الموسوعة العقدية

المَطلَبُ الأوَّلُ: أدِلَّةُ إثباتِ الميزانِ من القُرآنِ الكَريمِ 

1- قال اللهُ تعالى: وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُم بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يِظْلِمُونَ [الأعراف: 8 -9] .
قال السَّمعانيُّ: (قَولُه تعالى: وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ قال مُجاهِدٌ: مَعناه: القَضاءُ يَومَئِذٍ بالحَقِّ والعَدْلِ، وأكثَرُ المُفَسِّرينَ على أنَّه أرادَ به: الوَزنَ بالميزانِ المَعروفِ، وهو حَقٌّ) [3823] يُنظر: ((تفسير السمعاني)) (2/ 165). .
وقال البَغَويُّ: (قَولُه تعالى: وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ، يَعني: يَومَ السُّؤالِ. قال مُجاهِدٌ: مَعناه: والقَضاءُ يومَئِذٍ العَدلُ. وقال الأكثَرون: أرادَ به وزنَ الأعمالِ بالميزانِ، وذاك أنَّ اللهَ تعالى يَنصِبُ ميزانًا له لسانٌ وكِفَّتانِ... والحِكمةُ في وزنِ الأعمالِ امتِحانُ اللهِ عِبادَه بالإيمانِ في الدُّنيا وإقامةُ الحُجَّةِ عليهم في العُقبى) [3824] يُنظر: ((تفسير البغوي)) (2/ 180). .
وقال السَّعديُّ: (أي: والوَزنُ يَومَ القيامةِ يَكونُ بالعَدْلِ والقِسطِ، الذي لا جَورَ فيه ولا ظُلمَ بوَجهٍ.
فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ بأن رَجَحَت كِفَّةُ حَسَناتِه على سَيِّئاتِه فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ أي: النَّاجونُ من المَكروه، المُدْرِكونُ للمَحبوبِ، الذينَ حَصَلَ لهمُ الرِّبحُ العَظيمُ، والسَّعادةُ الدَّائِمةُ. وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ بأن رَجَحَت سَيِّئاتُه، وصارَ الحُكمُ لها فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ إذ فاتَهمُ النَّعيمُ المُقيمُ، وحَصَلَ لهمُ العَذابُ الأليمُ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ فلَم يَنقادوا لها كما يَجِبُ عليهم ذلك) [3825] يُنظر: ((تفسير السعدي)) (ص: 283). .
2- قال اللهُ سُبحانَه: وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ [الأنبياء: 47] .
قال البَغَويُّ: (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ، أي ذَواتِ القِسطِ، والقِسْطُ العَدْلُ، ليَومِ القيامةِ، فلا تُظلَمُ نَفسٌ شَيئًا، أي: لا يُنقَصُ من ثَوابِ حَسَناتِها، ولا يُزادُ على سَيِّآتِها، وفي الأخبارِ: إنَّ الميزانَ له لسانٌ وكِفَّتانِ) [3826] يُنظر: ((تفسير البغوي)) (3/ 290). .
قال ابنُ كثيرٍ: (قَولُه: وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ القِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا أي: ونَضَعُ المَوازينَ العَدْلَ ليَومِ القيامةِ. الأكثَرُ على أنَّه إنَّما هو ميزانٌ واحِدٌ، وإنَّما جُمِعَ باعتِبارِ تَعَدُّدِ الأعمالِ المَوزونةِ فيه) [3827] يُنظر: ((تفسير ابن كثير)) (5/ 345). .
3- قال اللهُ عَزَّ وجلَّ: أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا [الكهف: 105] .
قال ابنُ جَريرٍ: (يَقولُ تعالى ذِكرُه: هؤلاء الذينَ وصَفْنا صِفتَهم، الأخسَرون أعمالًا، الذينَ كَفَروا بحُجَجِ رَبِّهم وأدِلَّتِه، وأنكَروا لِقاءَه فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ يَقولُ: فبَطَلَت أعمالُهم، فلَم يَكُن لها ثَوابٌ يَنفَعُ أصحابَها في الآخِرةِ، بَل لهم منها عَذابٌ وخِزيٌ طَويلٌ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا يَقولُ تعالى ذِكرُه: فلا نَجعَلُ لهم ثِقْلًا. وإنَّما عنى بذلك: أنَّهم لا تَثقُلُ بهم مَوازينُهم؛ لأنَّ المَوازينَ إنَّما تَثقُلُ بالأعمالِ الصَّالِحةِ، وليس لهؤلاء شَيءٌ من الأعمالِ الصَّالِحةِ فتَثقُلَ به مَوازينُهم) [3828] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (15/ 429). .

انظر أيضا: