الموسوعة العقدية

المبحثُ الثالثُ: من قَواعِدِ الرَّدِّ على المُخالِفينَ: عدمُ بَترِ الدَّليلِ والاستِدلالِ بجُزءٍ منه

شَأنُ أهلِ الابتِداعِ الاستِدلالُ بجُزءٍ من الدَّليلِ حتَّى يَجِدوا من الكَلِماتِ الشَّرعيَّةِ ما يُسَوِّغ لهم بِدْعتَهم، ويجعَلُها تَرُوجُ عند ضُعَفاءِ المُسلِمينَ.
قال مُحَمَّدُ بنُ كَعبٍ القُرَظيُّ: (لا تُخاصِموا هذه القَدَريَّةَ ولا تجالِسوهم، والذي نفسي بيَدِه لا يجالِسُهم رجلٌ لم يجعَلِ اللهُ له فِقهًا في دينِه، ولا عِلمًا في كتابِه، إلَّا أمرضوه، والذي نفسُ مُحَمَّدٍ بيَدِه لوَدِدْتُ أنَّ يميني هذه تُقطَعُ على كِبَرِ سِنِّي، وأنهم أتمُّوا آيةً من كِتابِ اللهِ عزَّ وجَلَّ، ولكِنَّهم يأخُذونَ بأوَّلِها ويترُكونَ آخِرَها، ويأخُذونَ بآخِرِها ويترُكونَ أوَّلَها، والذي نفسي بيَدِه لَإبليسُ أعلَمُ باللهِ تعالى منهم؛ يَعلَمُ مَن أغواه، وهم يَزعُمونَ أنَّهم يُغوون أنفُسَهم ويُرشِدونَها!) [208] يُنظر: ((الشريعة)) للآجري (2/899). .
ولَمَّا احتَجَّ غيلانُ الدِّمشقيُّ عند عُمَرَ بنِ عبدِ العزيزِ على مقالتِه في القَدَرِ بقَولِه تعالى: إِنَّا خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا * إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا [الإنسان: 2-3] قال له عُمَرُ: (اقرأ آخِرَ السُّورةِ: وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا * يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا [الإنسان: 30، 31] ثمَّ قال: ما تقولُ يا غيلانُ؟ قال: أقولُ: قد كنتُ أعمى فبصَّرْتَني، وأصَمَّ فأسمَعْتَني، وضالًّا فهَدَيْتَني فتاب، ثم رَجَع إلى مقالتِه في عَهدِ هِشامِ بنِ ِعبد المَلِك؛ فصَلَبه [209] يُنظر: ((الشريعة)) للآجري (2/918). .

انظر أيضا: