الموسوعة العقدية

المَبحَثُ السَّادِسُ: انتِسابُهم وأوطانُهم

في الجِنِّ قَبائِلُ وأقوامٌ كما هوَ الشَّأنُ لَدى الإنسِ.
قال اللهُ تعالى حِكايةً عَنِ الجِنِّ الَّذينَ استَمَعوا القُرآنَ مِنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ [الأحقاف: 31] .
قال ابنُ عَطِيَّةَ: (المَعنى: قال هَؤُلاءِ المُنذِرونَ لَمَّا بَلَّغوا قَومَهم: يا قَومَنا إنَّا سَمِعْنا كِتابًا وهوَ القُرآنُ العَظيمُ) [4408] يُنظر: ((تفسير ابن عطية)) (5/ 105). .
وقال اللهُ تعالى: إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ.
قال ابنُ عاشور: (ذِكرُ القَبيلِ، وهوَ بمَعنى القَبيلةِ، للدَّلالةِ على أنَّ لَه أنصارًا يَنصُرونَه على حين غَفلةٍ مِنَ النَّاسِ) [4409] ينظر: ((تفسير ابن عاشور)) (8/ 79). .
وبَعضُ الجِنِّ يَنتَسِبونَ إلى أماكِنَ وأوطانٍ.
ومن ذلك النَّفرُ مِنَ الجِنِّ الَّذينَ قدِموا على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم من نَصيبِينَ.
فعَن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عَنه أنَّه كانَ يَحمِلُ مَعَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إدواةً لوُضوئِهِ وحاجَتِهِ، فبَينَما هوَ يَتبَعُه بها فقال: ((من هَذا؟ فقال: أنا أبو هُريرةَ، فقال: أبغِني أحجارًا أستَنفِضُ بها، ولا تَأتِني بعَظمٍ ولا بِرَوْثةٍ، فأتَيتُه بأحجارٍ أحمِلُها في طَرَفِ ثَوبي حَتَّى وضعْتُها إلى جَنبِهِ، ثُمَّ انصَرَفْتُ، حَتَّى إذا فرَغَ مَشَيتُ فقُلتُ: ما بالُ العَظمِ والرَّوْثةِ؟! قال: هُما من طَعامِ الجِنِّ، وإنَّه أتاني وفدُ جِنِّ نَصيبِينَ، ونِعْمَ الجِنُّ! فسَألوني الزَّادَ، فدَعَوتُ اللهَ لَهم ألَّا يَمُرُّوا بعَظمٍ ولا بِرَوثةٍ إلَّا وجَدوا عليها طعمًا )) [4410] رواه البخاري (3860). قال ابن حَجَر: (نَصِيبينُ: بَلدةٌ مشهورة بالجزيرةِ، ووقع في كلام ابن التين أنها بالشَّامِ، وفيه تجوُّزٌ؛ فإن الجزيرةَ بين الشَّامِ والعِراقِ) ((فتح الباري)) (7/172).  .

انظر أيضا: