الموسوعة العقدية

المَطلَبُ الأوَّلُ: العَدلُ التَّامُّ الخالي من الظُّلمِ

يُوَفِّي الحَقُّ عزَّ وجَلَّ عِبادَه في يَومِ القيامةِ أجورَهم كامِلةً غَيرَ مَنقوصةٍ.
قال اللهُ تعالى: ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ [البقرة:281] .
قال البيضاوي: (ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ جَزاءَ ما عَمِلَت من خَيرٍ أو شَرٍّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ بنَقصِ ثَوابٍ وتَضعيفِ عِقابٍ) [3639] يُنظر: ((تفسير البيضاوي)) (1/163). .
وقال النَّسَفيُّ: (ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفسٍ مَا كَسَبَتُ أي: جَزاءَ ما كسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ بنُقصانِ الحَسَناتِ وزيادةِ السَّيئاتِ) [3640] يُنظر: ((تفسير النسفي)) (1/226). .
وقال اللهُ سُبحانَه حكايةً عن قولِ لُقمانَ لابْنِه: يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ [لقمان: 16] .
قال ابنُ كثيرٍ: (يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أي: إنَّ المَظلَمةَ أوِ الخَطيئةَ لَو كانت مِثقالَ حَبَّةٍ من خَردَلٍ... يَأْتِ بِهَا اللَّهُ أي: أحضَرَها اللهُ يَومَ القيامةِ حينَ يَضَعُ المَوازينَ القِسطَ، وجازى عليها إنْ خَيرًا فخيرٌ، وإنْ شَرًّا فشَرٌّ.كما قال تعالى: وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ [الأنبياء: 47] ، وقال تعالى: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ [الزلزلة: 7، 8]، ولَو كانت تلك الذَّرَّةُ مُحصَّنةً مُحَجَّبةً في داخِلِ صَخرةٍ صَمَّاءَ، أو غائِبةً ذاهبةً في أرجاءِ السَّمَواتِ أوِ الأرضِ؛ فإنَّ الله يَأتي بها؛ لأنَّه لا تَخفَى عليه خافيةٌ، ولا يَعزُبُ عنه مِثقالُ ذَرَّةٍ في السَّمَواتِ ولا في الأرضِ؛ ولِهذا قال: إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ أي: لَطَيفُ العِلمِ، فلا تَخفَى عليه الأشياءُ وإن دَقَّتْ ولَطُفَتْ وتَضاءَلتْ خَبِيرٌ بدَبيبِ النَّملِ في اللَّيلِ البَهيمِ) [3641] يُنظر: ((تفسير ابن كثير)) (6/337). .
وقال اللهُ عَزَّ وجلَّ: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ [الزلزلة: 7، 8].
قال ابنُ عُثَيمين: (إنَّ النَّاسَ بَعدَ البَعثِ يُجازَونَ ويُحاسَبونَ على أعمالِهم؛ إنْ خَيرًا فخيرٌ، وإنْ شَرًّا فشَرٌّ، قال اللهُ تَبارك وتعالى: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ [الزلزلة: 7، 8]، وقال تعالى: وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ [الأنبياء: 47] ، وقال جَلَّ وعلا: مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ [الأنعام: 160] ، فالحَسنةُ بعَشْرِ أمثالِها إلى سَبعِمِائةِ ضِعفٍ إلى أضعافٍ كثيرةٍ فضلًا من الله عزَّ وجَلَّ وامتِنانًا منه سُبحانَه وتعالى، فهو جَلَّ وعَلا قد تَفَضَّلَ بالعَمَلِ الصَّالِحِ، ثُمَّ تَفَضَّلَ مَرَّةً أخرى بالجَزاءِ عليه هذا الجَزاءَ الواسِعَ الكَثيرَ، أمَّا العَمَلُ السَّيِّئُ فإنَّ السَّيِّئةَ لا يُجازى الإنسانُ بأكثَرَ منها؛ قال تعالى: وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ، وهذا من كمالِ فضلِ اللهِ وإحسانِه) [3642] يُنظر: ((شرح ثلاثة الأصول)) (ص: 144). .

انظر أيضا: