الموسوعة العقدية

الْمَبحَثُ الثَّلاثونَ: ظُهورُ الفُحشِ والتَّفَحُّشِ

عَن أنسِ بن مالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنه قال: قال رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّ من أشراطِ السَّاعةِ الفُحشَ والتَّفَحُّشَ وقَطيعةَ الأرحامِ وائتِمانَ الخائِنِ -أحسُبُه قال: وتَخوينَ الأمينِ- )) [2165] أخرجه البزار (7518) واللَّفظُ له، والطبراني في ((المعجم الأوسط)) (1356)، والضياء في ((الأحاديث المختارة)) (6/183) (2191) من حديث أنس رضي الله عنه. صحَّحه الألباني في ((صحيح الجامع)) (5894). والحديث أخرجه من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: أحمد (6872)، والطبراني (13/592) (14507)، والحاكم (253) ولفظ أحمد: ((إن اللهَ يُبغِض الفُحشَ والتفَحُّش، والذي نفسُ محمدٍ بيَدِه لا تقومُ السَّاعة حتى يُخَوَّنَ الأمينُ ويؤتمَنَ الخائِنُ، حتى يظهَرَ الفُحشُ والتفحُّشُ، وقطيعةُ الأرحامِ، وسوءُ الجِوار)). صحَّحه الحاكم، وصحَّحه لغيره شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (6872)، وصحَّح إسنادَه أحمد شاكر في تخريج ((مسند أحمد)) (10/20)، ووثق رواته البوصيري في ((إتحاف الخيرة المهرة)) (8/100). والحديث أخرجه مسدد كما في ((إتحاف الخيرة المهرة)) للبوصيري (8/104) موقوفًا من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه بلفظ: ((إذا اقترب الزمانُ ظهر الفُحشُ والتفَحُّشُ، وسوءُ الخُلُقِ، وسُوءُ الجِوار)). وثَّق رواته البوصيري في ((إتحاف الخيرة المهرة)) للبوصيري (8/104). .
قال الْمُناويُّ: ( ((مِن أشراطِ السَّاعةِ الفُحشُ والتَّفَحُّشُ)) أي: ظُهورُهما، وغَلَبَتُهما في النَّاسِ) [2166] يُنظر: ((فيض القدير)) (6/ 9). .
وقال الصَّنعانيُّ: ( ((مِن أشراطِ السَّاعةِ الفُحْشُ)) التَّعَدِّي في القَولِ والجَوابِ، ((والتَّفَحُّشُ)) تَكَلُّفُ الفُحشِ، والمُرادُ ظُهورُهما وغَلَبَتُهما. ((وقَطيعةُ الرَّحِمِ)) عَدَمُ صِلَتِها. ((وتَخوينُ الأمِينِ، وائتِمانُ الخائِنِ)) أيِ انقِلابُ الأمورِ عَن وجهِها) [2167] يُنظر: ((التنوير شرح الجامع الصغير)) (9/ 580). .
وقال ابنُ الأثيرِ: (قَد تَكَرَّرَ ذِكرُ الفُحشِ والفاحِشةِ والفَواحِشِ في الحَديثِ. وهو كُلُّ ما يَشتَدُّ قُبحُه مِنَ الذُّنوبِ والمَعاصي. وكَثيرًا ما تَرِدُ الفاحِشةُ بمَعنى الزِّنا، وكُلُّ خَصلةٍ قَبيحةٍ فهيَ فاحِشةٌ، مِنَ الأقوالِ والأفعالِ) [2168] يُنظر: ((النهاية)) (3/ 415). .
وواقِعُ اليَومِ يَشهَدُ لمِصداقيَّةِ وُقوعِ هَذِه العَلامةِ بكُلِّ وُضوحٍ؛ فالألفاظُ النَّابيَةُ، والنِّكاتُ البَذيئةُ غَدَت فاكِهةَ الْمَجالِسِ، وصارَت شَيئًا مُتَداوَلًا عاديًّا في وسائِلِ التَّواصُلِ الِاجتِماعيِّ، وبَعضِ البَرامِجِ الإعلاميَّةِ، دونَ حياءٍ، إضافةً إلى ما تُقَرِّرُه الأفلامُ السِّينمائيَّةُ وغَيرُها من ألفاظٍ وحَرَكاتٍ خَليعةٍ ماجِنةٍ تُزَيِّنُ الفُحشَ، وتُحَسِّنُ القَبيحَ حَتَّى باتَت أمرًا طَبيعيًّا لا يُثيرُ النُّفورَ والِاشمِئزازَ، فالفُحشُ والتَّفَحُّشُ في عَصرِنا صارَ فَنًّا، وغدَا أهلُه نُجومًا [2169] يُنظر: ((الموسوعة في الفتن والملاحم وأشراط الساعة)) لمحمد المبيّض (ص: 238). .

انظر أيضا: