الموسوعة العقدية

المَطْلَبُ السَّادِسُ: الإيمانُ بمُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم

وذلك يَتضَمَّنُ الإيمانَ بأنَّه خاتَمُ النَّبِيِّينَ وأنَّ رِسالتَه لجَميعِ العالَمينَ.
قال اللهُ تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ [سبأ: 28] .
وقال اللهُ سُبحانه: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [الأعراف: 158] .
وقال اللهُ عَزَّ وجَلَّ: مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا [الأحزاب: 40] .
قال الطحاويُّ: (إنَّ مُحَمَّدًا عَبدُه المصطفى، ونبيُّه المُجتبى، ورَسولُه المُرتَضى، وإنَّه خاتَمُ الأنبياءِ، وإمامُ الأتقياءِ، وسَيِّدُ المُرْسَلينَ، وحَبيبُ رَبِّ العالَمينَ، وكُلُّ دعوى النُّبُوَّةِ بعده فغَيٌّ وهَوًى، وهو المبعوثُ إلى عامَّةِ الجِنِّ وكافَّةِ الوَرى بالحَقِّ والهُدى، وبالنُّورِ والضِّياءِ) [441] يُنظر: ((متن الطحاوية)) (ص: 38). .
وقال ابنُ أبي زيدٍ القيرواني: (ختم الرِّسالةَ والنِّذارةَ والنُّبُوَّةَ بمُحَمَّدٍ نبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فجعله آخِرَ المُرْسَلين، بشيرًا ونذيرًا وداعيًا إلى اللهِ بإذْنِه وسِراجًا مُنيرًا، وأنزل عليه كِتابَه الحكيمَ، وشرح به دينَه القويمَ، وهدى به الصِّراطَ المُستقيمَ) [442] يُنظر: ((عقيدة السلف - مقدمة ابن أبي زيد القيرواني لكتابه الرسالة)) (ص: 58). .
وقال عبدُ القاهِرِ البَغداديُّ: (كُلُّ من أقَرَّ بنُبُوَّةِ نبيِّنا مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أقَرَّ بأنَّه خاتَمُ الأنبياءِ والرُّسُلِ، وأقَرَّ بتأبيدِ شَريعتِه، ومنع مِن نَسْخِها، وقال: إنَّ عيسى عليه السَّلامُ إذا نزل من السَّماءِ يَنزِلُ بنُصرةِ شَريعةِ الإسلامِ، ويُحيي ما أحياه القرآُن، ويُميتُ ما أماته القرآنُ... وقد تواترت الأخبارُ عنه بقَولِه: «لا نَبيَّ بعدي»، ومن رَدَّ حُجَّةَ القرآنِ والسُّنَّةِ فهو الكافِرُ) [443] يُنظر: ((أصول الإيمان)) (ص: 131). .
وقال ابنُ أبي يَعلى: (الإيمانُ بأنَّ مُحَمَّدًا نبيَّنا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خاتَمُ النَّبِيِّين، وسَيِّدُ المُرْسَلين، وإمامُ المتَّقِين، ورَسولُ رَبِّ العالَمين، بعثه إلينا وإلى الخَلقِ أجمعين، وهو سَيِّدُ وَلَدِ آدمَ، وأوَّلُ من تنشَقُّ عنه الأرضُ، فآدَمُ ومَن دُونَه تحت لوائِه، الشَّاهِدُ لكُلِّ نَبيٍّ، والشَّاهِدُ على كُلِّ أُمَّةٍ، أخذ اللهُ تعالى ميثاقَ الأنبياءِ بالإيمانِ والبِشارةِ به، ووَصْفِه، وتِبيانِه في كُتُبِهم، مع ما اختَصَّه اللهُ به من قَبْلِ النُّبُوَّةِ وبَعْدَها من الآياتِ المُعْجِزاتِ الباهِراتِ) [444] يُنظر: ((الاعتقاد)) (ص: 35). .
وقال عبدُ الغَنِيِّ المَقْدِسيُّ: (نعتَقِدُ أنَّ مُحَمَّدًا المصطفى خيرُ الخلائِقِ، وأفضَلُهم وأكرَمُهم على اللهِ عَزَّ وجَلَّ، وأعلاهم درجةً، وأقرَبُهم إلى اللهِ وسيلةً، بعثه اللهُ رحمةً للعالَمين، وخَصَّه بالشَّفاعةِ في الخَلقِ أجمعين) [445] يُنظر: ((الاقتصاد في الاعتقاد)) (ص: 196). .
وقال ابنُ قُدامةَ: (من أقَرَّ برسالةِ مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وأنكر كونَه مبعوثًا إلى العالَمين، لا يَثبُتُ إسلامُه حتى يشهَدَ أنَّ مُحَمَّدًا رسولُ اللهِ إلى الخَلقِ أجمعيَن، أو يتبرَّأَ مع الشَّهادتينِ مِن كُلِّ دينٍ يُخالِفُ الإسلامَ) [446] يُنظر: ((المغني)) (12/288). .
وقال أبو العبَّاسِ القُرطبيُّ مُقَرِّرًا أنَّه لا يَسَعُ أحدًا أن يَدِينَ بغيرِ دِينِ النَّبِيِّ مُحَمَّد صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (كُلُّ نَصرانيٍّ بَلَغه أمْرُ نَبيِّنا وشَرْعُنا فلم يُؤمِنْ به، لم تنفَعْه نصرانيَّتُه؛ لأنَّه قد ترك ما أُخِذ عليه من العَهدِ في شَرْعِه؛ ولذلك قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((والذي نفسي بيَدِه لا يَسمَعُ بي أحَدٌ مِن هذه الأُمَّةِ؛ يهودِيٌّ، ولا نصرانيٌّ، ثمَّ يموتُ ولم يُؤمِنْ بالذي أُرسِلْتُ به إلَّا كان من أصحابِ النَّارِ )) [447] أخرجه مسلم (153) باختلافٍ يسيرٍ من حديثِ أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه. [448] يُنظر: ((المفهم)) (7/ 162). .
وقال النَّسَفيُّ في تفسيرِ قَولِه تعالى: تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا [الفرقان: 1] : (لِلْعَالَمِينَ: للجِنِّ والإنسِ، وعُمومُ الرِّسالةِ مِن خصائِصِه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ) [449] يُنظر: ((مدارك التنزيل وحقائق التأويل)) (2/524). .
وقال ابنُ كثيرٍ: (من رحمةِ اللهِ تعالى بالعبادِ إرسالُ مُحَمَّدٍ صَلَواتُ اللهِ وسَلامُه عليه إليهم، ثمَّ من تشريفِه لهم خَتمُ الأنبياءِ والمُرْسَلين به، وإكمالُ الدِّينِ الحنيفِ له. وقد أخبر تعالى في كِتابِه، ورَسولُه في السُّنَّةِ المتواتِرةِ عنه: أنَّه لا نَبيَّ بعده) [450] يُنظر: ((تفسير ابن كثير)) (6/430). .
وقال محمودٌ الألوسيُّ: (كَونُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خاتَمَ النَّبِيِّينَ مِمَّا نطق به الكِتابُ، وصَدَعت به السُّنَّةُ، وأجمعت عليه الأُمَّةُ؛ فيَكفُرُ مُدَّعِي خِلافِه، ويُقتَلُ إن أصَرَّ) [451] يُنظر: ((تفسير الألوسي)) (11/ 219). .
وقال ابنُ عاشور في تفسيرِ قَولِه تعالى: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا: (تأكيدُ ضَميرِ المُخاطَبينَ بوَصفِ جَمِيعًا الدَّالِّ نَصًّا على العُمومِ؛ لرَفعِ احتِمالِ تخصيصِ رسالتِه بغَيرِ بني إسرائيلَ، فإنَّ مِنَ اليَهودِ فَريقًا كانوا يَزعُمون أنَّ مُحَمَّدًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نبيٌّ، ويزعمون أنَّه نَبيُّ العَرَبِ خاصَّةً) [452] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (9/139). .
ويَتضَمَّنُ الإيمانُ بمُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تصديقَه واتِّباعَ ما جاء به من الشَّرائعِ إجمالًا وتفصيلًا.
قال أبو العَبَّاسِ الفَضلُ بنُ زيادٍ: (سَمِعتُ أبا عبدِ اللهِ أحمدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ حَنبَلٍ يقولُ: نظَرْتُ في المصحَفِ فوجَدْتُ فيه طاعةَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في ثلاثةٍ وثلاثين مَوضِعًا، ثمَّ جعل يتلو: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [النور: 63] ، وجَعَل يُكَرِّرُها، ويقولُ: وما الفِتنةُ؟ الشِّرْكُ! لعَلَّه أن يَقَعَ في قَلْبِه شَيءٌ مِنَ الزَّيغِ فيَزيغَ، فيُهلِكَه، وجعل يتلو هذه الآيةَ: فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ [النساء: 65] . وقال: وسمعتُ أبا عبدِ اللهِ يقولُ: من رَدَّ حديثَ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فهو على شَفَا هَلَكةٍ) [453] يُنظر: ((الإبانة الكبرى)) لابن بطة (1/ 260). .
وقال مُحَمَّدُ بنُ نَصرٍ المَرْوَزِيُّ في تفسيرِ حَديثِ جِبريلَ عليه السَّلامُ في أركانِ الإيمانِ: (... وتؤمِنَ بمُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وإيمانُك به غيرُ إيمانِك بسائِرِ الرُّسُلِ؛ إيمانُك بسائِرِ الرُّسُلِ إقرارُك بهم، وإيمانُك بمُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إقرارُك به وتصديقُك إيَّاه، واتِّباعُك ما جاء به، فإذا اتَّبَعْتَ ما جاء به أدَّيتَ الفرائِضَ، وأحلَلْتَ الحلالَ، وحَرَّمْتَ الحرامَ، ووَقَفْتَ عند الشُّبُهاتِ، وسارعْتَ في الخيراتِ) [454] يُنظر: ((تعظيم قدر الصلاة)) (1/393). .
وقال أبو الحَسَنِ الأشعريُّ في قَولِه تعالى: إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا [النور: 51] : (أمرهم أن يَسمَعوا قَوْلَه، ويُطيعوا أَمْرَه، ويَحذَروا مخالفَتَه، وقال: وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ [المائدة: 92] ، فأمرهم بطاعةِ رَسولِه كما أمرهم بطاعتِه، ودعاهم إلى التمَسُّكِ بسُنَّةِ نبيِّه كما أمرهم بالعَمَلِ بكِتابِه) [455] يُنظر: ((الإبانة عن أصول الديانة)) (ص: 12). .
وقال ابنُ تَيمِيَّةَ: (معلومٌ أنَّ أصلَ الإيمانِ هو الإيمانُ باللهِ ورسولِه، وهو أصلُ العِلْمِ الإلهيِّ... لا يَتِمُّ الإيمانُ باللهِ بدونِ الإيمانِ به، ولا تحصُلُ النَّجاةُ والسَّعادةُ بدُونِه؛ إذ هو الطَّريقُ إلى اللهِ سُبحانَه؛ ولهذا كان رُكْنا الإسلامِ: "أشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وأشهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبدُه ورَسولُه" ومعلومٌ أنَّ الإيمانَ هو الإقرارُ لا مجرَّدُ التصديقِ، والإقرارُ ضِمْنَ قَولِ القَلبِ الذي هو التصديقُ. وعَمَلُ القَلبِ الذي هو الانقيادُ تصديقُ الرَّسولِ فيما أخبر، والانقيادُ له فيما أمر، كما أنَّ الإقرارَ باللهِ هو الاعترافُ به والعبادةُ له) [456] يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) (7/638). .
وقال أيضًا في معنى شهادةِ أنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللهِ: (الأصلُ الثَّاني: حَقُّ الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فعلينا أن نؤمِنَ به ونُطيعَه، ونتَّبِعَه، ونُرْضِيَه، ونُحِبَّه، ونُسَلِّمَ لحُكْمِه، وأمثالُ ذلك، قال تعالى: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ، وقال تعالى: وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ [التوبة: 62] ، وقال تعالى: قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ [التوبة: 24] ، وقال تعالى: فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [النساء: 65] ، وقال تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ [آل عمران: 31] ، وأمثالَ ذلك) [457] يُنظر: ((التدمرية)) (ص: 206). .
وقال أيضًا: (نحن نعلَمُ يقينًا بالاضطرارِ مِن دينِ الإسلامِ أنَّ مُحَمَّدًا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أوجب اللهُ تعالى علينا طاعتَه فيما أمر، وتصديقَه فيما أخبر، ولم يأمُرْ بطاعةِ غَيرِه) [458] يُنظر: ((الصفدية)) (ص: 258). .
وقال أيضًا: (مِمَّا يَجِبُ أن يُعلَمَ: أنَّ اللهَ بعث مُحَمَّدًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى جميعِ الإنسِ والجِنِّ، فلم يَبْقَ إنسِيٌّ ولا جِنِّيٌّ إلَّا وجب عليه الإيمانُ بمُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم واتِّباعُه، فعليه أن يُصَدِّقَه فيما أخبر، ويُطيعَه فيما أمر، ومن قامت عليه الحُجَّةُ برسالتِه فلم يُؤمِنْ به، فهو كافِرٌ، سواءٌ كان إنسِيًّا أو جِنِّيًّا. ومُحَمَّدٌ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مبعوثٌ إلى الثَّقَلَينِ باتِّفاقِ المُسلِمين) [459] يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) (11/303). .
وقال ابنُ أبي العز: (أمَّا الإيمانُ بمُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: فتصديقُه واتِّباعُ ما جاء به من الشَّرائعِ إجمالًا وتفصيلًا) [460] يُنظر: ((شرح الطحاوية)) (2/ 424). .
وقال مُحَمَّد بنُ عبدِ الوَهَّابِ: (معنى شهادةِ أنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: طاعتُه فيما أمر، وتصديقُه فيما أخبر، واجتنابُ ما عنه نهى وزَجَر، وألَّا يُعبَدَ اللهُ إلَّا بما شَرَع) [461] يُنظر: ((ثلاثة الأصول)) (مطبوع ضمن مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء الأول) (ص: 190). .
وقال السَّعْديُّ: (إنَّ مِنَ العَدلِ القيامَ بحُقوقِ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ من الإيمانِ به ومحبَّتِه، وتقديمِها على محبَّةِ الخَلقِ كُلِّهم، وطاعتِه، وتوقيرِه، وتبجيلِه، وتقديمِ أمْرِه وقَولِه على أمرِ غَيرِه وقَولِه. ومِنَ الظُّلمِ العَظيمِ: أن يُخِلَّ العَبدُ بشَيءٍ مِن حُقوقِ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الذي هو أَولى بالمُؤمِنين من أنفُسِهم، وأرحَمُ بهم وأرأفُ بهم من كُلِّ أحدٍ مِنَ الخَلقِ) [462] يُنظر: ((بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار)) (ص: 45). .
وقال حافِظٌ الحَكَميُّ في بيانِ معنى شهادةِ أنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (هو التصديقُ الجازمُ منِ صميمِ القَلبِ، المواطِئِ لقَولِ اللِّسانِ، بأنَّ مُحَمَّدًا عَبدُه ورَسولُه إلى كافَّةِ النَّاسِ؛ إنسِهم وجِنِّهِم، شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا [الأحزاب: 45-46] ، فيَجِبُ تصديقُه في جميعِ ما أخبر به من أنباءِ ما قد سبق، وأخبارِ ما سيأتي، وفيما أحَلَّ من حلالٍ، وحَرَّم من حرامٍ، والامتثالُ والانقيادُ لِما أمر به، والكَفُّ والانتهاءُ عما نهى عنه، واتِّباعُ شريعتِه، والتزامُ سُنَّتِه في السِّرِّ والجَهرِ، مع الرِّضا بما قضاه، والتسليمِ له، وأنَّ طاعتَه هي طاعةُ اللهِ، ومَعصِيَتَه معصيةُ اللهِ؛ لأنَّه مُبَلِّغٌ عن اللهِ رسالتَه، ولم يتوَفَّه اللهُ حتى أكمَلَ به الدِّينَ، وبَلَّغ البلاغَ المُبِينَ، وتَرَك أمَّتَه على المحَجَّةِ البَيضاءِ، لَيْلُها كنهارِها، لا يَزِيغُ عنها بَعْدَه إلَّا هالِكٌ) [463] يُنظر: ((أعلام السنة المنشورة)) (ص: 14). .

انظر أيضا: