الموسوعة العقدية

المَطلَبُ الرَّابعُ: شَفاعةُ الشُّهَداءِ

مِنَ الشُّفعاءِ الذينَ أكرَمَهمُ اللهُ تعالى بقَبولِ شفاعتِهم: الشُّهداءُ.
ومنَ الأدِلَّةِ على ثُبوتِ شفاعةِ الشُّهداءِ:
عن نمرانَ بنِ عُتبةَ الذماريِّ قال: دَخَلْنا على أمِّ الدَّرداءِ ونَحنُ أيتامٌ، فقالت: أبشِروا، فإنِّي سَمِعتُ أبا الدَّرداءِ يَقولُ: قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((يَشفَعُ الشَّهيدُ في سَبعينَ من أهلِ بَيتِه )) [3453] أخرجه من طرق أبو داود (2522) واللَّفظُ له، والبزار (4085)، وابن حبان (4660). صحَّحه ابن حبان، وابن باز في ((فتاوى نور على الدرب)) (4/338)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (2522)، وصحَّحه لغيره شعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن أبي داود)) (2522). .
وقال الصَّنعانيُّ: ( ((يَشفَعُ الشَّهيدُ)) في الآخِرةِ ((في سَبعينَ من أهلِ بَيتِه)) يُؤذَنُ له في هذا القَدرِ من آلِه، ويُحتَمَلُ أنَّ له شفاعةً أخرى في قَومٍ آخَرينَ، ويُحتَمَلُ أنَّ هذا العَدَدَ ليس حَصرًا، بَل مُبالَغةٌ) [3454] يُنظر: ((التنوير شرح الجامع الصغير)) (11/ 201). .
ومن أقوالِ أهلِ العِلمِ في شفاعةِ الشُّهَداءِ:
1- قال البَربَهاريُّ: (ما من نَبيٍّ إلَّا له شفاعةٌ، وكَذلك الصِّدِّيقونُ والشُّهداءُ والصَّالِحونُ) [3455] يُنظر: ((شرح السنة)) (ص: 46). .
2- قال الآجُريُّ: (يَشفَعُ الأنبياءُ والمَلائِكةُ والشُّهداءُ والعُلَماءُ والمُؤمِنونَ فيمَن دَخلَ النَّارَ من المُسلِمينَ، فأُخرِجوا منها على حَسَبِ ما أخبَرَنا رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، على طَبَقاتٍ شَتَّى) [3456] يُنظر: ((الشريعة)) (3/ 1206). .
3- قال السَّفارينيُّ: (الحاصِلُ أنَّه يَجِبُ أن يُعتَقَدَ أنَّ غَيرَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم من سائِرِ الرُّسُلِ والأنبياءِ والمَلائِكةِ والصَّحابةِ والشُّهداءِ والصِّدِّيقينَ والأولياءِ على اختِلافِ مَراتِبِهم ومَقاماتِهم عِندَ رَبهم يَشفَعونَ، وبِقَدرِ جاهِهم ووَجاهَتِهم يَشفَعونَ؛ لثُبوتِ الأخبارِ بذلك، وتَرادُفِ الآثارِ على ذلك، وهو أمرٌ جائِزٌ غَيرُ مُستَحيلٍ، فيَجِبُ تَصديقُه والقَولُ بموجِبِه؛ لثُبوتِ الدَّليلِ) [3457] يُنظر: ((لوامع الأنوار البهية)) (2/ 209). .
4- قال حافِظٌ الحَكَميُّ: (ثُمَّ بَعدَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَشفَعُ من أذنَ اللهُ تعالى له من المَلائِكةِ المُقَرَّبينَ، والأنبياءِ والمُرسَلينَ والصِّدِّيقينَ والشُّهداءِ والصَّالِحينَ، وسائِرِ أولياءِ الله تعالى من المُؤمِنينَ المُتَّقينَ، ويَشفَعُ الأفراطُ؛ كُلٌّ منهم يُكرِمُه اللهُ تعالى على قَدرِ ما هو له أهلٌ) [3458] يُنظر: ((معارج القبول)) (2/ 902). .
5- قال ابنُ قاسِمٍ: (يَجِبُ أن يُعتَقَدَ أنَّ غَيرَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم من سائِرِ الرُّسُلِ والأنبياءِ والمَلائِكةِ والصَّحابةِ والعُلَماءِ، والشُّهداءِ والصَّالِحينَ، والصِّدِّيقينَ والأولياءِ، والأفراطِ وغَيرِهم: يَشفَعونَ عِندَ الله بإذْنِه، لِمَن رَضِيَ قَولَه وعَمَلَه، كما ثَبَتَت بذلك الأخبارُ عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وأجمَعَ عليه المُسلِمونَ) [3459] يُنظر: ((حاشية الدرة المضية)) (ص: 92). .
6- قال ابنُ بازٍ: (الشُّهداءُ أقسامٌ، لَكِنَّ أفضَلَهم شَهيدُ المَعرَكةِ في سَبيلِ اللهِ عزَّ وجَلَّ... أمَّا الشَّفاعةُ فقد جاءَ الحَديثُ الصَّحيحُ في شَهيدِ المَعرَكةِ إذا كان صابِرًا مُحتَسِبًا مُقبِلًا غَيرَ مُدبِرٍ، هذا جاءَ في شَهيدِ المَعرَكةِ، أمَّا غَيرُه فالله أعلَمُ، له فضلٌ ولهم خَيرٌ، ولَكِن كونُهم يَشفَعونَ في كذا، وكَونُهم يُغفَرُ لهم كُلُّ شَيءٍ، هذا مَحَلُّ نَظَرٍ، يَحتاجُ إلى دَليلٍ خاصٍّ، لَكِن لهم فضلُ الشَّهادةِ) [3460] يُنظر: ((فتاوى نور على الدرب)) (4/ 338). .
7- قال ابنُ عُثَيمين: (أمَّا الشَّفاعةُ العامَّةُ التي تَكونُ للرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ولِغَيرِه من النَّبِيِّينَ والصِّدِّيقينَ والشُّهداءِ والصَّالِحينَ، فهذه تَكونُ فيمَن دَخلَ النَّارَ أن يَخرُجَ منها؛ فإنَّ عُصاةَ المُؤمِنينَ إذا دَخَلوا النَّارَ بقَدرِ ذُنوبِهم، فإنَّ اللهَ سُبحانَه وتعالى يَأذَنُ لِمَن شاءَ من عِبادِه من النَّبِيينَ والصِّدِّيقينَ والشُّهداءِ والصَّالِحينَ أن يَشفَعوا في هؤلاء بأن يَخرُجوا من النَّارِ) [3461] يُنظر: ((فقه العبادات)) (ص: 463). .

انظر أيضا: