الموسوعة العقدية

المَطْلَبُ الأوَّلُ: من صِفاتِ الجِنِّ أنَّهم يَتَناكَحونَ ويَتَناسَلون

قال اللهُ تعالى: أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ [الكهف: 50] .
قال الشَّعبيُّ: (سَألَني رَجُلٌ: هَل لإبليسَ زَوجةٌ؟ فقُلتُ: إنَّ ذلك عُرْسٌ لَم أشهَدْه، ثُمَّ ذَكَرتُ قَولَه تعالى: أَفتَتَّخِذُونَه وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي [الكهف:50] ، فعَلِمتُ أنَّه لا تَكونُ ذُرِّيَّةٌ إلَّا من زوجةٍ، فقُلتُ: نَعَم) [4274] يُنظر: ((تفسير البغوي)) (3/ 198)، ((تفسير القرطبي)) (10/ 420). .
 وعَنِ الحَسَن البَصْريِّ أنَّه ذَكَرَ هذه الآيةَ وقال: (هم يَتَوالَدونَ كما يَتَوالَدُ بنو آدَم) [4275] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (1/540).         .
قال ابن حجر الهيتمي: (هَذا يَدُلُّ على أنَّهم يَتَناكَحونَ لأجلِ الذُّرِّيَّةِ) [4276] يُنظر: ((الفتاوى الحديثية)) (ص: 50).        .
وقال الألوسيُّ: (الظَّاهِرُ أنَّ المُرادَ مِنَ الذُّرِّيَّةِ: الأولادُ، فتَكونُ الآيةُ دالَّةً على أنَّ لَه أولادًا... وعَن قَتادةَ: أنَّه يَنكِحُ ويَنسِلُ كما يَنكِحُ ويَنسِلُ بنو آدَم) [4277] يُنظر: ((تفسير الألوسي)) (8/278).                        .
وقال اللهُ سُبحانَه: لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ [الرحمن: 56].
قال الرَّازي: (ما الفائِدةُ في ذِكرِ الجانِّ مَعَ أنَّ الجانَّ لا يُجامِعُ؟ نَقولُ: لَيسَ كذلك، بَلِ الجِنُّ لَهم أولادٌ وذُرِّيَّاتٌ، وإنَّما الخِلافُ في أنَّهم هَل يواقِعونَ الإنسَ أم لا؟ والمَشهورُ أنَّهم يواقِعونَ) [4278] يُنظر: ((تفسير الرازي)) (29/ 376).        .
وقال ابن حجر الهيتمي: (هَذا يَدُلُّ على أنَّه يَتَأتَّى مِنهُمُ الطَّمثُ وهوَ الجِماعُ والِافتِضاضُ) [4279] يُنظر: ((الفتاوى الحديثية)) (ص: 50).        .
وقال اللهُ عَزَّ وجَلَّ: وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا [الجن: 6] .
وعَن عَبَدِ العَزيزِ بن صُهَيبٍ قال: سَمِعتُ أنسًا يَقولُ: كانَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا دَخَلَ الخَلاءَ قال: ((اللَّهُمُ إنِّي أعوذُ بكَ مِنَ الخُبثِ والخَبائِثِ )) [4280] رواه البخاري (142) واللَّفظُ له، ومسلم (375). .
قال ابنُ حَجَرٍ: (الخُبثُ جَمعُ خَبيثٍ، والخَبائِثُ جَمعُ خَبيثةٍ، يُريدُ: ذُكْرانَ الشَّياطينِ وإناثَهم، قاله الخَطابي وابنُ حِبَّانَ وغَيرُهُما) [4281] يُنظر: ((فتح الباري)) (1/243). .
فذلك يَدُلُّ بوُضوحٍ على أنَّ في الجِنِّ ذُكْرانًا وإناثًا، وهوَ يَقتَضي الجِماعَ والتَّناسُلَ [4282] يُنظر: ((عالم الجن في ضوء الكتاب والسنة)) لعبد الكريم عبيدات (ص: 42). .

انظر أيضا: