الموسوعة العقدية

المَطْلَبُ الخامِسُ: تفَرُّدُهم في المواهِبِ والقُدُراتِ

أُعطي الأنبياءُ والرُّسُلُ عليهم السَّلامُ عقولًا راجحةً، وذكاءً فَذًّا، وبيانًا واضحًا، وبديهةً حاضرةً، وغيرَ ذلك من المواهِبِ والقُدُراتِ التي لا بدَّ منها لتحَمُّلِ الرِّسالةِ، ثُمَّ إبلاغِها ومتابعةِ الذين تقبَّلوها بالتوجيهِ والتربيةِ [829] يُنظر: ((الرسل والرسالات)) لعمر الأشقر (ص: 83). .
ومن ذلك أنَّهم كانوا يفحِمون المعارِضين لدعوةِ الحَقِّ؛ فقد أسكت إبراهيمُ عليه السَّلامُ خَصْمَه، كما قال اللهُ تعالى معقِّبًا على محاجَّةِ إبراهيمَ للمَلِكِ الذي ادَّعى القدرةَ على الإحياءِ والإماتةِ: فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [البقرة: 258] .
وقال اللهُ مُعَقِّبًا على محاجَّةِ إبراهيمَ لِقَومِه: وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ [الأنعام: 83] .
وموسى عليه السَّلامُ كان يجيبُ فِرعَونَ حتى انقطع، فانتقل فِرعَونُ إلى التهديدِ بالقُوَّةِ، كما قال اللهُ عَزَّ وجَلَّ: قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِن كُنتُمْ مُوقِنِينَ قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الأوَّلِينَ قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِيَ أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لأجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ [الشعراء: 23-29] .
قال ابنُ قاسم: (اللهُ سُبحانَه وتعالى أعلَمُ حيث يجعَلُ رسالتَه أصلًا وميراثًا؛ فليس كُلُّ أحدٍ أهلًا ولا صالحًا لتحَمُّلِ رسالتِه، بل لها مَحالُّ مخصوصةٌ لا تليقُ إلَّا بها، ولا تصلُحُ إلَّا لها، واللهُ أعلَمُ بهذه المحالِّ منكم، ولكن جَرَت عادةُ اللهِ في إرسالِ الرُّسُلِ أنَّه لم يبعَثْ نَبِيًّا ولا رسولًا إلَّا رجلًا حُرًّا قَوِيًّا في أشرَفِ مَنسَبِ أمَّتِه، حَسَنَ الخَلقِ والخُلُقِ لِيَسهُلَ عليه تحمُّلُ الخَلقِ، من أشرَفِ أفرادِ النوعِ الإنسانيِّ؛ مِن كمالِ العَقلِ، والذَّكاءِ، والفِطنةِ، وقُوَّةِ الرَّأي. قال تعالى: اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ [الحج: 75] ) [830] يُنظر: ((حاشية الدرة المضية)) (ص: 100). .

انظر أيضا: