الموسوعة العقدية

الْمَبحَثُ العِشرونَ: هَيَمنةُ الأشرارِ وتَحقيرُ الأخيارِ

وعَن عَبدِ الله بن عَمرِو بنِ العاصِ رَضِيَ الله عَنهما عَن رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: ((مِنِ اقتِرابِ السَّاعةِ أن تُرفَعَ الأشرارُ، وتُوضَعَ الأخيارُ)) [2079] أخرجه مُطَولًا الطبراني (13/635) (14559)، والحاكم (8660) واللَّفظُ له صحَّح إسنادَه الحاكم، وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (7/329): رجال رجاله الصَّحيح، وقال الألباني في ((سلسلة الأحاديث الصَّحيحة)) (6/320) بعد ذكره لكلام الهيثمي: لعله عند الطبراني من طريق أخرى غير طريق الكندي هذا، وإلا فالهيثمي واهِمٌ في حشره إيَّاه في جملة رجال الصَّحيح. وأخرجه من طريق آخر الحاكم (8661)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (46/313). وصحَّح إسنادَه الحاكم. وأخرجه موقوفًا الدارمي (476) مُطَولًا، وابن أبي شيبة (38704) باختلافٍ يسيرٍ. قال الألباني في ((سلسلة الأحاديث الصَّحيحة)) (6/320): رفعه بعضهم وأوقفه بعضهم، وهو في حكم المرفوع؛ لأنه لا يقال بمجرد الرأي. .
وفي رِوايةٍ: ((إنَّ من أشراطِ السَّاعةِ أن يوضَعَ الأخيارُ، ويَشرُفَ الأشرارُ، ويَسودَ كُلَّ قَومٍ مُنافِقوهم)) [2080] أخرجها أبو نعيم كما في ((كنز العمال)) للمتقي الهندي (14/567). .
وعَن حُذَيفةَ رَضِيَ الله عَنه قال: قال رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا تَقومُ السَّاعةُ حَتَّى يَكونَ أسعَدَ النَّاسِ بالدُّنيا لُكَعُ بنُ لُكَع )) [2081] أخرجه الترمذي (2209)، وأحمد (23303). صحَّحه الألباني في ((صحيح الترمذي)) (2209)، وحسَّنه لغيره شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (23303)، وقال الترمذي: حسن غريب. .
وعَن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عَنه أنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لا تَذهَبُ الدُّنيا حَتَّى تَصيرَ لِلُكَع بنِ لُكَع)) [2082] أخرجه أحمد (8697)، وابن عدي في ((الكامل في الضعفاء)) (3/38)، وتمام في ((الفوائد)) (275). صحَّحه الألباني في ((صحيح الجامع)) (7272)، وحسَّنه لغيره شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (8697)، وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (7/223): رجال أحمد رجال الصَّحيح غير كامل بن العلاء، وهو ثقة. .
قال الْمظهريُّ: (قَولُه: ((أسعَدَ النَّاسِ بالدُّنيا)) أي: أكثَرَ النَّاسِ في أموالِ الدُّنيا، وأطيبَهم عيشًا، وأكثَرَهم حُكمًا. ((لُكَعُ بنُ لُكَع))، أي: لئيمُ بنُ لَئِيم) [2083] يُنظر: ((المفاتيح في شرح المصابيح)) (5/ 332). .
وقال ابنُ رَجَبٍ: ( ((لا تَقومُ السَّاعةُ حَتَّى يَسودَ كُلَّ قَبيلةٍ مُنافِقوها)). وإذا صارَ مُلوكُ النَّاسِ ورُؤوسُهم على هَذِه الحالِ انعَكَسَت سائِرُ الأحوالِ، فصُدِّقَ الكاذِبُ، وكُذِّبَ الصَّادِقُ، وائتُمِنَ الخائِنُ، وخُوِّنَ الأمِينُ، وتَكَلَّمَ الجاهِلُ، وسَكتَ العالِمُ، أو عَدمَ بالكُليةِ، كما صَحَّ عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: ((إنَّ من أشراطِ السَّاعةِ أن يُرفَعَ العِلمُ، ويَظهَرَ الجَهْلُ))، وأخبَرَ أنَّه ((يُقبَضُ العِلمُ بقَبضِ العُلَماءِ حَتَّى إذا لَم يَبقَ عالِمٌ، اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤوسًا جُهَّالًا، فسُئِلوا فأفتوا بغَيرِ عِلمٍ، فضَلوا وأضلُّوا ))، وقال الشَّعبيُّ: لا تَقومُ السَّاعةُ حَتَّى يَصيرَ العِلمُ جَهلًا، والجَهْلُ عِلمًا. وهذا كُلُّه مِنِ انقِلابِ الحَقائِقِ في آخِرِ الزَّمانِ، وانعِكاسِ الأمورِ)  [2084]يُنظر: ((جامع العلوم والحكم)) (1/ 140). .
وقال السَّخاويُّ في ذكرِ أشراطِ السَّاعةِ: (وكَثرةُ الشُّرورِ بحَيثُ يُكرَمُ الرَّجُلُ مَخافةَ شَرِّه، ويُترَكُ العَمَلُ بـ ((إنَّما تُرزَقونَ وتُنصَرونَ بضُعَفائِكم)) [2085] أخرجه أبو داود (2594)، والترمذي (1702)، والنسائي (3179) مطولاً من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه صححه الترمذي، وابن حبان في ((صحيحه)) (4767)، وابن دقيق العيد في ((الاقتراح)) (123) ، ...وفي الصَّحيحِ: ((إذا كان الحُفاةُ العُراةُ رِعاءُ الشَّاءِ رُؤوسَ النَّاسِ، فذلك من أشراطِها)) [2086] أخرجه مسلم (8) باختلاف يسير مطولاً من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه بلفظ: ( ... فأخبرني عن أمارتها. قال: أن تلد الأمة ربتها وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان) . ... وفي آخَرَ: ((لا تَقومُ السَّاعةُ حَتَّى يَكونَ أخَصَّ النَّاسِ بالدُّنيا لُكَعُ بنُ لُكَع)) [2087] أخرجه الترمذي (2209)، وأحمد (23303). صحَّحه الألباني في ((صحيح الترمذي)) (2209)، وحسَّنه لغيره شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (23303)، وقال الترمذي: حسن غريب. ، وهو عِندَ العَرَبِ العَبدُ، ثُمَّ استُعمِلَ في الحُرِّ للذَّمِّ. وصَحَّ: ((إذا وُسِّدَ الأمرُ إلى غَيرِ أهلِه فانتَظِرِ السَّاعةَ )) [2088] أخرجه البخاري (59) مطولاً من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. [2089] يُنظر: ((القناعة فيما يحسن الإحاطة به من أشراط الساعة)) (ص: 127). .
وقال علي القاري: ( ((لا تَقومُ السَّاعةُ حَتَّى يَكونَ أسعَدَ النَّاسِ)) بنِصبِ أسعَدَ، ويُرفَعُ، أي: أكثَرَهم مالًا، وأطيبَهم عيشًا، وأرفَعَهم مَنصِبًا، وأنفَذَهم حُكَما ((بالدُّنيا)) أي: بأمورِها أو فيها ((لُكَعُ بنُ لُكَعَ)) بضَمِّ اللَّامِ وفَتحِ الكافِ غَيرُ مَصروفٍ، أي: لئيمُ بنُ لئيمٍ، أي: رَديءُ النَّسَبِ، دَنيءُ الحَسبِ) [2090] يُنظر: ((مرقاة المفاتيح)) (8/ 3362). .
وقال الصَّنعانيُّ: (وهذا الزَّمانُ الْمَوصوفُ هو آخِرُ الزَّمانِ عِندَ فسادِ الأحوالِ، وذَهابِ الدِّياناتِ) [2091] يُنظر: ((التنوير شرح الجامع الصغير)) (9/ 201). .
قال حُمود التويجريُّ: (والمَعنى في هَذِه الأحاديثِ: أنَّ الْمالَ في آخِرِ الزَّمانِ يَتَحَوَّلُ في أيدي اللِّئامِ بني اللِّئامِ، وأنَّهم يَكونونَ أسعَدَ النَّاسِ بنَعيمِ الدُّنيا ومَلاذِّها والوَجاهةِ فيها) [2092] يُنظر: ((إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة)) (2/ 62). .
وقال الألبانيُّ: ( ((إنَّ من أشراطِ السَّاعةِ أن تُرفَعَ الأشرارُ وتوضَعَ الأخيارُ)) أي: يُعلي النَّاسُ مَنزِلةَ الأشرارِ، ويَخفِضونَ مَنزِلةَ الأخيارِ، كما هو مُشاهَدٌ اليَومَ) [2093] يُنظر: ((الحديث حجة بنفسه في العقائد والأحكام)) (ص: 85). .

انظر أيضا: