذكَرُ في الجَنةِ مِنَ الفاكِهةِ واللَّحمِ والماءِ والعَسَلِ واللَّبَنِ والخَمرِ والأزواجِ وغيرِ ذَلِكَ، كُلُّه لا يُشابِهُ أو لا يُماثِلُ ما في هذه الدُّنيا، وإنَّما يُوافِقُه في الأسماءِ فقَط، كَما قال ابنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهما: ليسَ في الجَنَّةِ شيءٌ مِمَّا في الدُّنيا إلَّا الأسماءُ، وأمَّا المُسَمَّياتُ وحَقائِقُ هذه المُسَمَّياتِ فإنَّه أمرٌ لا يُمكِنُ أن يُدرَكَ في الدُّنيا، وكُلُّ ما خَطَرَ على قَلبكَ مِن نَعيمٍ فإنَّ نَعيمَ الجَنةِ أعظَمُ وأجَلُّ وأكمَلُ، ويَكفي في ذَلِكَ قَولُه تعالى: بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى [الأعلى: 16-17] ) [4541] يُنظر: ((فتاوى نور على الدرب)) (2/507). .

انظر أيضا: