الموسوعة العقدية

الْمَبحَثُ السَّادسُ والأربَعونَ: ظُهورُ الْمَهديِّ

ورَدَ في الْمَهديِّ أحاديثُ كثيرةٌ مِنها الصَّحيحُ والحَسَنُ، والضَّعيفُ والْمَوضوعُ، وسَنَقتَصِرُ على ما صَحَّ مِنها وحَسُنَ، ونَنقُلُ شَرحَ العُلَماءِ لَها؛ فمِن ذلك:
1- عَن عليٍّ رَضِيَ الله عَنه عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لَو لَم يَبقَ مِنَ الدَّهرِ إلَّا يَومٌ، لبَعثَ اللهُ رَجُلًا من أهلِ بيتي يَملَؤُها عَدْلًا كما مُلِئَت جَورًا )) [2281] أخرجه أبو داود (4283) واللَّفظُ له، وأحمد (773). صحَّحه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (4283)، وصحَّح إسنادَه أحمد شاكر في ((مسند أحمد)) (2/118)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن أبي داود)) (4283)، وقال الذهبي في ((تلخيص العلل المتناهية)) (316): إسناده صالح ، وقال البزار في ((البحر الزخار)) (2/134): لا نعلمه يُروى بإسناد أحسن من هذا الإسناد. .
2- عَن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ الله عَنه قال: قال رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لَو لَم يَبقَ مِنَ الدُّنيا إلَّا لَيلةٌ، لمَلَكَ فيها رَجُلٌ من أهلِ بَيتِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم)) [2282] أخرجه ابن حبان (5953) واللَّفظُ له، والداني في ((السنن الواردة في الفتن)) (572)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (71/287). صحَّحه ابن حبان، والألباني في ((صحيح الموارد)) (1572)، وقال العراقي في ((ذيل الميزان)) (1/393): له طريقان. .
3- عَن عَبد اللهِ بنِ مَسعودٍ رَضِيَ الله عَنه عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((يَلي رَجُلٌ من أهلِ بيتي يواطِئُ اسمُه اسمي )) [2283] أخرجه أبو داود (4282) مُطَولًا، والترمذي (2231) واللَّفظُ له، وأحمد (3571) بزيادة (لا تقوم الساعة حتى) في أوله. صحَّحه الترمذي، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (2231)، وصحَّح إسنادَه أحمد شاكر في تخريج ((مسند أحمد)) (5/197)، وحسَّنه شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (3571). .
4- عَن عَبدِ الله بن مَسعودٍ عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لا تَذهَبُ الدُّنيا، أو لا تَنقَضي الدُّنيا، حَتَّى يَملِكَ العَرَبَ رَجُلٌ من أهلِ بيتي يواطِئُ اسمُه اسمي )) [2284] أخرجه أبو داود (4282)، والترمذي (2230)، وأحمد (4098) واللَّفظُ له. صحَّحه الترمذي، والذهبي في ((تاريخ الإسلام)) (18/379)، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (2230)، وصحَّحه لغيره شعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن أبي داود)) (4282)، وحسَّنه الوادعي في ((الصَّحيح المسند مما ليس في الصحيحين)) (891). .
5- عَن جابِرِ بنِ عَبد الله رَضِيَ الله عَنهما عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لا تَزالُ طائِفةٌ من أمتى يُقاتِلونَ على الحَقِّ ظاهِرينَ إلى يَومِ القيامةِ. قال: فيَنزِلُ عيسى بنُ مَريَمَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فيَقولُ أميرُهم: تَعالَ صَلِّ لَنا، فيَقولُ: لا، إنَّ بَعضَكم على بَعضٍ أُمَراءُ ؛ تَكرمةَ اللهِ هَذِه الأمَّة )) [2285] أخرجه مسلم (156). .
6- عن أبي مَعبدٍ، أنَّه سَمِعَ ابنَ عَباسٍ رضي الله عنهما يَقولُ: (إنِّي لأرجو أنْ لا تَذهَبَ الأيَّامُ واللَّيالي حَتَّى يَبعَثَ اللهُ مِنَّا أهلَ البَيتِ غُلامًا، لَم يَلبَسِ الفِتَنَ ولَم تَلبَسْه الفِتَنُ، كما فتَحَ اللهُ بنا هذا الأمرَ فأرجو أن يَختِمَه بنا). قال أبو مَعبدٍ: قُلتُ لابنِ عَبَّاسٍ: عَجَزَتْ عَنها شُيوخُكم ويَرجوها شَبابُكم؟ قال: (إنَّ الله يَفعَلُ ما يَشاءُ) [2286] أخرجه ابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (32/282) قال عبد الرحمن بن مهدي كما في ((المنتخب من العلل)) للخلال (ص255): أصح شيء في المهدي. .
وخُلاصةُ هَذِه الأحاديثِ: أنَّه سَيَظهَرُ آخِرَ الزَّمانِ، وأنَّه يَملِكُ العَرَبَ ويَملَأ الأرضَ عَدلًا بَعدَ أن مُلِئَتْ جَورًا وظُلْمًا، وأنَّه من بَيتِ النَّبوَّةِ، واسمُه يوافِقُ اسمَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وهَذِه الأحاديثُ لَيسَ فيها ذِكرُ الْمَهديِّ، لَكِن قال صديق حَسَن خان: (لَيسَ فيه أيضًا ذِكرُ الْمَهديِّ، ولَكِن لا مَحملٌ لَه ولِأمثالِه مِنَ الأحاديثِ إلَّا الْمَهْديُّ الْمُنتَظَرُ؛ لِما دَلَّتْ على ذلك الأخبارُ الْمُتَقَدِّمةُ، والآثارُ الكَثيرةُ) [2287] يُنظر: ((الإذاعة لما كان وما يكون بين يدي الساعة)) (ص: 180). .
وقال علي القاري: ( ((فيَنزِلُ عيسى بنُ مَريَمَ فيَقولُ أميرُهم)) أيِ: الْمَهديُّ ((تَعالَ)) بفَتحِ اللَّامِ، أيِ: احضرْ وتَقَدَّمْ، و ((صَلِّ)) بَدَلٌ أوِ استِئنافُ بَيانٍ، والمَعنى: أُمَّ ((لَنا)) أي: في صَلاتِنا، فإنَّ الأولى بالإمامةِ هو الأفضَلُ، وأنتَ النَّبيُّ صَلى اللهُ تعالى عليه وسَلَّمَ الرَّسولُ الأكمَلُ، وفي رِوايةٍ: ((تَعالُ فصلِّ لَنا))، ((فيَقولُ: لا)) أي: لا أصيرُ إمامًا لكم؛ لئَلَّا يُتَوَهَّمَ بإمامَتي لَكم نَسْخُ دينِكم، وقيلَ: تَعَلَّلَ بأنَّ هَذِه الصَّلاةَ أقيمَت لإمامِكم، فهو أَولى بها، لَكِن يُؤَيِّدُ الأوَّلَ إطلاقُ قَولِه: ((إنَّ بَعضَكم على بَعضٍ أُمَراءُ )) أي: دينيَّة أو دُنيويَّة، وإنَّ على الإعانةِ الْمَعيَّة ((تَكَرِمةَ الله هَذِه الأمَّة)) أي: إكرامًا مِنه سُبحانَه لهَذِه الجَماعةِ الْمُكَرَّمةِ) [2288] يُنظر: ((مرقاة المفاتيح)) (8/ 3495). .
قال أبو الحَسَنِ الآبريُّ: (قَد تَواتَرَتِ الأخبارُ واستَفاضَت بكَثرةِ رُواتِها عَنِ الْمُصطَفى صلَّى اللهُ عليه وسلَّم -يعني في المهديِّ- وأنَّه من أهلِ بَيتِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وأنَّه يَملِكُ سَبعَ سِنينَ، ويَملَأ الأرضَ عَدْلًا، وأنَّه يَخرُجُ مَعَ عيسى بنِ مريمَ، ويُساعِدُه في قَتْلِ الدَّجَّالِ ببابِ لُدٍّ بأرضِ فلسطين، وأنَّه يَؤُمُّ هَذِه الأمَّةَ، وعيسى صلَّى اللهُ عليه يُصَلِّي خَلْفَه) [2289] يُنظر: ((مناقب الشافعي)) (ص: 95). .
وقال ابنُ كثيرٍ: (فَصْلٌ في ذِكرِ الْمَهديِّ الذي يَكونُ في آخِرِ الزَّمانِ وهو أحَدُ الخُلَفاءِ الرَّاشِدينَ والأئِمَّةِ الْمَهْديِّين، ولَيسَ هو بالمُنتَظَرِ الذي تَزعُمُ الرَّافِضةُ، وتَرتَجي ظُهورَه من سِردابِ سامَرَّا؛ فإنَّ ذلك ما لا حَقيقةَ لَه ولا عَينَ ولا أثَرَ... وأمَّا ما سَنَذكُرُه فقَد نَطَقَتْ به الأحاديثُ الْمَرويَّةُ عَن رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وأنَّه يَكونُ في آخِرِ الزَّمانِ، وأظُنُّ ظُهورَه يَكونُ قَبلَ نُزولِ عيسى بنِ مَريَم؛ فإنَّ هذا يَملَأ الأرضَ عَدلًا كما مُلِئَت جَورًا وظُلْمًا، وهَكَذا عيسى بنُ مَريَم، كما دَلَّتْ على ذلك الأحاديثُ) [2290] يُنظر: ((البداية والنهاية)) (19/ 55). .
وقال أيضًا بَعدَ ذِكرِه أدِلَّةً كثيرةً: (المَقصودُ أنَّ المَهديَّ الْمَوعودَ به يَكونُ في آخِرِ الزَّمانِ، ويَكونُ أصلُ خُروجِه من ناحيةِ الْمَشرِقِ، ثُمَّ يَأتي مَكَّةَ، فيُبايَعُ لَه عِندَ البَيتِ الحَرامِ، كما ذُكِرَ ذلك في الحَديثِ، وقَد أفرَدتُ في ذِكرِ الْمَهديِّ جُزءًا على حِدَةٍ) [2291] يُنظر: ((البداية والنهاية)) (19/ 63). .
وقال السَّفارينيُّ: (كثُرَتِ الأقوالُ في الْمَهديِّ حَتَّى قيلَ: «لا مَهدِيَّ إلَّا عيسى»، والصَّوابُ الذي عليه أهلُ الحَقِّ: أنَّ الْمَهديَّ غَيرُ عيسى، وأنَّه يَخرُجُ قَبلَ نُزولِ عيسى عليه السَّلامُ، وقَد كثُرَت بخُروجِه الرِّواياتُ حَتَّى بَلَغَت حَدَّ التَّواتُرِ الْمَعنَويِّ، وشاعَ ذلك بينَ عُلَماءِ السُّنةِ حَتَّى عُدَّ من مُعتَقَداتِهم... ثُمَّ ذَكرَ بَعضَ الأحاديثِ الوارِدةِ فيه من طَريقِ جَماعةٍ مِنَ الصَّحابةِ، ثُمَّ قال: وقَد رُوي عَمَّن ذُكِرَ مِنَ الصَّحابةِ وغَيرِ مَن ذُكِرَ مِنهم برِواياتٍ مُتَعَدِّدةٍ، وعَنِ التَّابِعين مِن بَعدِهم، ما يُفيدُ مَجموعُه العِلمَ القَطعيَّ؛ فالإيمانُ بخُروجِ الْمَهديِّ واجِبٌ، كما هو مُقَرَّرٌ عِندَ أهلِ العِلمِ، ومُدَوَّنٌ في عَقائِدِ أهلِ السُّنةِ والجَمَاعةِ) [2292] يُنظر: ((لوامع الأنوار البهية)) (2/ 84). .
وقال الشَّوكانيُّ في رسالةٍ بعُنوانِ (التَّوضيح في تَواتُرِ ما جاءَ في الْمَهْديِّ الْمُنتَظَرِ والدَّجَّالِ والمَسيح): (الأحاديثُ الوارِدةُ في الْمَهديِّ الَّتي أمكَنَ الوُقوفُ عليها مِنها خَمسونَ حَديثًا؛ فيها الصَّحيحُ، والحَسَنُ، والضَّعيفُ الْمُنجَبِرُ، وهيَ مُتَواتِرةٌ بلا شَكٍّ ولا شُبهةٍ، بَل يَصْدُقُ وصفُ التَّواتُرِ على ما هو دونَها على جَميعِ الِاصطِلاحاتِ الْمُحَرَّرةِ في الأصولِ، وأمَّا الآثارُ عَنِ الصَّحابةِ الْمُصرِّحةُ بالمَهديِّ فهيَ كثيرةٌ أيضًا لَها حُكمُ الرَّفعِ؛ إذ لا مَجالَ للِاجتِهادِ في مِثلِ ذلك) [2293] يُنظر: ((الإذاعة لما كان وما يكون بين يدي الساعة)) لصديق حسن خان (ص: 150). .
وقال مُحَمَّد شَمس الحَقِّ العَظيم آبادي: (اعلَمْ أنَّ الْمَشهورَ بينَ الكافَّةِ من أهلِ الإسلامِ على مَرِّ الأعصارِ أنَّه لا بُدَّ في آخِرِ الزَّمانِ من ظُهورِ رَجُلٍ من أهلِ البَيتِ يُؤَيِّدُ الدِّينَ، ويُظهِرُ العَدلَ، ويَتَّبِعُه الْمُسلِمونَ، ويَستَولي على الْمَمالِكِ الإسلاميَّةِ ويُسَمَّى بالمَهديِّ، ويَكونُ خُروجُ الدَّجَّالِ وما بَعدَه من أشراطِ السَّاعةِ الثَّابِتةِ في الصَّحيحِ على أثَرِه، وأنَّ عيسى عليه السَّلامُ يَنزِلُ من بَعْدِه فيَقتُلُ الدَّجَّالَ، أو يَنزِلُ مَعَه فيُساعِدُه على قَتلِه، ويَأتَمُّ بالمَهديِّ في صَلاتِه.
وخَرَّجَ أحاديثَ الْمَهديِّ جَماعةٌ مِنَ الأئِمةِ؛ مِنهم: أبو داوُدَ، والتِّرمِذيُّ، وابنُ ماجه، والبَزَّارُ، والحاكِمُ، والطَّبرانيُّ، وأبو يَعلى الْموصِليُّ، وأسنَدوها إلى جَماعةٍ مِنَ الصَّحابةِ؛ مِثلِ: عَليٍّ، وابنِ عَبَّاسٍ، وابنِ عُمَرَ، وطَلحةَ، وعَبدِ الله بن مَسعودٍ، وأبي هَريرةَ، وأنسٍ، وأبي سَعيدٍ الخُدريِّ، وأمِّ حَبيبةَ، وأمِّ سَلَمةَ، وثَوبانَ، وقُرَّةَ بنِ إياسٍ، وعلي الهِلاليِّ، وعَبدِ اللهِ بنِ الحارِثِ بنِ جزءٍ -رَضِيَ الله عَنهم. وإسنادُ أحاديث هَؤُلاءِ بينَ صَحيحٍ وحَسَنٍ وضَعيفٍ. وقَد بالَغَ الإمامُ الْمُؤَرِّخُ عَبدُ الرَّحمَنِ بن خلدونَ الْمَغرِبيُّ في تاريخِه في تَضعيفِ أحاديثِ الْمَهديِّ كُلِّها، فلَم يُصِبْ بَل أخطَأ. وما رُوِيَ مَرفوعًا من رِوايةِ مُحَمَّدِ بنِ الْمُنكَدِرِ عَن جابِرٍ: مَن كذَّبَ بالمَهديِّ فقدَ كفَر، فمَوضوعٌ، والمُتَّهَمُ فيه أبو بَكرٍ الإسكافُ، ورُبَّما تَمسَّكَ الْمُنكِرونَ لشَأنِ الْمَهديِّ بما رُويَ مَرفوعًا أنَّه قال: لا مَهدِيَّ إلَّا عيسى بنُ مَريَمَ. والحَديثُ ضَعَّفَه البَيهَقيُّ والحاكِمُ، وفيه أبانُ بن صالِحٍ، وهو مَتروكُ الحَديثِ. واللهُ أعلَمُ) [2294] يُنظر: ((عون المعبود شرح سنن أبي داود)) (11/ 243). .
وقَد نَسَبَ البَعضُ إلى ابنِ خَلدون أنَّه ضَعَّفَ أحاديثَ الْمَهديِّ كُلَّها، وهذا كَذِبٌ عليه، إنَّما ضَعَّفَ أكثَرَ الأحاديثِ لا كُلَّها، فقال: (اعلَمْ أنَّ في الْمَشهورِ بينَ الكافَّةِ من أهلِ الإسلامِ على مَرِّ الأعصارِ أنَّه لا بُدَّ في آخِرِ الزَّمانِ من ظُهورِ رَجُلٍ من أهلِ البَيتِ يُؤَيِّدُ الدِّينَ، ويُظهِرُ العَدْلَ، ويَتَّبِعُه الْمُسلِمونَ ويَستَولي على الْمَمالِكِ الإسلاميَّةِ، ويُسَمَّى بالمَهديِّ، ويَكونُ خُروجُ الدَّجَّالِ وما بَعدَه من أشراطِ السَّاعةِ الثَّابِتةِ في الصَّحيحِ على أثرِه، وأنَّ عيسى يَنزِلُ من بَعْدِه فيَقتُلُ الدَّجَّالَ أو يَنزِلُ مَعَه فيُساعِدُه على قَتلِه، ويَأتَمُّ بالمَهديِّ في صَلاتِه، ويَحتَجُّونَ في الشَّأنِ بأحاديثَ خَرَّجَها الأئِمَّةُ، وتَكَلَّمَ فيها الْمُنكِرونَ لذلك، ورُبَّما عارَضوها ببَعضِ الأخبارِ... ثُمَّ ساقَ جُملةً مِنَ الأحاديثِ وتَكَلَّمَ عليها ثُمَّ قال: فهَذِه جُملةُ الأحاديثِ الَّتي خَرَّجَها الأئِمةُ في شَأنِ الْمَهديِّ وخُروجِه آخِرَ الزَّمانِ، وهيَ كما رَأيتَ لَم يَخلُصْ مِنها مِنَ النَّقدِ إلَّا القَليلُ والأقَلُّ مِنه) [2295] يُنظر: ((تاريخ ابن خلدون)) (1/ 388-401). .
قال الألبانيُّ: (مَن نَسَبَ إليه أنَّه ضَعَّفَ كُلَّ أحاديثِ الْمَهديِّ فقَد كذَبَ عليه سَهوًا أو عَمدًا) [2296] يُنظر: ((سلسلة الأحاديث الصَّحيحة وشيء من فقهها وفوائدها)) (4/ 40). .
وقال أيضًا: (فهَؤُلاءِ خَمسةٌ من كِبارِ أئِمَّةِ الحَديثِ التِّرمِذيُّ، والحاكِمُ، وابنُ حِبَّانَ، وابنُ تَيميَّةَ، والذَّهَبيُّ قَد صَحَّحوا أحاديثَ خُروجِ الْمَهديِّ، ومَعَهم أضعافُهم مِنَ الْمُتَقَدِّمينَ والمُتَأخِّرين، أذكَرُ أسماءَ من تَيَسَّر لي مِنهم:
1 - أبو داوُدَ في «السُّننَ» بَسُكوتِه على أحاديثِ الْمَهديِّ.
2 - العقيليُّ.
3 - ابنُ العَرَبيِّ في «عارِضة الأحوَذيِّ».
4 - القُرطُبيُّ كما في «أخبارِ الْمَهديِّ» للسُّيوطيِّ.
5 - الطِّيبيُّ كما في «مِرقاة الْمَفاتيحِ» للشَّيخِ القارِئِ
6 - ابنُ قَيِّمِ الجَوزيَّةِ في «الْمَنارِ الْمنيفِ»، خِلافًا لمِن كذَبَ عليه.
7 - الحافِظُ ابنُ حَجَرٍ في «فتحِ الباري».
8 - أبو الحَسَنِ الآبريُّ في «مَناقِبِ الشَّافِعيِّ» كما في «فتحِ الباري».
9 - الشَّيخُ علي القارِئُ في «الْمِرقاةِ».
10 - السُّيوطيُّ في «العرفُ الوَرديُّ ».
11 - العَلَّامةُ الْمُبارَكْفوريُّ في «تَحفة الأحوَذيِّ».
وغَيرُهم كثيرٌ وكَثيرٌ جِدًّا) [2297] يُنظر: ((سلسلة الأحاديث الصَّحيحة)) (4/ 41). .
وقال ابنُ بازٍ: (أمرُ الْمَهديِّ مَعلومٌ، والأحاديثُ فيه مُستَفيضةٌ، بَل مُتَواتِرةٌ مُتَعاضِدةٌ، وقَد حَكى غَيرُ واحِدٍ من أهلِ العِلمِ تَواتُرَها... وهيَ مُتَواتِرةُ تَواتُرًا مَعنَويًّا؛ لكَثرةِ طُرُقِها واختِلافِ مَخارِجِها وصَحابَتِها ورُواتِها وألفاظِها، فهيَ بحَقٍّ تَدُلُّ على أنَّ هذا الشَّخصَ الْمَوعودَ به أمرُه ثابِتٌ وخُروجُه حَقٌّ) [2298] يُنظر: ((مجموع فتاوى ابن باز)) (4/ 98). .
وقال أيضًا: (أمَّا إنكارُ الْمَهْديِّ الْمُنتَظَرِ بالكُلِّيةِ كما زَعَمَ ذلك بَعضُ الْمُتَأخِّرينَ فهو قَولٌ باطِلٌ؛ لأنَّ أحاديثَ خُروجِه في آخِرِ الزَّمانِ، وأنَّه يَملَأ الأرضَ عَدلًا وقِسطًا كما مُلِئَت جَورًا، قَد تَواتَرَت تَواتُرًا مَعنَويًّا، وكَثُرتْ جِدًّا واستَفاضَت، كما صَرحَ بذلك جَماعةٌ مِنَ العُلَماءِ؛ مِنهم: أبو الحَسَنِ الآبريُّ السِّجِستانيُّ من عُلَماءِ القَرنِ الرَّابِعِ، والعَلامةُ السَّفارينيُّ، والعَلامةُ الشَّوكانيُّ وغَيرُهم، وهو كالإجماعِ من أهلِ العِلمِ، ولَكِن لا يَجوزُ الجَزمُ بأنَّ فلانًا هو الْمَهديُّ إلَّا بَعدَ تَوافُرِ العَلاماتِ الَّتي بيَّنَها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في الأحاديثِ الثَّابِتةِ) [2299] يُنظر: ((مجموع فتاوى ابن باز)) (4/ 97). وقد ذَكَر عبدُ المُحسِنِ العَبَّادُ أنَّ الصَّحابةَ الذين رَوَوا أحاديثَ المَهْدِيِّ عن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ِسِتَّةٌ وعِشرون صَحابِيًّا. ينظر: ((عقيدة أهل السنة والأثر في المهدي المنتظر)) (ص: 128). جُملةُ ما وقَفْتُ عليه من أسماءِ الصَّحابةِ الذين رَوَوا أحاديثَ المَهْديِّ عن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سِتَّةٌ وعِشرونَ. .
وقال ابنُ عُثَيمين: (الصَّحيحُ أنَّه سَيَخرُجُ إذا اقتَضتْ حِكمةُ الله عَزَّ وجَلَّ خُروجَه، حينَ تُملَأ الأرضُ جَورًا وظُلمًا، وانتَبِهوا لكَلِمةِ «تُملَأ الأرضُ» أي: لا يَبقى عَدلٌ ولا إحسانٌ، فإذا مُلِئَتِ الأرضُ جورًا وظُلمًا ولَم يَبقَ عَدلٌ ولا إحسانٌ حينَئِذٍ يَبعَثُ اللهُ سُبحانَه وتعالى الْمَهديَّ، يُبَيِّنُ للنَّاسِ الحَقَّ ويَدعوهم إليه، ويَهْديهم اللهُ عَزَّ وجَلَّ على يَدَيه، هذا هو الصَّحيحُ الْمُعتَقَد عِندَنا) [2300] يُنظر: ((لقاء الباب المفتوح)) (رقم اللقاء: 53). .

انظر أيضا: