الموسوعة العقدية

الفَرعُ الرَّابِعُ: مُدَّةُ لُبثِه في الأرضِ

عَنِ النَّواسِ بنِ سَمعانَ رَضِيَ الله عَنه قال: قُلنا: يا رسولَ اللهِ، وما لُبْثُهُ في الأرضِ؟ قال: ((أربَعونَ يَومًا؛ يَومٌ كسَنةٍ، ويَومٌ كشَهرٍ، ويَومٌ كجُمُعةٍ، وسائِرُ أيَّامِه كأيَّامِكم))، قُلْنا: يا رسولَ اللهِ، فذلك اليَومُ الذي كسَنةٍ أتَكْفِينا فيه صَلاةُ يَومٍ؟ قال: ((لا، اقدُروا لُه قَدْرَه )) [2581] أخرجه مسلم (2937) مُطَولًا. .
قال أبو العَبَّاس القُرطُبيُّ: (ظاهِرُ هذا: أنَّ الله تعالى يَخرِقُ العادةَ في تِلكَ الأيَّامِ، فيُبطِئُ بالشَّمسِ عَن حَرَكَتِها الْمُعتادةِ في أوَّلِ يَومٍ من تِلكَ الأيَّامِ، حَتَّى يَكونَ أوَّلُ يَومٍ كمِقدارِ سَنةٍ مُعتادةٍ، ويُبطِئُ بالشَّمسِ حَتَّى يَكونَ كمِقدارِ شَهرٍ، والثَّالِثُ حَتَّى يَكونَ كمِقدارِ جُمُعةٍ، وهذا مُمكِنٌ، لا سَيَّما وذلك الزَّمانُ تَنخَرِقُ فيه العَوائِدُ كثيرًا، لا سيَّما على يَدَيِ الدَّجَّالِ) [2582] يُنظر: ((المفهم)) (7/ 278-280). .
وقال النَّوَويُّ: (قَولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((يَومٌ كسَنةٍ، ويَومٌ كشَهرٍ، ويَومٌ كجُمُعةٍ، وسائِرُ أيَّامِه كأيَّامِكم)). قال العُلَماءُ: هذا الحَديثُ على ظاهِرِه، وهَذِه الأيَّامُ الثَّلاثةُ طَويلةٌ على هذا القَدرِ الْمَذكورِ في الحَديثِ، يَدُلُّ عليه قَولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: وسائِرُ أيَّامِه كأيَّامِكم، وأمَّا قَولُهم: يا رَسولَ اللهِ، فذلك اليَومُ الذي كسَنةٍ أتَكفينا فيه صَلاةُ يَومٍ؟ قال: لا، اقدُرُوا لَه قَدْرَه. فقال القاضي وغَيرُه: هذا حُكمٌ مَخصوصٌ بذلك اليَومِ شَرعَه لَنا صاحِبُ الشَّرعِ، قالوا: ولَولا هذا الحَديثُ ووُكِلْنا إلى اجتِهادِنا لاقتَصَرْنا فيه على الصَّلَواتِ الخَمسِ عِندَ الأوقاتِ الْمَعروفةِ في غَيرِه مِنَ الأيَّامِ، ومَعنى اقدُرُوا لَه قَدْرَه، أنَّه إذا مَضى بَعدَ طُلوعِ الفَجرِ قَدْرُ ما يَكونُ بينَه وبينَ الظُّهرِ كُلَّ يَومٍ، فصَلُّوا الظُّهرَ، ثُمَّ إذا مَضى بَعْدَه قَدرُ ما يَكونُ بينَها وبينَ العَصرِ فصَلُّوا العَصرَ، وإذا مَضى بَعدَ هذا قَدْرُ ما يَكونُ بينَها وبينَ الْمَغرِبِ فصَلُّوا الْمَغرِبَ، وكَذا العِشاءُ والصُّبحُ ثُمَّ الظُّهرُ ثُمَّ العَصرُ ثُمَّ الْمَغرِبُ، وهَكَذا حَتَّى يَنقَضيَ ذلك اليَومُ، وقَد وقَعَ فيه صَلَواتُ سَنةٍ فرائِضُ كُلُّها مُؤَدَّاةٌ في وقتِها، وأمَّا الثَّاني الذي كشَهرٍ، والثَّالِثُ الذي كجُمُعةٍ فقياسُ اليَومِ الأوَّلِ أن يُقْدَرَ لَهما كاليَومِ الأوَّلِ على ما ذَكَرْناه. واللهُ أعلَمُ) [2583] يُنظر: ((شرح مسلم)) (18/ 65). .
وقال ابنُ كثيرٍ: (مُدَّةُ مُقامِه في الأرضِ أربَعونَ يَومًا؛ يَومٌ كسَنةٍ، ويَومٌ كشَهرٍ، ويَومٌ كجُمُعةٍ، وسائِرُ أيَّامِه كأيَّامِ النَّاسِ هَذِه، ومُعَدَّلُ ذلك سَنةٌ وشَهرانِ ونِصفٌ) [2584] يُنظر: ((البداية والنهاية)) (19/ 204-206). .

انظر أيضا: