الموسوعة العقدية

المَبحَثُ الرَّابِعُ: مَوقِفُ أهلِ السُّنَّةِ والجَماعةِ من التَّكييفِ

التَّكييفُ: هو أن تُذكَرَ كيفيَّةُ الصِّفةِ.
ولفظةُ (تكييفٍ): لم تَرِدْ في الكِتابِ والسُّنَّةِ، لكِنْ ورد ما يدُلُّ على النَّهيِ عنها.
وليس المرادُ ألَّا نعتَقِدَ لصفاتِ اللهِ كيفيَّةً ما، بل يجِبُ أن نعتَقِدَ لها كيفيَّةً، ولكِنَّ المنفيَّ عِلمُنا بتلك الكيفيَّةِ؛ فاستواءُ اللهِ على العَرْشِ له كيفيَّةٌ ونزولُه إلى السَّماءِ الدُّنيا، وغَيرُها مِنَ الصِّفاتِ الفِعليَّةِ لها كيفيَّةٌ لا تُعلَمُ.
فأهلُ السُّنَّةِ والجَماعةِ لا يكَيِّفون صفاتِ اللهِ، مُستَنِدينَ في ذلك إلى أدِلَّةٍ؛ منها:
عمومُ قَولِه تعالى: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ [الأعراف: 33] .
فإذا جاء رجلٌ وقال: إنَّ الله استوى على العرشِ، ووصف كيفيَّةً معيَّنةً، فقد قال على الله ما لا يَعلَم؛ فاللهُ أخبَرَنا بأنَّه استوى، ولكِنْ لم يُطلِعْنا على كيفيَّةِ استوائِه.
وثمَّةَ دليلٌ عقليٌّ، وهو أنَّ كيفيَّةَ الشَّيءِ لا تُدرَكُ إلَّا بأحدِ أُمورٍ ثلاثةٍ: مشاهدتِه، أو مشاهدةِ نظيرِه، أو خبرِ الصَّادِقِ عنه [171] يُنظر: ((شرح العقيدة الواسطية)) لابن عثيمين (1/97). .
عن يحيى بن يحيى،  قال: كنَّا عند مالكِ بنِ أنَسٍ، فجاء رجلٌ، فقال: يا أبا عبدِ اللهِ، الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه: 5] ، كيف استوى؟ قال: فأطرَقَ مالكٌ رأسَه، حتى علاه الرُّحَضاءُ [172] الرُّحَضاءُ: هي: عَرَقٌ غزيرٌ يَغسِلُ الجِلدَ؛ لكثرتِه، وكثيرًا ما تُستعمَلُ هذه الكلمةُ في عَرَقِ الحُمَّى والمرضِ. يُنظر: ((النهاية)) لابن الأثير (2/208).  ، ثم قال: (الاستواءُ غيرُ مجهولٍ، والكيفُ غيرُ مَعقولٍ، والإيمانُ به واجِبٌ، والسُّؤالُ عنه بدعةٌ) [173] يُنظر: ((الاعتقاد)) للبيهقي (ص: 117). .

انظر أيضا: