الموسوعة العقدية

المَطْلَبُ الرابعُ: أنَّهم أحرارٌ بَعيدونَ عن الرِّقِّ

من صِفاتِ الكَمالِ أنَّ الأنبياءَ والرُّسُلَ عليهم السَّلامُ لا يَكونُون عبيدًا أرِقَّاءَ.
قال السفاريني: (الرِّقُّ وَصفُ نَقصٍ لا يليقُ بمقامِ النُّبُوَّةِ، والنَّبِيُّ يَكونُ داعيًا للنَّاسِ آناءَ اللَّيلِ وأطرافَ النَّهارِ، والرَّقيقُ لا يتيسَّرُ له ذلك، وأيضًا الرِّقِّيَّةُ وصفُ نَقصٍ يأنَفُ النَّاسُ ويَستَنكِفون من اتِّباعِ من اتَّصَف بها، وأن يَكونَ إمامًا لهم وقُدوةً) [824] يُنظر: ((لوامع الأنوار البهية)) (2/265). .
وقال ابنُ عُثَيمين: (الرَّقيقُ هو المملوكُ العبدُ الذي يُباعُ ويُشترى، فهذا لا يَكونُ نَبِيًّا ولا رسولًا؛ وذلك لأنَّ الرِّقَّ وَصفٌ نازِلٌ عن الحريَّةِ، فالرقيقُ مملوكٌ يَملِكُه سَيِّدُه، يُباع ويُشترى ويُستخدَمُ، فلا يمكِنُ أن يَكونَ هذا قائِدًا؛ لأنَّه هو نَفْسَه مملوكٌ مَقُودٌ، فكيف يَكونُ قائدًا؟ إذًا لا بدَّ أن يَكونَ النَّبِيُّ حُرًّا... فإن قيل: إنَّ يُوسُفَ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ بِيعَ مملوكًا عند عزيزِ مِصرَ؟ فالجوابُ: أنَّ يُوسُفَ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ نُبِّئَ بعد السَّجنِ.
فإذا قال قائِلٌ: ما تقولون في قَولِه تعالى عن يوسُفَ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا [يوسف: 15] ، يعني جاءه الوَحيُ قبل السِّجنِ؟ فالجواب: أنَّ الضميرَ يعودُ على أبيه يعقوبَ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ) [825] يُنظر: ((شرح العقيدة السفارينية)) (ص:521). .
والقَولُ بعَودِ الضَّميرِ في الآيةِ السَّابقةِ على يعقوبَ عليه السَّلامُ هو قَولُ بَعضِ المفَسِّرين [826] يُنظر: ((تفسير القرطبي)) (9/143). ، وأمَّا على القَولِ الآخَرِ، وهو أنَّ الضميرَ عائِدٌ على يوسُفَ عليه السَّلامُ [827] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (13/31)، ((تفسير ابن الجوزي)) (2/419)، ((تفسير القرطبي)) (9/142). ، فيُقالُ: إنَّ الرِّقَّ كان عارِضًا على سبيلِ الابتلاءِ، وليس هو الأصلَ، وقد كشف اللهُ ما به وأزاله عنه وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ [يوسف: 56] [828] يُنظر: ((الرسل والرسالات)) لعمر الأشقر (ص: 82). .

انظر أيضا: