الموسوعة العقدية

المطلبُ التاسعُ: التحذيرُ مِنَ الدَّجَّالِ

عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَا بُعِثَ نَبِيٌّ إِلَّا أَنْذَرَ أُمَّتَهُ الأَعْوَرَ الْكَذَّابَ)) [123] أخرجه مُطَوَّلًا البخاري (7131) واللَّفظُ له، ومسلم (2933) باختلافٍ يسيرٍ. .
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ ذَكَرَ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ فَأَطْنَبَ فِي ذِكْرِهِ وَقَالَ: ((مَا بَعَثَ اللَّهُ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَنْذَرَ أُمَّتَهُ، أَنْذَرَهُ نُوحٌ وَالنَّبِيُّونَ مِنْ بَعْدِهِ )) [124] أخرجه البخاري (4402) مُطَوَّلًا. .
قال ابنُ العربيِّ: (إنذارُ الأنبياءِ مِن نوحٍ إلى مُحَمَّدٍ عليه السَّلامُ بأمرِ الدَّجَّالِ؛ تحذيرًا للقُلوبِ من الفِتَنِ وطُمأنينةً لها؛ حتى لا يُزعزِعَ عن حُسنِ الاعتقادِ ما يطرَأُ عليها دونَ ذلك مِنَ الفِتَنِ) [125] يُنظر: ((عارضة الأحوذي)) (9/ 62). .
وقال ابنُ حَجَرٍ: (قد استُشكِلَ إنذارُ نوحٍ قَومَه بالدَّجَّالِ مع أنَّ الأحاديثَ قد ثبتت أنَّه يَخرُجُ بعد أمورٍ ذُكِرَت وأنَّ عيسى يقتُلُه بعد أن يَنزِلَ من السَّماءِ فيَحكُمَ بالشريعةِ المُحَمَّديةِ. والجوابُ: أنَّه كان وقتُ خُروجِه أُخفِيَ على نوحٍ ومَن بَعْدَه، فكأنَّهم أَنذَروا به ولم يُذكَرْ لهم وقتُ خُروجِه، فحَذَّروا قومَهم مِن فِتْنَتِه، ويؤيِّدُه قَولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في بعضِ طُرُقِه: «إنْ يخرُجْ وأنا فيكم فأنا حَجِيجُه» [126] أخرجه مسلم (2937) مُطَوَّلًا من حَديثِ النوَّاسِ بن سَمعانَ رَضِيَ اللهُ عنه. فإنَّه محمولٌ على أنَّ ذلك كان قبل أن يتبيَّنَ له وقتُ خُروجِه وعلاماتُه، فكان يجوزُ أن يخرُجَ في حياتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ثمَّ بُيِّنَ له بعد ذلك حالُه ووقتُ خروجِه، فأخبر به، فبذلك تجتَمِعُ الأخبارُ) [127] يُنظر: ((فتح الباري)) (13/ 95). .

انظر أيضا: