الموسوعة العقدية

المَطْلَبُ الخامِسُ: من الأمورِ التي تفَرَّد بها الأنبياءُ: عدمُ توريثِ الأموالِ

عن أَبُي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقُولُ: ((لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ )) [854] أخرجه البخاري (6726)، ومسلم (1759) مُطَوَّلًا. .
وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عنها أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حِينَ تُوُفِّي رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أَرَدْنَ أَنْ يَبْعَثْنَ عُثْمَانَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ يَسْأَلْنَهُ مِيرَاثَهُنَّ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: أَلَيْسَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ ))؟ [855] أخرجه مُطَوَّلًا البخاري (6730) واللَّفظُ له، ومسلم (1758). .
قال ابنُ كثيرٍ: (من خصائِصِ الأنبياءِ أنَّهم لا يُورَثون، وما ذاك إلَّا لأنَّ الدُّنيا أحقَرُ عندهم من أن تكونَ مُخلَّفةً عنهم، ولأنَّ توكُّلَهم على اللهِ عَزَّ وجَلَّ في ذراريِّهم أعظَمُ وأشَدُّ وآكَدُ من أن يحتاجوا معه إلى أن يتركوا لورثتِهم من بعدهم مالًا يستأثِرون به عن النَّاسِ، بل يَكونُ جميعُ ما تركوه صَدَقةً لفُقراءِ النَّاسِ ومحاويجِهم وذوي خَلَّتِهم) [856] يُنظر: ((البداية والنهاية)) (3/97). .
وقال أبو العَّباسِ القُرطبيُّ: (فأمَّا طَلَبُ فاطِمةَ مِيراثَها من أبيها من أبي بكرٍ، فكان ذلك قبل أن تسمَعَ الحديثَ الذي دلَّ على خصوصيَّةِ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بذلك، وكانت متمَسِّكةً بما في كِتابِ اللهِ من ذلك، فلما أخبرها أبو بكرٍ بالحديثِ توقَّفَت عن ذلك، ولم تَعُدْ عليه بطَلَبٍ) [857] يُنظر: ((المفهم)) (3/563). .
وقال المناوي: (حِكْمَتُه ألَّا يتمَنَّى الوارِثُ مَوتَ نَبيٍّ؛ فيَهلِكَ، ولِئلَّا يُظَنَّ بهم الرغبةُ في الدُّنيا لموَرِّثِهم فيَهلِكَ الظَّانُّ، وينفرَ عنهم، ولأنَّهم أحياءٌ، ولأنَّه تعالى شرَّفهم بقَطْعِ حُظوظِهم من الدُّنيا، وما بأيديهم منها إنما هو عارِيَّةٌ وأمانةٌ ومَنفعةٌ لعيالِهم وأمَمِهم، وأما قَولُه تعالى: وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ فالمرادُ: إرثُ العِلْمِ، وكذا قَولُ زكريَّا: يَرِثُنِي، وقد كان ينفِقُ من مالِه ويتصَدَّقُ بفَضْلِه، ثُمَّ توُفِّيَ، فصنع الصِّدِّيقُ كفِعْلِه) [858] يُنظر: ((فيض القدير)) (5/29). .

انظر أيضا: