الموسوعة العقدية

المَبحَثُ الخامِسُ: نارُ الحِجازِ الَّتي أضاءَت أعناقَ الإبلِ ببُصرَى

عَن أبي هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عَنه أنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لا تَقومُ السَّاعةُ حَتَّى تَخرُجَ نارٌ مِن أرضِ الحِجازِ، تُضيءُ أعناقَ الإبِلِ ببُصْرَى [1854] قال المظهري: (بُصْرَى بضم الباء: بلدة بالشَّامِ). ((المفاتيح في شرح المصابيح)) (5/ 396). وقال علي القاري: ((هي مدينةُ حورانَ بالشَّامِ، وقيل: مدينةُ قَيسَارِيَةَ بالبَصْرَة)). ((مرقاة المفاتيح)) (8/ 3432). ) [1855] أخرجه البخاري (7118)، ومسلم (2902). .
قال النَّوويُّ: (لَيسَ في الحَديثِ أنَّ نارَ الحِجازِ مُتَعَلِّقةٌ بالحَشْرِ، بَل هيَ آيةٌ مِن أشراطِ السَّاعةِ مُستَقِلَّةٌ، وقَد خَرَجَت في زَمانِنا نارٌ بالمَدينةِ سَنَةَ أربَعٍ وخَمسينَ وسِتِّمِائةٍ، وكانَت نارًا عَظيمةً جِدًّا مِن جَنبِ المَدينةِ الشَّرقيِّ وراءَ الحَرَّةِ، تَواتَرَ العِلمُ بها عِندَ جَميعِ الشَّامِ وسائِرِ البُلدانِ، وأخْبَرَني مَن حَضَرَها مِن أهلِ المَدينةِ) [1856] يُنظر: ((شرح مسلم)) (18/28).   .
وذِكَرَ القُرطُبيُّ ظُهورَ هَذِه النَّارِ وأفاضَ في وصفِها، وذَكَرَ أنَّها رُئِيَتْ مِن مَكةَ ومِن جِبالِ بُصرَى [1857] يُنظر: ((التذكرة)) (2/ 349).      .
ومِن أقوالِ أهلِ العِلمِ في هَذِه العَلامةِ:
1- قال ابنُ تيميَّةَ: (هَذِه النَّارُ قَد خَرَجَت قَبلَ مَجيءِ أكثَرِ الكُفَّارِ إلَى بغداد سَنَةَ خَمسٍ وخَمسينَ وسِتِّمِائةٍ، وقَد تَواتَرَ عَن أهلِ بُصرَى أنَّهم رأوا ببُصرَى أعناقَ الإبِلِ مِن ضَوءِ تِلكَ النَّارِ، وخَبَرُ هَذِه النَّارِ مَشهورٌ مُتَواتِرٌ بَعدَ أن خَرَجَت بجِبالِ الحِجَازِ، وكانَت تُحرِقُ الحَجَرَ ولا تُنضِجُ اللَّحمَ، وفَزِعَ لَها النَّاسُ فَزَعًا شَديدًا) [1858] يُنظر: ((الرد على المنطقيين)) (ص: 445). .
2- قال ابنُ كَثيرٍ في باب دَلائِلِ النُّبوَّةِ: (حَديثٌ آخَرُ: فيه الإخبارُ عَن ظُهورِ النَّارِ الَّتي كانَت بأرضِ الحِجازِ، حَتَّى أضاءَت لَها أعناقُ الإبلِ ببُصرَى، وقَد وقَعَ هَذا في سَنَةِ أربَعٍ وخَمسينَ وسِتِّمِائةٍ. قال البُخاريُّ في «صَحيحِه»: ثَنا أبو اليَمانِ، ثَنا شُعيبٌ، عَنِ الزُّهريِّ قال: قال سَعيدُ بنُ المُسَيِّب: أخْبَرَني أبو هُرَيرةَ أنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لا تَقومُ السَّاعةُ حَتَّى تَخرُجَ نارٌ مِن أرضِ الحِجَازِ تُضيءُ أعناقَ الإبلِ ببُصرَى)). تَفرَّدَ به البُخاريُّ.
وقَد ذَكَرَ أهلُ التَّاريخِ وغَيرُهم مِنَ النَّاسِ تَواتُرَ وُقوعِ هَذا في سَنةِ أربَعٍ وخَمسينَ وسِتِّمِائةٍ) [1859] يُنظر: ((البداية والنهاية)) (9/ 297). .
ونَقلَ ابنُ كَثيرٍ أنَّ غَيرَ واحِدٍ مِنَ الأعرابِ مِمَّن كانَ بحاضِرةِ بُصرَى، شاهَدوا أعناقَ الإبِلِ في ضَوءِ هَذِه النَّارِ الَّتي ظَهَرَت مِن أرضِ الحِجازِ [1860] يُنظر: ((البداية والنهاية)) (9/ 299). .
3- قال ابنُ رَجَب: (هَذِه النَّارُ خَرَجَت مِن وادٍ بقُربِ مَدينةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سَنَةَ أربَعٍ وخَمسينَ وسِتِّمِائةٍ، واشتَهرَ أمرُها، وشُوهِدَ مِن ضَوئِها باللَّيلِ أعناقُ الإبلِ ببُصرَى، واستَفاضَ) [1861] يُنظر: ((مجموع رسائل ابن رجب)) (3/ 231). .
4- قال ابنُ حَجَرٍ: (الَّذي ظَهَرَ لي أنَّ النَّارَ المَذكورةَ في حَديثِ البابِ هيَ الَّتي ظَهَرَت بنواحي المَدينةِ كَما فهِمَه القُرطُبيُّ وغَيرُه [1862] يَظهر من وَصفِ المشاهِدين لهذه النار أنها كانت بركانًا هائلًا، صاحَبه زلازِلُ عظيمة. يُنظر: ((القيامة الصغرى)) لعمر الأشقر (ص: 153)، ((الموسوعة في الفتن والملاحم وأشراط الساعة)) لمحمد المبيّض (ص: 157). [1863] يُنظر: ((فتح الباري)) (13/79). .
5- قال السَّفارينيُّ: (اعلَمْ أنَّ أشراطَ السَّاعةِ وأماراتِها تَنقَسِمُ إلَى ثَلاثةِ أقسامٍ: قِسمٌ ظَهَرَ وانقَضَى، وهيَ الأماراتُ البَعيدةُ... «ومِنها» : نارُ الحِجازِ الَّتي أضاءَت مِنها أعناقُ الإبلِ ببُصرَى) [1864] يُنظر: ((لوامع الأنوار البهية)) (2/ 66). .
6- قال الشَّوكانيُّ: (قَد خَرَجَت هَذِه النَّارُ في الحِجازِ في بضعٍ وخَمسينَ وسِتِّمِائةٍ، وأضاءَت لَها أعناقُ الإبلِ ببُصرَى) [1865] يُنظر: ((إرشاد الثقات)) (ص: 50-53). .
7- قال ابنُ باز: (وقَعَت سَنَةَ 654 قَبلَ هَدْمِ بغداد بَسَنَتينِ) [1866] يُنظر: ((الحلل الإبريزية)) (4/ 404). .
8- قال ابنُ عُثَيمين: (مِن آياتِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ما وقَعَ مُطابقًا لِما أخبَرَ به صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن أمورِ الغَيبِ الَّتي وقَعَت في عَهدِه، وبَعدَه، ولِذلك أمثِلةٌ أيضًا:... المِثالُ الثَّاني: إخبارُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عَن ظُهورِ نارٍ في أرضِ الحِجازِ تُضيءُ لَها أعناقُ الإبلِ ببُصرَى... فقَد خَرَجَت هَذِه النَّارُ في جُمادَى الآخِرةِ سَنَةَ 654 هـ شَرقِيَّ المَدينةِ، فأقامَت نَحوًا مِن شَهرٍ، ومَلأت تِلكَ الأوديةَ، وشاهدَ النَّاسُ أعناقَ الإبلِ ببُصرَى، وهيَ بَلدةٌ بالشَّامِ) [1867] يُنظر: ((مجموع فتاوى ابن عثيمين)) (5/ 313). .

انظر أيضا: